ورد في حديث مسلسل أن جمعاً من التابعين وتابعيهم كانوا يستخدمون السبحة وأن كلاً منهم تناولها عمن سبقه بعد أن رآها في يده وأخذ منه الإجازة للعمل بها ونص الحديث هو « ما ذكره القاضي أبو العباس أحمد بن خلكان في وفيات الأعيان انه رأى في يد أبي القاسم الجنيد بن محمد يوماً سبحة فقيل له : أنت مع شرفك تأخذ بيدك سبحة ؟
قال : طريقٌ وصلت به إلى ربي لا أفارقه . ولقد رويت في ذلك حديثا مسلسلاً وهو ما أخبرني به شيخنا الإمام أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن عبد الله من لفظه ورأيت في يده سبحة .
قال : أخبرني الإمام أبو العباس أحمد بن أبي المجالس يوسف البانياسي بقراءتي عليه ورأيت في يده سبحة .
قال : أخبرنا أبو المظفر يوسف بن محمد بن مسعود الترمذي ورأيت في يده سبحة .
قال : أخبرني عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر ورأيت في يده سبحة .
قال : أخبرنا أبو محمد يوسف بن أبي الفرج عبد الرحمن بن علي ورأيت في يده سبحة.
قال : أخبرنا أبي ورأيت في يده سبحة .
قال : قرأت على أبي الفضل بن ناصر ورأيت في يده سبحة .
قال : قرأت على أبي محمد عبد الله بن أحمد السمرقندي ورأيت في يده سبحة .
قلت : وسمعت أبا بكر محمد بن علي السلمي الحداد ورأيت في يده سبحة .
فقال : نعم .
قال : رأيت أبا نصر عبد الوهاب بن عبد الله بن عمر المقري ورأيت في يده سبحة .
قال : رأيت أبا الحسن علي بن الحسن بن أبي القاسم المترفق الصوفي وفي يده سبحة .
قال : سمعت أبا الحسن المالكي يقول : وقد رأيت في يده سبحة .
قلت له : يا أستاذي أنت إلى الآن مع السبحة ؟
فقال : كذلك رأيت أستاذي الجنيد وفي يده سبحة .
فقلت : يا أستاذي أنت إلى الآن مع السبحة .
فقال كذلك رأيت أستاذي السري بن مغلس السقطي وفي يده سبحة .
فقلت له : يا أستاذي إلى الآن مع السبحة .
فقال : كذلك رأيت أستاذي معروف الكرخي وبيده سبحة فسألته عما سألتني عنه .
فقال : كذلك رأيت بشر الحافي وفي يده سبحة .
فسألته عما سألتني عنه فقال :كذلك رأيت أستاذي عمر المالكي وفي يده سبحة
فسألته عما سألتني عنه .
فقال : كذلك رأيت أستاذي الحسن البصري وفي يده سبحة .
فقلت : يا أستاذي مع عظم شأنك وحسن عبادتك وإنت إلى الآن مع السبحة .
فقال لي : هذا شيء كنا استعملناه في البدايات ما كنا نتركه في النهايات ، أحب أن أذكر الله تعالى بقلبي وفي يدي وفي لساني » (1) .
فلو لم يكن في اتخاذ السبحة غير موافقة هؤلاء السادات والدخول في مسلكهم والتماس بركتهم لكفى .
أسماء السبحة
باستثناء الإسم المعروف لها وهو السبحة أو المسبحة فإن لها عدة أسماء أخرى عندنا منها :
1 . المذكرة : سميت بذلك لأنها تذكر من يحملها أو يراها بذكر الله فينتبه إلى التسبيح 2 . حبل النجاة : نسميها بذلك لأنها وسيلة تذكر العبد بربه ونتيجة لهذا ، فإنه يديم الذكر والتسبيح بها في حياته ، ومعلوم أن كثرة التسبيح تنجي العبد من الهم والغم ، يقول تعالى : ( فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحينَ . لَلبِثَ في بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثونَ )(2) . وكذلك فإنها تنجيه من ارتكاب المعاصي والآثام فينجو في الآخرة من عذاب النار أو الحجاب .
3 . حبل الربط : أي التي تعين العبد على ربط قلبه بربه عن طريق ذكره الدائم بواسطتها .
4 . حبل الوصل : إشارة إلى أن العبد إذا أدام ربط قلبه بربه فإنه يصل إلى مبتغاه من رضاه أو الفناء فيه وكانت الوسيلة لذلك هي السبحة .
الهوامش:
[1] الشيخ جلال الدين السيوطي – مخطوطة المنحة في السبحة – ص 20 – 21 .
[2] الأنبياء : 87-88 .