هل يقبل الله تعالى من عبده ان يفنى في عبد آخر من عباده حتى ولو كان شيخ الطريقة ؟
الجواب :
( الفناء ) من المصطلحات التي تداولها الصوفية وتعاملوا بها للتعبير عن حالة خاصة من المحبة يمكن ان تسمى ( ذروة المحبة ) التي ليس بعدها بعد ، وهي المرتبة التي أشار إليها الحديث القدسي الذي رواه ابو هريرة عن رسول الله ﷺ انه قال : ثم إن الله قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته (1).
ان استقامة سمع العبد وبصره وحركاته وسكناته مع مراد الله تعالى في جميع أوقاته كثمرة من ثمار المحبة يسمى ( الفناء ) .
واذا كان ( الفناء ) هو التعبير عن أرقى درجات المحبة بين العبد والرب ، فإن حديث رسول الله لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده وأهله والناس واجمعين (2) يثبت بكل وضوح جواز الفناء في محبته ، الأمر الذي يثبت جواز ذلك لورثته وخلفاءه الروحيين ، إذ بالنتيجة ان محبتهم تُسهِل على المريدين اتباعهم في تطبيق الشريعة الإسلامية على أكمل الوجوه .
——————————————————————————–
الهوامش :
[1] – صحيح البخاري ج: 5 ص: 2384
[2] – جامع العلوم والحكم – ابن رجب الحنبلي – ج1 ص 389 .