س : هل أن أسلوب تعيين الرسول ﷺ للإمام علي (كرم الله وجهه) خليفة من بعده ووارثاً له كان باجتهاد منه أم بأمر من الله , وهل هو الأسلوب نفسه الذي يعين فيه شيخ الطريقة الشيخ الذي يليه ؟ وبماذا يتميز شيخ الطريقة عن باقي الناس ليستحق هذه الخلافة والوراثة العظيمة ؟
الجواب : إن الرسول ﷺ معصوم في قوله وفعله وحاله وآية ذلك قوله تعالى : ( لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) والأمر الأهم هو اعتقادنا بأن الإمام علي قد ميزه حضرة الرسول ﷺ دون الصحابة وبقية أهل بيته لخصائص فيه موروثة من نور النبوة ، كما قال تعالى : ( وورث سليمان داود ) وقول نبي الله موسى عليه السلام : ( واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري )
وإن مناقب الإمام علي كرم الله وجهه قد ملأت الخافقين فمنها آية التطهير وحديث الكساء وآية المباهلة وحديث المباهلة وسنذكر مجموعة من المناقب المشهورة له كرم الله وجهه ، فعن علي قال : قال رسول الله ﷺ : يا بني عبد المطلب ! إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم ؟ قال : فأحجم القوم عنها جميعاً وقلت : يا نبي الله ! أكون وزيرك عليه ؟ فأخذ برقبتي ثم قال : ( هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا ) كنز العمال ج13ص114 .
وفي (مسند البراء بن عازب) قال : كنا مع رسول ﷺ في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي : الصلاة جامعة ! وكسح لرسول الله ﷺ تحت شجرة فصلى الظهر فأخذ بيد علي فقال : ( ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلى ، فقال : ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن ؟ من نفسه ، قالوا : بلى ، فأخذ بيد علي فقال : اللهم ! من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم ! وال من والاه وعاد من عاداه ) ، فلقيه عمر بعد ذلك فقال : هنيئاً لك يا ابن أبي طالب ! أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة .كنزالعمال ج13 ص134
وعن جابر بن عبد الله قال : لما سأل أهل قباء النبي ﷺ أن يبني لهم مسجداً قال رسول الله ﷺ : ليقم بعضكم فيركب الناقة ، فقام أبو بكر فركبها وحركها فلم تنبعث فرجع فقعد ، فقام عمر فركبها فحركها فلم تنبعث فرجع فقعد ، فقام علي فلما وضع رجله في غرز الركاب وثبت به ، قال رسول الله ﷺ : ( يا علي ! أرخ زمامها ، وابنوا على مدارها فإنها مأمورة ) .
وعن جندب بن ناجية أو ناجية بن جندب : لما كان يوم غزوة الطائف قام النبي ﷺ مع علي ملياً ثم مر ، فقال له أبو بكر : يا رسول الله ! لقد طالت مناجاتك عليا منذ اليوم ! فقال : ( ما أنا انتجيته ، ولكن الله انتجاه ) .
وعن علي قال : آخى رسول الله ﷺ بين الناس وتركني فقلت : يا رسول الله آخيت بين أصحابك وتركتني ! قال : ( ولم تركتك ؟ إنما تركتك لنفسي ، أنت أخي وأنا أخوك ، قال : فإن حاجك أحد فقل : إني عبد الله وأخو رسول الله ، لا يدعيها أحد بعدك إلا كذاب ) .
وحديث حبشي بن جنادة مرفوعاً قال رسول ﷺ : ( علي مني ، وأنا من علي ؛ لا يؤدي عني إلا أنا أو علي ) المقاصد الحسنة ج1ص54 .
وعَنْ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ عَلِيٍّ كرم الله وجهه قَالَ : كَانَ عَلَى الْكَعْبَةِ أَصْنَامٌ فَذَهَبْتُ لِأَحْمِلَ النَّبِيَّ صلى الله تعالى عليه وسلم إِلَيْهَا فَلَمْ أَسْتَطِعْ فَحَمَلَنِي فَجَعَلْتُ أَقْطَعُهَا وَلَوْ شِئْتُ لَنِلْتُ السَّمَاءَ . مسند أحمد ج3ص240 .
ومن هذه الأدلة جميعها نعلم أن للشيخ الوارث مواصفات لا يعلمها إلا الله سبحانه ويعلمها بالوحي إلى نبيه ثم بطريق الإلهام القلبي إلى الشيخ الذي يريد أن يورث من وراءه ، وليس بالاجتهاد الذاتي ؛ لأن راية الدين لا يحملها إلا علي أو من فيه صفات من الإمام علي ويقول الله تعالى : ( اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ) فالوارث المحمدي هو منبع الفيوضات الرحمانية وبنظرته النورانية تتوزع الدرجات وتتغير الأمور وتتم الولايات وعلى يده تسير الأمور الظاهرية والباطنية , ولا يخفى عليه شيءٌ من مجريات الأحداث ، فهو قطب الأرض وخليفة الرسول ويتسلسل نسبه إلى سيد الكونين صلى الله تعالى عليه وسلم وهو عارف بالله خبيرٌ بطرائق تزكية النفوس ووسائل تربيتها وهو وحيد زمانه ومأذون بالإرشاد من الشيخ الذي قبله ، وذلك لتجديد الرسالة المحمدية وإحياء نهجه وإعلاء كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله ﷺ في كل مكان .