يقول الشيخ عمر بن سعيد الفوتي :
«ألّف ( الله تعالى ) بين الأشكال بالتجانس والاستئناس لأنهم من مصدر فطرة
قوله خَلَقْتُ بِيَدَيَّ (1) .
وألّف بين الأرواح بالتجانس والاستئناس من جهة الفطرة الخاصة من قوله : { وَنَفَخْتُ فيهِ مِنْ روحي }(2).
وألّف بين القلوب بمعاينة الصفة لها بإشارة قوله :بين إصبعين من أصابع الرحمن (3).
وألّف بين العقول بتجانسها من أصل فطرتها التي قيل فيها : العقل أول ما صدر من الباري …
وألّف بين الأسرار بمطالعة الأنوار ، واتصال الأنوار بها من الغيب قبل أن يشاهدوا أنوار الغيوب بموافقة الأشباح من حيث تجانس مقاماتها في الطاعات ، ورؤية الآيات ، والظفر بالكرامات ، وموافقة الأرواح بائتلافها ، ومجانسة مقاماتها في المشاهدات ، وسلوكها في مسالك المراقبات والمحاضرات ، وموافقة القلوب من تجانس سيرها في
الصفات …
فائتلاف المريدين بالإرادة ، وائتلاف المحبين بالمحبة …فكل جنس يستأنس بجنسه ، ويلحق بمن يليه في مقامه »(4) .
ويقول : « قال بعضهم : ألّف بين قلوب المرسلين بالرسالة .
وقلوب الأنبياء بالنبوة ، وقلوب الصديقين بالصدق ، وقلوب الشهداء بالمشاهدة ، وقلوب الصالحين بالخدمة ، وقلوب عامة المؤمنين بالهداية .
فجعل المرسلين رحمة على الأنبياء ، وجعل الأنبياء رحمة على الصديقين ، وجعل الصديقين رحمة على الشهداء ، وجعل الشهداء رحمة على الصالحين ، وجعل الصالحين رحمة على عامة المؤمنين ، وجعل المؤمنين رحمة على الكافرين »(5) .
________
الهوامش : ـ
(1) – سورة ص : 75 .
(2) – الحجر : 29 .
(3) – صحيح مسلم ج: 4 ص: 2045 .
(4) – الشيخ عمر الفوتي – رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم ( بهامش جواهر المعاني لعلي حرازم ) – ج 1 ص 28 – 29
(5) – المصدر نفسه – ج 1 ص 29 .