سؤالنا عن حلقات الذكر التي نرى بأشكال وكيفيات مختلفة من طريقة إلى أخرى والقاسم المشترك بينها كلها في نظرنا هو انها لم ترد بهذه الأقوال والحركات في السنة النبوية فما قولكم في ذلك ، وما أدلتكم الشرعية على أقامتها بهذه الأساليب ؟
الجواب :
بداية ، اصل ذكر الله تعالى في ملاء مما حببت إليه السنة المطهرة فقد روي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل أنه قال : من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملإ من الناس ذكرته في ملإ أكثر منهم وأطيب (1). ولم يرد ان الرسول حدد صيغة لهذا الذكر في ملاء لا كيفا ولا كما وفي الوقت نفسه لم يرد ايضا عنه انه نهى عن أي ذكر مارسه الصحابة الكرام ذلك الوقت .
وفي حديث آخر نص رسول الله على أهمية وفضيلة الاجتماع والجلوس لذكر الله تعالى وذلك في الحديث الذي روي عن عبد الرحمن عن شعبة وسفيان عن أبي إسحاق عن الأغر أبي مسلم قال : أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ما جلس قوم يذكرون الله إلا حفت بهم الملائكة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده (2).
وهنا ايضا الحديث واضح بالتعميم ، فيمكن ان يكون الجلوس لتداول الحديث عن الله تعالى وآلائه او التسبيح بذكر أسمائه او غير ذلك ، وفي كل الأحوال فان الحديث لم يقيد هيئة او صفة محددة لهذا الجلوس وبالتالي جواز الإتيان به في أي شكل لا يتنافى وأصول الشريعة من الحفاظ على الآداب الإسلامية وعدم الاختلاط وما إلى ذلك من الثوابت المعروفة .
وفي حديث آخر يذكر رسول الله حلقات الذكر ويصفها بأنها من رياض الجنة وان على المسلمين ان يكثروا منها وان يأخذوا منها بحظ وافر وذلك في الحديث المروي عن أنس بن مالك أن رسول الله قال : إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا .
قالوا : وما رياض الجنة ؟ قال : حلق الذكر (3).
ومرة أخرى نقول : كل الصيغ والطرق والأساليب التي تحقق المفهوم العام ( لحلق الذكر ) سواء اكان بتلاوة القرآن الكريم او بالعلم والدراسة او بالتسبيح والذكر والأوراد ، وسواء اكان قيام او قعودا ، بحركة او بدون حركة .. لا شيء فيها ما دامت لا تتعارض مع قواعد الإسلام وآدابه العامة وما دام لم يحدد الشارع الكريم صيغ ثابتة لهذه الحلقات كما فعل في الصلاة والصيام والحج والزكاة .
——————————————————————————–
الهوامش:
[1] – مسند احمد
[2] – مسند أحمد
[3] – مسند أحمد