ولادته ونشأته
ولد السيد الشيخ السلطان حسين الكسنـزان قدس الله سرهعام ( 1306هـ ) الموافق( 1885م ) في قرية كربجنة وتربى تربية دينية حيث درس القرآن الكريم وعلوم الفقه ، وكان شابا مجاهدا قوي العزم عالي الهمة اشتهر برد المظالم الى أهلها ومناصرة الضعيف كان الشيخ حسين الكسنـزان قدس الله سره كثير الشغف بالجبال والتنقل فيها حتى لقب بـ ( سلطان الجبال ) وكان كثير الزهد والتعبد حتى انه كان في صوم دائم في فترة السنوات الأخيرة من حياته وكان قدس الله سرهسخيا كثير العطاء ينفق كل موارده على الفقراء والأيتام والأرامل ، وذات مرة سألته أرملة شيئا في وقتها فخلع أسنانه الذهبية وأعطـــاها للأرملة كي تبيــعها وتنـفق ثمــــنها على أيتامـها ، وكان قدس الله سره يذهب للتعبد في الجبال بعد منتصف الليل ويرقد بين الشوك حتى الصباح ترويضا لنفسه ، وقد خصص من ماله الخاص مخصصات مالية شهرية لعدة عوائل من الفقراء والأيتام مع انه كان لا يأكل سوى خبز الشعير والحنضل .
أقوالـه :
ومن مواعظه قدس الله سره انه قال : ( إن طريقتنا تعتمد على القرآن والسنة وحب الحق وتهذيب النفس والصدق والصبر على المكاره والمصائب والوفاء بالعهد وعدم الفرح بمصائب المسلمين وان تقابل الإساءة بالإحسان وان ترحم الأيتام وتستر العريان وتطعم الجائع وتكسو المعدم وتقوي الضعيف وتبتعد عن المظالم ).
وقال أيضا قدس الله سره: ( أيها المريد ابتعد عن حب الدنيا فأن حبها يتلف العابد كما يتلف الحرُ العسل يا مريدي كن مع المظلومين ولا تكن مع الظالمين فان الدنيا مع الكفر قد تدوم ولكنها مع الظلم لا تدوم) .
خدمته لأهل الفقه والعلماء
أسس السيد الشيخ السلطان حسينقدس الله سره مدرسة دينية في قرية كربجنة وعين على نفقته مدرسين دينيين وتلامذة يدرسون فيها الحديث الشريف والنحو والفقه وسائر العلوم الدينية ، حيث كان عدد التلاميذ يتلقون العلم في هذه المدرسة أكثر من عشرين تلميذا ويتخرج في هذه المدرسة سنويا علماء متخصصون في شتى العلوم .
انتقل السيد الشيخ السلطـان حسين الكسـنـزان قدس الله سرهالى العـالم الآخـــر سنة (1360هـ ) الموافـق (1939م) بعد ان خلف على سجادة المشيخة أخاه السيد الشيخ عبد الكريم الكسنـزان قدس الله سره وكان لذلك الانتقال ضجة كبيرة وأثر عميق بين المريدين خاصة والمسلمين عامة لأن الإسلام فقد بانتقاله رجلا عظيما مصلحا كبيرا في عصر كان الإسلام فيه بأشد الحاجة لمثل هؤلاء الرجال العظماء الذين خدموا الدين الإسلامي اكبر خدمة وهاهي نصيحته للمريدين المحبين المخلصين التي يقول فيها : ( أيها المريد لازم باب الله ووجه قلبك لرسول الله ﷺ واجعل الاستمداد من بابه العالي بواسطة شيخك بأخلاص واذهب معه لمسلك الآداب واحفظ غيبته وتقيد وأكثر الخدمة في منـزله واقلل الكلام في حضرته ، وقم بنصيحة الأخوان وألف بين قلوبهم وعمر قلبك بالذكر وجمل قالبك بالفكر واستعن بالله واصبر على ما أصابك ، وأكثر من الصلاة على الرسول الأكرم ﷺ واجلس في بيتك ولا تكثر الخروج للأسواق ومواضع الفرح واعتصم بحبل الله ، فمن ترك الدنيا نال الفرح وأكرم ضيفك وارحم اهلك وولدك وزوجتك وخادمك واذكر الله في كل أمر وأخلص لله في السر والجهر واعمل للآخرة عملا حسنا . هذه هي نصيحتي لك أيها المريد , فما أحوجنا اليوم لالتزام نصيحته قدس الله سرهوطاب ثراه ) .
كراماتـه
إن لسلطان الأولياء الشيخ حسين قدس الله سرهكرامات عديدة وأعمال خارقة كثيرة شهدها أناس كثيرون منها :
– أمر الشيخ احد مريديه المسمى (عزيز) بالذهاب الى الموصل من اجل الإرشاد ولكن هذا المريد الفقير تحدث في قلبه مع حضــرة الشيخ حسـين قدس الله سره يتعذر بحاله وضعفه وعدم معرفته باللغة العربية ولا الطريق الى الموصل ومع ذلك جاء التكليف بالذهاب واصطحاب مريدا أخر معه كان أعرجا واضعف منه ، مما زاد الأمر تعقيدا وحرجا عليه ، لم يكن السفر في ذلك الوقت ميسور الوسائط ولا الطرق معبدة وإنما سيرا على الأقدام او ركوبا على الدواب ، ولكنهما وصلا الى الموصل بسهولة ويسر . وهكذا أمر الله لمن أراد أن يسير طريق الإرشاد وأخيرا استقر بهم المقام مع رجل فقير في دار خربة وكان جار ذلك الفقير من النصارى فيهم امرأة عجوز مصابة بمرض الزمها الفراش لأكثر من عشر سنوات ، ولما علموا بقدوم هذين المريدين سألاهما الدعاء لشفاء مريضتهم وان يدفعوا لهم خمسين ليرة ذهبية ، فقالا لهم إنما أعمالنا لوجه الله تعالى ولا نريد جزاءا ولا شكورا وحال جلب العجوز ضربها الخليفة بالعصا طالبا المدد من حضرة الشيخ حسين قدس الله سره فقامت في الحال بأذن الله مشافاة .
وبعد سماع أهل الموصل به كثر ترددهم فجاء إليه أصحاب الحوائج والمرضى مما أثار حفيظة بعض أصحاب الطرق الاخرى فقدموا اليه طالبين منهما ترك الموصل ، ومن كراماته إن أكثر الناس كانوا يسمعون صوت الجن حوله وهم يذكرون الله سمعا واضحا ولما سئل قدس الله سرهعنها قال : إنهم من الجن المسلمين المتصوفين .
المصدر : الشيخ محمد الكسنزان – كتاب الطريقة العلية القادرية الكسنزانية – ص 351 .