لعل الفرق الوحيد بين الحقيقة العلمية والأساطير الشعبية هو إمكانية تحقق الأولى بتكرارية تضمن إجراء التجارب والاختبارات الكافية لتعلن مصداقيتها واقع ملموس ، بخلاف الخرافات والأساطير التي هي مجرد حكايات من نسج الخيال . وإذا كان العلم الحديث يريد ان يتبنى البحث في ظواهر الشفاء الخارق بجدية علمية ، فهو يشترط أولاً ان يتوفر لديه نموذج واقعي – وليس تاريخي أو روائي ديني أو شعبي – يتوفر فيه شرط التكرارية التي تعطي النتائج نفسها وشرط إمكانية إجراءها في ظروف وأماكن وازمان مختلفة ، وذلك لأجراء الاختبارات اللازمة والتجارب التي تقطع من الناحية العلمية بمصداقية حدوث تلك الظواهر وواقعيتها أولاً، ومن ثم محاولة تفسيرها ومحاولة توسيع دائرة العمل بها للإفادة منها على مستوى لا ينحصر في طائفة أو فئة معينة ثانيا . فهل يتوفر مثل هذا النموذج بمثل هذه الشروط في هذا العصر ؟
رغم ان الظواهر الباراسايكلوجية تنتشر في شرق الأرض وغربها إلا ان النموذج المقترح في هذا المجال والذي يحقق الشروط المطلوبة بكفاءة عالية نجده في التصوف الإسلامي وتحديداً في الطريقة الكسنزانية ، ولهذا سنعتمدها كنموذج لعرض القدرات الشفائية الخارقة بشتى أنواعها مع التطرق لذكر أهم النواحي التي تساعد على التقارب الفعلي بين العلم والدين .
نموذج الخوارق الشفائية في الطريقة العلية القادرية الكسنـزانية
مما اشتهرت به الطريقة الكسنـزانية هو قدرة أتباعها على القيام بفعاليات خارقة للعادة ، كضرب احدهم لنفسه بالرصاص أو إدخال أدوات حادة كالأسياخ والخناجر في أجسامهم أو تعريض أجسامهم للهب النار الحارق أو لسم الأفاعي والعقارب وفي العصر الحديث لصعقات التيار الكهربائي أو غيرها من الفعاليات دون ان يتأذى احدهم بأدنى أذى حيث تشفى جروحهم وتقاوم أجسامهم الآلام المختلفة بطريقة لا يمكن وصفها بأقل من الخارقة للعادة (1) .
وفيما يلي شرح مبسط لأهم فعاليات الضرب بالأدوات الجارحة أو غيرها والتي تمارس في الطريقة الكسنـزانية ، ونتائج الأذى الجسمي المتوقع حصوله بسببها من الناحية الطبية التقليدية (بايلوجي أو تفاعلي) في الوقت الذي تكون النتائج الفعلية الحاصلة نتيجة تلك الضربات هو شفاء فوري وتام بطريقة خارقة لكل القوانين الطبيعية الفيزيائية والكيمائية .
النوع الأول : فعاليات ضرب الجسم بأدوات جارحة
الأدوات المستخدمة : الأسياخ ، الخناجر ، السيوف ، العصي الخشبية ، طلقات الرصاص من الكلاشنكوف أو المسدس أو الغدارات .
أجزاء الجسم التي يتم الضرب فيها : الخدين ، اللسان ، قاعدة الفم ، شحمة الأذن ، الذراع، عضلات الصدر ، البطن ، جمجمة الرأس ، العين ، الرقبة ، عظم الترقوة ، وأماكن أخرى .
النتائج المتوقعة :
– الآلام الكبيرة في الحالات المماثلة .
– النزيف الدموي .
– الالتهابات
النتائج الفعلية الحاصلة :
– مناعة خارقة ضد الألم مهما كان بسيطاً .
– مناعة خارقة ضد النزيف الدموي ، فلا يخرج من كل أنواع الضربات الجارحة سوى بضع قطرات من الدم ، وهذه القطرات القليلة أو الخيط الرفيع الذي قد يسيل من الجرح يعتبره مشايخ الطريقة أمراً في غاية الأهمية لأنه دليل قاطع على حصول الضربة بالفعل ، وهو بذلك يدفع التشكيك بها على انها ممارسات من نوع خفة اليد أو الألعاب السحرية .
– مناعة خارقة ضد الالتهابات ، فالمتوقع طبيعياً ان تحصل التهابات كبيرة خاصة ان الأدوات المستخدمة غير معقمة ولكن ما يحصل أن المريد لا يصاب بأدنى الالتهابات. ملاحظات أخرى :
– الأجزاء المعدنية غير معقمة ، ذات أقطار أو اسماك مختلفة . – الأغرب من كل قدرات المناعة الخارقة التي يكتسبها الجسم أثناء تأدية فعالية الضرب ، هو السرعة العجيبة التي تشفى بها تلك الجروح ، بغض النظر عن موضع الضربة في الجسم وحجمها .
فالفحص الدقيق لكل أنواع الضربات الجارحة – بلا استثناء – يكشف بأن جميع الجروح مهما كانت وأينما كانت في جسم المريد ، سرعان ما تشفى حيث تلتئم الجراح وتختفي الآثار حتى لتكاد لا تبين وذلك بمجرد اخراج الآلة الجارحة من الجسم ، والفترة الزمنية التي قيست للشفاء التام لهذه الضربات هو من ( 15 – 20 ثانية ) .
وهنا من المهم التأكيد على ان فورية شفاء الجروح (سرعتها) ليس العذر الوحيد غير التقليدي ، اذ ان شفاء الكثير من هذه الجروح من دون تدخل جراحي هو بحد ذاته أمر خارق ، حتى لو كان سيتم على مدى فترة طويلة من الزمن، فعلى سبيل المثال ، ان الجرح النافذ الذي يسببه إدخال سيخ في البطن ، ليس من النوع الذي يلتئم تلقائياً على الإطلاق في الظروف الاعتيادية فيما لو ترك من غير علاج ، خصوصا اذا اخترق السيخ الكبد الذي يتميز ببطء شفائه في حالة إصابته .
ومن مظاهر الشفاء الخارقة الأخرى لهذه الجروح هو ان عملية شفاء الجروح يصاحبها شفاء كل الإعطاب التي يمكن ان تكون حدثت للأعضاء المصابة . فمثلاً إدخال المريد السيخ عميقاً في عضلات الصدر لمئات المرات لا بد وان ينتج عنه إصابة بعض الأعصاب التي لم يتم إصلاحها ، وهذا يمكن ان يؤثر على سلامة حركة بعض أجزاء الأطراف العليا.
ويمكن إجمال الشفاء الخارق لهذا النوع من الفعاليات في الطريقة الكسنـزانية بثلاث عناصر خارقة :
الأول : الإلتأم التلقائي للجروح .
الثاني : شفاء كل عطب سببه إدخال الأداة الجارحة .
الثالث : حدوث هذين الفعلين الخارقين بصورة فورية.
النوع الثاني : فعاليات تعريض الجسم للحرق بالنار
الأدوات المستخدمة :
– المشاعل : عصا خشبية تلف عليها قطعة قماش وتغمر في النفط .
– الصفائح المعدنية : حيث تسخن لدرجة الاحمرار .
– قطع الفحم الملتهب .
أجزاء الجسم التي يتم الضرب فيها :
اليدين ، الوجه ، الفم ، الأقدام .
النتائج المتوقعة :
– احتراق المناطق المتعرضة للنار .
– التسمم نتيجة استنشاق كميات كبيرة من أول أوكسيد الكاربون .
النتائج الفعلية الحاصلة :
– المناعة الخارقة ضد الحرق .
– المناعة الخارقة ضد التسمم .
– الشفاء الفوري للمناطق المتعرضة للنار .
ملاحظات أخرى : بإمكان أي شخص ان يشعر بالحرارة العالية التي تشع من مصدر النار المستخدم على بعد أكثر من متر .
النوع الثالث : فعاليات تعريض الجسم للسموم
الأدوات المستخدمة :الأفاعي والعقارب
أجزاء الجسم التي يتم الضرب فيها : الأيادي ، اللسان ، أجزاء أخرى من الجسم .
النتائج المتوقعة :الم وخفقان موضعي في موضع التسمم ، وبعد اثنتي عشرة ساعة يصاب الملدوغ بصدمة ، وتنتشر البثور بشكل عام في الجسم ، وتنخفض درجة الحرارة ، ويقترب المصاب من حالة الغيبوبة ، وفي كثير من الأحيان تؤدي إلى الموت .
النتائج الفعلية الحاصلة : المناعة التامة ضد كل أنواع التسمم مهما كان نوع الأفعى أو العقرب ، ومهما كانت حالة المريد الصحية .
ملاحظات أخرى :
– تعريض أنفسهم للدغات الأفاعي والعقارب بشكل مقصود .
– أكل رؤوس الأفاعي والعقارب بالكامل وابتلاعها .
ومن جهة ثانية أثبتت الأبحاث خطأ من يزعم ان الجسم البشري يطور بشكل طبيعي مناعة ضد سموم الأفاعي عند تعرضه للدغات متتالية ، وقد أثبتت الدراسات عكس ذلك تماماً . فمع تكرار التعرض للدغات تضعف مناعة الجسم ، وهذا الأمر يضيف عنصر شفائي خارق ، اذ ان تكرار المريدين لتأدية هذه الفعاليات يضاعف الخطورة في كل مرة .
النوع الرابع : تعريض الجسم للصدمات الكهربائية
الأدوات المستخدمة :
دائرة كهربائية متكاملة يربط معها مصباح أو مروحة ، ويستخدم تيار متناوب فولتيته 220 فولت .
يضاف أحيانا كميات من الماء على جسم المريد لزيادة الخطورة .
أجزاء الجسم التي يتم الضرب فيها : الذراعين ، الرقبة ، الصدر ، أجزاء أخرى من الجسم .
النتائج المتوقعة : صدمة كهربائية قاتلة ، واذا طالت مدة التعرض للتيار الكهربائي تؤدي إلى احتراق الجلد وتفحم الأجزاء المتكهربة .
النتائج الفعلية الحاصلة :
– مناعة تامة ضد التيار الكهربائي .
– شفاء خارق للمناطق المتعرضة للتيار الكهربائي حتى لكأن المريد لم تمسه الكهرباء .
النوع الخامس : أكل الأشياء الجارحة أو السامة
الأدوات المستخدمة :زجاج اللمبات الكهربائية ، المواد الزئبقية السامة التي تطلى بها تلك اللمبات ، أمواس الحلاقة .
أجزاء الجسم التي يتم الضرب فيها : يتم تناولها ومضغها وابتلاعها .
النتائج المتوقعة :
– الجروح بالنسبة للمواد الجارحة
– التسمم
– الالتهابات
النتائج الفعلية الحاصلة :المناعة التامة ضد كل ذلك ، والشفاء الفوري
فعاليات أخرى : ويوجد في الطريقة الكسنـزانية أنواع أخرى من الفعاليات الخارقة ، إلا ان ما تقدم هو أشهرها وهو الذي يمارسه مريدو الطريقة بكثرة .
الإثباتات العلمية لظواهر الشفاء الخارق في الطريقة
كما سبق أن أشرنا فإن الطب العلمي الحديث يشترط ان تتوفر للظاهرة الخارقة شرطان رئيسيان لكي يضعها في خانة البحث والدراسة العلمية التجريبية البحتة ، وفي حالة فقدان احد هذين الشرطين فلا يتبناها العلم المادي ( البايولوجي أو التفاعلي ) ، وتصنف ضمن ظواهر علم الباراسيكلوجيا وهو علم لا يزال موضع جدل وأخذ ورد .
والسؤال هنا : ما هما هذان الشرطان ؟
ولعل السؤال الأهم هو : هل يتوفر هذان الشرطان في جميع أنواع الفعاليات الخارقة التي يمارسها دراويش الطريقة الكسنـزانية أم لا ؟ وما الدليل على ذلك ؟
أما الشرطان اللذان يراهما العلم الحديث – بجميع فروعه وأقسامه وليس الطبي فقط – ضروريان لكي يتعامل مع أي ظاهرة في الطبيعة كحقيقة علمية ملموسة ، هما :
أولاً : شرط التكرارية ، أي ان الظاهرة يمكن ان تكرر كلما توفرت لها نفس الظروف أو ما يقاربها ، فعلا سبيل المثال ، ان ظاهرة تبخر الماء عند ارتفاع درجة حرارته ، هي ظاهرة علمية ثابتة لأنها يمكن ان تكرر إلى ما لا نهاية اذا ما توفر الماء وتوفر ظرف الحرارة المناسبة التي توصل الماء إلى درجة الغليان وبالتالي التبخر ، وكذلك ظاهرة التكثف ، وهكذا فكل ظاهرة من ظواهر الطبيعية تحدث وفق قوانين محددة ليس للعلم دور فيها من حيث المبدأ ( المنشأ ) سوى اكتشاف قوانينها ، ومن ثم محاولة تقنينها مع غيرها من قوانين الطبيعة الأخرى لمصلحة الإنسان .
التكرارية : شرط علمي أساسي لتصنيف أي ظاهرة على إنها حقيقية ملموسة لا مناص للعلم من الاعتراف بها ، حتى وان لم يعرف تفسيرها ، فعدد كبير وكبير جداً من النظريات يقر العلم بأنه غير متأكد من مصداقيتها ، ولكنه يتعامل بها إلى ان يتم التوصل إلى ما هو أفضل منها ، وما يجبر العلم على التعامل مع نظريات لا يجزم بيقينيتها هو وجود الظاهرة الطبيعية المتكررة .
ويعد هذا الشرط احد السببين الذين يحملان العلم الحديث على التشكيك بالظواهر الباراسايكلوجية ، اذ ان جميع ظواهر العلاج الخارق عند غير أهل الطريقة تفتقر إلى عنصر التكرارية بنجاح ، بينما يجزم أهل الطريقة أن نسبة نجاح الشفاء الخارق لجروح الدرباشة ([2]) في الطريقة الكسنـزانية هي 100% ، وما يدل على هذه النتيجة المذهلة هو انه لو لم يكن شفاء جروح الدرباشة يحدث بنسبة نجاح كاملة لأدى هذا إلى تعرض المريد إلى خطر كبير يمكن ان يؤدي إلى إصابة بليغة او إلى عوق ، هذا اذا لم يكلفه الخطر حياته ، وهذا خلاف الواقع الذي يؤكد الشفاء الفوري لجميع الفعاليات التي تمارس من قبل مريدي الطريقة .
ومما تقدم نصل إلى ان الشرط الأول – الذي من المفترض ان يسمح لظاهرة الشفاء الخارق في الطريقة الكسنـزانية بالدخول في ميدان البحث العلمي وهو التكرارية بنجاح متوفر في ممارسات مريدي الكسنـزانية وظواهر شفاءها الخارقة ، ومصداقية هذا الأمر تثبتها الدعوة المفتوحة التي لا يفتأ شيخ الطريقة ، حضرة السيد الشيخ محمد الكسنـزان يوجهها للعلماء والباحثين لكي يتحققوا من واقعيتها ، وهو يدعو الجميع إلى استخدام أحدث الوسائل التكنولوجية التي توصل لها العلم الحديث في دراسة هذه الفعاليات ، متكفلاً بعدد مفتوح من التكرار الناجح .
ثانياً : شرط السيطرة على الظاهرة الخارقة ، فمن أعظم المشاكل التي تجعل الطب الحديث يستبعد الظواهر الخارقة ويضعها في خانة الظواهر الباراسايكلوجية هي ان الغالبية العظمى من الحوادث والقدرات التي توصف بالخارقة هي ظواهر تلقائية ، أي ان تحديد وقت ومكان حدوثها لا يقع تحت سيطرة صاحب الخارقة . بينما تتميز وتنفرد الظواهر الخارقة في الطريقة الكسنـزانية بقدرة مشايخ الطريقة على السيطرة التامة عليها من حيث الزمان والمكان والنوع والكم ، وهذا بالطبع له فوائده القصوى في البحث العلمي ، إذ يمكن مقدماً تجهيز ظروف مختبرية مسيطر عليها لدراسة هذه الظاهرة بشكل دقيق .
واذا أردنا ان نتعمق أكثر في مفهوم السيطرة على فعاليات الضرب في الطريقة الكسنـزانية من قبل مشايخها ، فإن حدود تلك السيطرة يمكن ان توصف بأنها مفتوحة ، وذلك للأسباب الآتية :
أولاً : بمقدور شيخ الطريقة ان يمنح أي عدد من الدراويش الأذن بممارسة هذه الفعاليات ، ويضمن نجاحها جميعاً ، وهذه الإمكانية لها ما لها من الفوائد في البحث العلمي .
ثانياً : وبالمقابل يستطيع شيخ الطريقة ان يسحب ذلك الإذن من أي مريد ووقتها لا يستطيع ان يؤدي تلك الفعالية ولو كان قد مارسها مئات المرات سابقاً ، والمقصود بعدم قدرة المريد على ممارستها هو انه يصبح معرض لخطر الإصابة الطبيعية الملازمة لمثل تلك الضربات بدون أذن الشيخ .
ثالثاً : ومن الظروف المسيطر عليها أيضاً أن كل مريد يستطيع القيام بكل أنواع الفعاليات مهما كان عمره أو عمله أو حالته الصحية .
رابعاً : ومن أهم الجوانب المسيطرة على هذه الفعاليات هو انه لا يشترط لحصولها استعدادات مسبقة ، بل يمكن ان تؤدى بشكل مباشر وفوري .
خامساً : لا يشترط حضور الشيخ بشكل مباشر أثناء تأدية المريدين هذه الفعاليات ، فيكفي ان يأذن الشيخ للمريد وبعدها ينتهي شرط المكان ، أي يستطيع المريد ان يمارس تلك الفعاليات في أي مكان من العالم ، وهذه الإمكانية تقع أيضا ضمن خصائص السيطرة الكاملة من قبل شيخ الطريقة على هذه الفعاليات .
سادساً : وكما أمكن السيطرة على هذه الفعاليات في كل مكان فقد أمكن السيطرة عليها من ناحية الزمان ، أي ان بإمكان المريد ان يمارس هذه الفعالية في أي ساعة من ساعات الليل او النهار .
وهذا يطرح مسألة غريبة بل غاية في الغرابة من الناحية العلمية ، فماذا لو كان الشيخ نائماً ؟
كيف سيسيطر على عملية شفاء المريد الفورية خاصة اذا كانت الضربة قاتلة او تسبب عاهة ؟
فإذا علمنا ان جميع الظواهر الباراسايكلوجيا تتطلب استعدادات خاصة وجهد ذهني أو نفسي أو حتى عضلي وفي ظروف محددة لكي تحصل ، ونسبة نجاحها تكون ضعيفة جداً، فإن نجاح فعاليات الضرب في الطريقة الكسنـزانية ، وفي ظل ظرف كهذا يكون فيها المعالج المباشر لعملية الشفاء نائماً ، أي غائباً عن الوعي ، يستدعي عقلياً ان يكون هناك تدخلا من قوة عليا ( ميتافيزيقية ) في عمليات الشفاء الخارق .
هنا تتبلور المشكلة الكبرى بين الطب التقليدي والطب الصوفي ( الديني ) ، فإذا كان الطب التقليدي لا يزال يشكك بالقدرات الباراسايكلوجية ، والتي تفترض أن هناك أشخاص ذوي قدرات خاصة تفوق قدراتهم تلك التي يمتلكها عامة البشر ، فكيف سيكون موقفه من قدرات تنبع من مصدر غير بشري أصلا ، أي خارج حدود الطبيعة كلها ؟!
ان هذه النقطة بالتحديد هي أحدى السمات الرئيسية في فعاليات الدروشة والتي سوف تضطر العلم الحديث اذا ما أراد ان يتعامل معها بجدية علمية إلى ان يتنازل عن إنكاره للقضايا والأمور فوق المادية .
بعبارة أخرى : ان النموذج الطبي الجديد ، واستناداً إلى مثل هذه الحقائق الملموسة ينبغي أن يأخذ بنظر الاعتبار خلال إجراء الأبحاث والدراسات والتجارب العلمية الآراء والتفسيرات الروحية التي يقدمها مشايخ الطريقة .
الطب الجديد ، ينبغي ان يمسك بالتفسير المادي بيد والتفسير الروحي باليد الأخرى ، ويحاول اكتشاف العلاقات والقوانين التي تربط بين الفيزيقي والميتافيزيقي بطريقة علمية ، فهذا يساعد على اختصار الطريق على البشرية لتنتقل وبقفزات نحو الرقي والكمال المادي والروحي في آن واحد .
الهوامش:
[1] – لكون الطابع الغالب على الفعاليات الخارقة في الطريقة الكسنـزانية هو ان يقوم المريد بضرب نفسه بشيء كالآلة الجارحة أو تعريضها لشيء كالنار أو السم أو الكهرباء ، فسوف نطلق عليها مصطلح ( فعاليات الضرب ) وهو مصطلح دارج عند عامة الناس وأهل الطريقة على حد سواء .
[2] – الدرباشة : هي أدوات يستخدمها مريدوا الطريقة كالسيوف ، والخناجر ، والأسياخ في ضرب مناطق مختلفة من أجسامهم أثناء تأديتهم لفعاليات الضرب الخارقة في الطريقة .
المصدر : من كتاب خوارق الشفاء الصوفي والطب الحديث – أ.د. الشيخ نهرو الشيخ محمد الكسنزان الحسيني .