بحث للخليفة عبد السلام المحمدي
المقدمة
الحمد لله الهادي من الضلال والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الأطهار وصحابته الأبرار وبعد : لقد خلق الله تعالى بني البشر ليكونوا شركاء في العيش على هذا الكوكب الأرضي تجمعهم الصفات الإنسانية ، وخلق لكل منهم عقلا يهتدي به إلى الصواب ، وكلٌ ينظر إلى الأمور في هذه الحياة بعين تختلف عن غيره ولكل مفهومه الخاص الذي هو عصارة جهده الفكري ، وأرسل الله تعالى الأنبياء إلى الناس معلمين وجعلهم الرابط بينه تعالى وبين الناس .
لقد اختلفت الأفكار وهذا أمر طبيعي ولكن الذي يحز في النفس هو أن بعض المسلمين لم يفهموا مراد الله تعالى فحادوا عن روح الإسلام التسامحية وبالمقابل استغل المغرضون الحاقدون على الإسلام هذا الوهن الفكري والتصرف غير المناسب فطعنوا بالإسلام واتهموه بالإرهاب ونكران الآخر في أساليب ووسائل الدعوة ، ولقد كتب الكثيرون بحوثا كثيرة عن عام الوفود ولكن كلها كانت بحوثا في السيرة التاريخية لحقبة زمنية. وفي هذا البحث المتواضع أردنا أن نسلط الضوء على أساليب ووسائل الحوار النبوي في عام الوفود في السنة التاسعة للهجرة مبتعدينً عن السرد التاريخي للأحداث وانتقيناً الوفود التي حصل فيها حوار نبوي حضاري لهدفين :
الأول : لإثبات أن الإسلام متمثلا بحضرة النبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم هو الذي وضع للحوار الحضاري أسسه المبنية على مناقشة العقل البشري واحترام الآخر .
والأمر الثاني : ليكون هذا البحث داعماً للدعاة والمرشدين ليفهموا أن لهم في رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم أسوة حسنة في التعامل مع الآخرين ، وأرجو أن أكون قد وُفقنا في عملنا وقد أوجزنا وتركنا الباب مفتوحاً لمن يريد أن يتوسع في هذا الموضوع طالبينً بذلك وجه الله تعالى . ولقد كان المنهج في إعداد هذا البحث على النحو الآتي :
أولا : تعريف الحوار .
ثانيا : توزيع الآيات حسب موضوعاتها في المباحث .
ثالثاً : تناول أخبار المصادر مركزاً على ما فيها من حوارات . وترك ما كان خارجاً عن موضوع الحوار لأهل السيرة والتاريخ .
رابعا : لا أدعي أني أشبعت الموضوع دراسة ولكني لم أدّخر جهداً في توضيحه .
خامسا : عانيت ما عانيت من تباين المعلومات فذهبت إلى أصحها وأصدقها . واقتضت الخطة أن يكون البحث من مقدمة وثلاثة مباحث وأتبعتها بخاتمة خلاصة العمل ونتائجه وكالآتي :
المبحث الأول : الحوار الديني ، وجعلته ثلاثة مطالب ، معنى الحوار ، ونماذج من الحوار في القرآن الكريم ، وتعريف بعام الوفود .
المبحث الثاني : الحوارات في عام الوفود ، وجعلته ثمانية مطالب ، مطلب واحد لكل وفد جرى فيه حوار والمطلب الأخير لوفود متفرقة .
المبحث الثالث : نتائج الحوار النبوي وأنواع وأساليب الحوار والحوار الحضاري المعاصر وجعلته ثلاثة مطالب .
المبحث الأول
الحوار الديني
المطلب الأول : معنى الحوار
الحوار لغة :
الحوْرُ – بسكون الواو هو الرجوع عن الشئ وإلى الشئ وفي الحديث : ( من دعا رجلا بالكفر وليس كذلك حار عليه ) أي رجع إليه ما نسب إليه وأحار عليه جوابه أي رده أما الحوَرُ الذي بفتح الواو فهو البياض في العين ، قال تعالى : ( وَحُورٌ عِينٌ . كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ )(1) ، إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ (2) أي لن يرجع (3).
معنى الحوار اصطلاحاً :
هو لفظ يدل على المناقشة بين طرفين أو أكثر ، وتجاذب أطراف الحديث ، والتجاوب الذي يشعر بالرضا ، وقد لا يكون الحوار إيجابياً ، وفي زماننا تشعبت مواضيع الحوار ومجالاته الدينية والاجتماعية والسياسية وغيرها ، وأصبح علماً له عناصره ووسائله وشروطه .
أما أهداف الحوار : فتتلخص في الوصول إلى اتفاق أو تقارب في وجهات النظر لتحقيق مصلحة ومن المصطلحات الملحقة بالحوار ما يلي :
المناظرة : المناقشة بين طرفين ودرء الحجة بالحجة .
المجاملة : التنازل عن بعض الحقائق وهو نوع من النفاق المشروع كوسيلة لغاية ترضي الطرفين .
المنافرة : وهو أقبح أنواع الحوار ما يؤدي إلى القطيعة وتباعد الأفكار .
المجادلة : مشاطرة الحديث بين طرفين بين شد وجذب .
المطلب الثاني : نماذج الحوار في القرآن
لو تأملنا القرآن الكريم لوجدناه على العموم حوار بين الله تعالى والإنسان الافتراضي ، يدير نصوصه الله تعالى ويدعو إلى صلاح بني الإنسان وتنظيم حياته بالشكل الأمثل وقد وردت قصص فيها دروس وعِبر وتضمنت حوارات مختلفة في أساليبها ووسائلها يخاطب فيها المحاور عقل الآخر ومن المؤكيد أن أحد الطرفين يريد أن يقنع الآخر بما لديه من هدى والذي يهمنا هو أن الحوار منهج قرآني رباني وسلوك نبوي فاعل وعلى سبيل المثال لا الحصر سأورد بعض النصوص الحوارية من القرآن الكريم ليعلم القارئ أن الحوار ومخاطبة العقل هو منهج الدين في كل العصور :
* فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً (4) قالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً (5) *قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (6) *قالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ . قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ (7) *أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (8) *قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى . قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى(9) ولا أريد أن أشرح قصة كل آية حوارية لأنها معلومة في كتب التفاسير وغيرها .
المطلب الثالث :
التعريف بعام الوفود :
بعد فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة واستقرار الأمر وتمكٌّنِ المسلمين من تحقيق النصر والتفاتِهم إلى وضع إستراتيجية العمل لتأسيس دولة الإسلام وحلول السنة التاسعة للهجرة وقد سمع العرب بهذا النصر المبين بدأت قبائل العرب بالتفكير بما سيؤول إليه مصيرها والخطر قادم ولا قبل لهم بمواجهة المسلمين بدأ عقلاؤهم يفكرون بجدية الأمر وما تقتضيه مصلحتهم وتوصلوا إلى أرجح الحلول وهي إرسال وفودها لمحاورة النبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم لذلك سمي هذا العام بعام الوفود لكثرة الوفود القادمة إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم.
أهم الأحداث :
لم يكن عام الوفود خال من الأحداث المهمة . فلقد شهد غزوة تبوك التي رسمت الأبعاد التي سيتوجه إليها المسلمون مستقبلا إضافة إلى ما فيها من دروس وعبر خارجة عن موضوع بحثنا هذا . وهدم مسجد ضرار وموت النجاشي ووفاة أم كلثوم وحج أبي بكر الذي مهّد لحجة الوداع فيما بعد . كل هذه الأحداث والنبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم يستقبل ويودع الوفود القادمة إليه .
المبحث الثاني :
الحوار في عام الوفود
تناولت في هذا المبحث الوفود التي وفدت إلى النبي صلى الله عليه وسلم واخترت التي طال فيها الحوار أولا بغض النظر عن تسلسلها التاريخي وما يهمنا هو الحوار وما يؤدي إليه ويمهد له .
المطلب الأول : حوار وفد نجران ونجران هي قبيلة نصرانية في الجزيرة العربية وذكر حديثهم في صحيح البخاري(10) والكثير من كتب السيرة والتاريخ أنه :
وفَدَ عليه صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم وفْدُ نصارى نجران وكانوا ستين راكباً دخلوا المسجدَ وعليهم ثيابُ الحَبَرةِ وأرديةُ الحرير مختَّمين بخواتم الذهب أي ومعهم هدية ، وهي بُسُطٌ فيها تماثيل ومُسوح فصار الناس ينظرون للتماثيل ، فقال صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم: أما هذه التماثيل فلا حاجة لي فيها وأما هذه المُسوح فإن تعطونيها آخذها ، فقالوا : نعم نعطيكها(11) .
نفهم مما ذُكِر أن المُحاور الأول (النصارى) قد كان حريصا على هيبة الحوار من خلال كثرة العدد في الوفد والاهتمام بالمظهر ولبس الحرير وخواتم الذهب لما له من أثر في نفسية الطرف الآخر ، وهذا أمر منطقي حيث أثر على بعض الصحابة ، ولكن ذلك طبعاً لا يؤثر على شخصية النبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم. (( ولما رأى فقراءُ المسلمين ما عليه هؤلاء من الزينة والزيِّ تشوقت نفوسهم إلى الدنيا فأنزل الله ( قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ )(12) …)) (13)، فعالج النبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم نفوس أصحابه بهذه الآية الكريمة وأظهر للنصارى موقفه الإيجابي بقبول هديتهم قبل الشروع بالحوار . كل هذه المقدمات تدخل ضمن ممهدات الحوار وهو أن يكون كل طرف مقبولا من قبل الآخر ولم يكن مستعجلا لفتح ملفات الحوار معهم قبل أن يقوم بواجب الضيافة كاملة وعلى أتم وجه . ( وكان أبو حارثة قد شرف فيهم ودرس كتبهم حتى حسن علمه في دينهم ، فكانت ملوك الروم من النصرانية قد شرفوه وموّلوه وأخدموه ، وبنوا له الكنائس وبسطوا عليه الكرامات لما يبلغهم عنه من علمه واجتهاده في دينهم )(14) ، وأرادوا أن يصلّوا بالمسجد بعد أن حان وقت صلاتهم وذلك بعد العصر فأراد الناس منعهم ، فقال صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم: دعوهم ، فاستقبلوا المشرق فصلوا صلاتهم ، فعرض عليهم صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم الإسلام وتلا عليهم القرآن فامتنعوا وقالوا قد كنا مسلمين قبلك (15).
وهنا نلاحظ الحرية الكاملة في التعبير عن الرأي وهم يخاطبون عظيما بهذا الأسلوب الجريء . ( فقال لهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم: كذبتم يمنعكم من الإسلام ثلاث : عبادتكم الصليب وأكلكم لحم الخنزير وزعمكم أن لله ولداً ، أي لأن أحدهم قال : المسيح عليه الصلاة والسلام ابن الله لأنه لا أب له . وقال له آخر: المسيح هو الله لأنه أحيا الموتى وأخبر عن الغيوب ، وأبرأ الأدواء كلها ، وخلق من الطين طيراً ، وقال له أفضلهم : فعلام تشتمه وتزعم أنه عبد ؟ فقال صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم: ( هو عبد الله وكلمته ألقاها إلى مريم ) فقالوا : إنما يرضينا أن تقول إنه إله ، وقالوا له صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم: إن كنت صادقاً فأرنا عبد الله يحيي الموتى ويشفي الأكمه والأبرص ويخلق من الطين طيراً فينفخ فيها فتطير . فسكت صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم عنهم . فنزل الوحي بقوله تعالى : ( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ )(16) وقوله تعالى ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (16)— (17)( ولما أصبح رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم أخبرهم بقوله في عيسى وتركهم ذلك اليوم ليفكروا في أمرهم )(19) . ثم قال لهم صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم: ( إن الله أمرني إن لم تنقادوا للإسلام أن أباهلكم أي ندعوا ونجتهد بالدعاء باللعنة على الكاذب ) فقالوا له : يا أبا القاسم نرجع فننظر أمرنا ثم نأتيك فخلا بعضهم إلى بعض ، فقال بعضهم : والله علمتم أن الرجل نبي مرسل وما لاعن قوم قط إلا استؤصلوا . أي أخذوا عن آخرهم ، وإن أنتم أبيتم إلا دينكم فواعدوه وصالحوه وارجعوا إلى بلادكم (20).
نلاحظ هنا قوة الحجة وصلابة العقيدة عند النبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم ومع هذا تركهم يتشاوروا في أمرهم وأعطاهم فسحة زمنية كافية ليراجعوا أمرهم هكذا هو الإسلام دين التسامح والحوار الحضاري المفتوح . وفي لفظ أنهم ذهبوا إلى بني قريضة أي من بقي منهم وبني النضير وبني قينقاع واستشاروهم فأشاروا عليهم أن يصالحوه ولا يلاعنوه )(21) . وهذا يدل على طول بال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم وحلمه حتى أنهم أوقفوا الحوار ريثما يتصلون بقبائلهم .
وفي رواية أنهم واعدوه إلى الغد ، فلما أصبح صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم أقبل ومعه حسن وحسين وفاطمة وعلي عليهم السلام وقال : اللهم هؤلاء أهلي . فجاء العاقب والسيد صاحبا نجران إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم يريدان أن يلاعناه ، فقال أحدهما لصاحبه لا تفعل فوالله لئن كان نبياً فلاعنّاه لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا(22) . وعند ذلك قال لهم الأسقف : إني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل لهم جبلا لأزاله ؛ فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني . فقالوا لا نباهلك فصالحوه . (23)، فصالحهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم على الجزية وكتب لهم كتابا بذلك والتزم فيه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم لهم إن دفعوا الجزية المتفق عليها أن لا تهدم لهم بيعة ولا يفتنوا عن دينهم ما لم يحدثوا حدثا )(24) .
المطلب الثاني : حوار وفد ثقيف
كان عروة بن مسعود الثقفي لحق برسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم في حين انصرافه من حصار الطائف فأدركه قبل أن يدخل المدينة فأسلم وسأله أن يرجع إلى قومه بالإسلام وكان سيد قومه فقال له رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم: إنهم قاتلوك (25) . وفعلا لقد قتلوه بعد رجوعه إليهم ولكنهم ندموا على فعلتهم وبقوا يتخوفون من المسلمين حتى رأوا أنه لا جدوى من المناجزة واتفقوا على إرسال وفد إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم.
وَفَدَ تسعة عشر رجلا هم أشراف ثقيف فيهم كنانة بن عبد ياليل وهو رأسهم يومئذ وفيهم عثمان بن أبي العاص وهو أصغرهم فلما قربوا من المدينة لقوا المغيرة بن شعبة الثقفي فذهب مسرعا ليبشر رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم بقدومهم عليه فلقيه أبو بكر رضي الله تعالى عنه ، فأخبره فقال له أبو بكر : أقسمت عليك لا تسبقني إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم حتى أكون أنا أحدثه . ففعل . فدخل أبو بكر رضي الله تعالى عنه على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم فأخبره بقدومهم عليه ثم خرج المغيرة إليهم وعلمهم رضي الله تعالى عنه كيف يحيون رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم فأبوا إلاّ تحية الجاهلية وهي – عم صباحا- ثم قدم بهم على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم ، فضرب لهم قبة في ناحية المسجد أي ليستمعوا القرآن ويروا الناس إذا صلوا وكانوا يغدون إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم كل يوم ويخلفون عثمان بن أبي العاص عند أسبابهم(26) . ومن هذا نرى كيف أن القوم تُرِكوا أياماً قبل الحوار ؛ لتُتاح لهم الفرصة الكافية للتعرف على مبادئ الدين الجديد ، وخدمتهم في هذه الفترة هي من ممهدات الحوار ، ورب صمت أبلغ من كلام .
وكان ابن أبي العاص إذا رجعوا ذهب إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم يسأله عن الدين ويستقرؤه القرآن وإذا وجد النبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم نائماً ذهب إلى أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وكان يكتم ذلك عن أصحابه فأعجب ذلك رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم فأحبّه (27).
( وكان خالد بن سعيد بن العاص هو الذي يمشي بينهم وبين رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم حتى اكتتبوا كتابهم وكان خالد هو الذي كتب كتابهم بيده وكانوا لا يطعمون طعاماً من عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم حتى يأكل منه خالد حتى أسلموا وبايعوا وفرغوا من كتابهم )(28) .
( رأيت أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم كان يستقبل وفد ثقيف في مسجده لمحادثتهم وتعليمهم وإذا كان هذا جائزاً للمشرك فجوازه للكتابي أولى ) (29)، فاستسلموا وأسلموا واشترطوا أن يتولى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم هدم اللات وأن ثقيفاً لا يهدمونها بأيديهم فقبل ذلك وكتب لهم كتابا )(30) ، وأمرهم بدفع دية عروة بن مسعود الذي قتلوه وكان الأسود قد مات مشركاً ولكن أمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم بإعطائه ديته تأليفاً وإكراماً لولده قارب بن الأسود رضي الله تعالى عنه )(31) ، فلما فرغوا من أمرهم وتوجهوا إلى بلادهم راجعين بعث صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم معهم المغيرة بن شعبة لهدم الطاغية – صنمهم – )(32) ، وهذا دليل على أنه راعى مشاعرهم وأرسل من يهدم الصنم غيرهم .
( وعند انصرافهم قالوا يا رسول الله أمِّر علينا رجلا فأمَّر عليهم عثمان بن أبي العاص لما رأى من حرصه على الإسلام وقراءته للقرآن وتعلم الدين ولقول الصدّيق رضي الله عنه : يا رسول الله إني رأيت هذا الغلام من أحرصهم على التفقه في الإسلام وتعلم القرآن) (33).
المطلب الثالث : حوار وفد عدي بن حاتم الطائي
سبقت هذه الوفادة من طي وفادة زيد الخيل الذي سمّاه النبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم – زيد الخير – الذي أسلم ولكن وافاه الأجل قبل أن يصل قومه وكانت طي تخشى نفوذ الإسلام الذي بدأ يزداد يوما بعد يوم وكان عدي بن حاتم غلبت عليه الأنفة القبلية وكبرياؤه .
وبعد أن وقعتْ أخت حاتم أسيرة لدى المسلمين وكعادته صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم يتفقد الأسرى بنفسه ويطلع على حقوق الإنسان قبل ألف وأربعمائة عام ليعلم الناس الرحمة إذ هو رحمة للعالمين ( فتقول أخت حاتم : يا رسول الله هلك الوالد وغاب الوافد فامنن عليَّ منَّ الله عليك . قال من وافدك ؟ قالت عدي بن حاتم . قال: الفارّ من الله ورسوله . وقال : قد فعلتُ فلا تعجلي بخروج حتى تجدي من قومك من يكون لك ثقة . قالت فكساني وحمّلني ) (34)ما أكرمه من نبي يطلق الأسير ويكرمه ويؤمِّن له سبيل الرجوع حيث أنها رجعت إلى أخيها الهارب من الله ورسوله وأقنعته بالتوجه إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم والاعتذار له . قال أي حاتم الطائي : بُعث رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم حين بُعث فكرهته أشد ما كرهت شيئا قط ، فانطلقت حتى إذا كنت في أقصى الأرض مما يلي الروم فكرهت مكاني في ذلك مثلما كرهته أو أشد ، فقلت : لو أتيت هذا الرجل فإن كان كاذباً لم يخفَ عليّ وإن كان صادقاً اتبعته ، فأقبلت ، فلما قدمت المدينة استبشر فيَّ الناس وقالوا عدي بن حاتم ؟ عدي بن حاتم ؟ فأتيته (35). وأترك الكلام لعدي بن حاتم الطائي إذ يقول : ثم قال لي رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم: يا عدي بن حاتم أسلم تسلم قالها ثلاثا . فقلت : إني على دين . قال أنا أعلم بدينك منك , ألست من الركوسية ؟ ألست من القوم الذين لهم دين ؟ – لأنه كان نصرانياً – فقلت : بلى . فقال : ألم تكن تسير في قومك بالمرباع ؟ أي تأخذ ربع الغنيمة كما هو شأن الأشراف من أخذهم في الجاهلية ربع الغنيمة – قلت بلا . قال : فإن ذلك لم يكن يحلّ لك في دينك . فقلت أجل . والله وعرفت أنه نبي مرسل يعلم ما يُجهل ، ثم قال : لعلك يا عدي إنما يمنعك من الدخول في هذا الدين ما ترى ، تقول إنما اتبعه ضعفة الناس ومن لا قوة له ، وقد رمَتهم العرب مع حاجتهم ، فوالله ليوشكنّ المال أن يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأخذه ، ولعلك إنما يمنعك من الدخول فيه ما ترى من كثرة عدوهم وقلة عددهم ، أتعرف الحيرة ؟ قلت لم أرها وقد سمعت بها . قال : فوالله وفي لفظ فوالذي نفسي بيده ليتمنّ هذا الأمر حتى تخرج الضعينة من الحيرة تطوف بالبيت من غير جوار أحد(36) . وقال أي عدي بن حاتم ( فأتيته فإذا عنده امرأة وصبيّان أو صبي فذكر قربهم منه فعرفت أنه ليس ملك كسرى ولا قيصر فقال : يا عدي بن حاتم ما أفرّك ؟ أفرّك أن يقال لا إله إلا الله ؟ ما أفرّك ؟ أفرّك أن يقال الله اكبر ؟ فهل شئ أكبر من الله عز وجل ؟ فأسلمتُ فرأيت وجهه استبشر ) (37).
ولعل عدياً الذي كان ذا مكانة مرموقة في قومه كان يحسب أن يجد بيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم ينطق بشئ من المعنى الذي كان هو يتمتع به ولكنه فوجئ بعكس ذلك ، وفوجئ بأن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم يتربع جالساً أمامه على أرض يابسة (38). وكان عدي يقول : قد مضت اثنتان وبقيت الثالثة والله لتكونن قد رأيت القصور البيض من أرض بابل قد فتحت وقد رأيت المرأة تخرج من القادسية(39) .
المطلب الرابع : حوار وفد عبد القيس
وفد عبد القيس وكانوا ستة عشر فعرض عليهم صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم ، فقال الجارود وكان نصرانياً : يا محمد إني كنت على دين وإني تارك ديني لدينك أفتضمن لي ذنبي ؟ فقال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم: نعم أنا ضامن لك إن قد هداك إلى ما هو خير منه ، فأسلم وأسلم أصحابه(40) .
وفي السيرة الهشامية أن الجارود إنما وفد مع حليف له يقال له سلمة بن عياض الأزدي وإن الجارود قال لسلمة : أن خارجاً خرج بتهامة يزعم أنه نبي فهل لك أن تخرج إليه فأن رأيت خيرا دخلت فيه وأنا أرجو أن يكون هو النبي الذي بشر به عيسى بن مريم . لكن يضمر كل واحد منا ثلاث مسائل يسأل عنها لا يخبر بها صاحبه ، فلعمري إنه إن أخبرنا بها إنه لنبي يوحى إليه ، فلما قدما عليه صلى الله عليه وسلم قال له الجارود : بم بعثك به ربك يا محمد ؟ قال : بشهادة أن لا إله إلا الله وأني عبد الله ورسوله ، والبراء من كل ند أو دين يعبد من دون الله ، وبإقام الصلاة لوقتها ، وإيتاء الزكاة لحقها ، وصوم رمضان ، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا بغير إلحاد ( من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد )(41) قال الجارود : يا محمد إن كنت نبياً فأخبرنا عما أضمرنا عليه . فخفق رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم خفقة كأنها سنة ثم رفع رأسه الشريف والعَرَق يتحدر عنه فقال : أما أنت يا جارود فإنك أضمرت أن تسألني عن دماء الجاهلية ، أما وإن دم الجاهلية موضوع ، وحلفها مردود ، ولا حلف في الإسلام ، ألا وإن أفضل الصدقة أن تمنح أخاك ظهر دابة أو لبن شاة ، فإنها تغدو برفده وتروح بمثله ، وأما أنت يا سلمة فإنك أضمرت على أن تسألني عن عبادة الأوثان ، وعن يوم السباسب ، وعن عقل الهجين ، فأما عبادة الأوثان ، فإن الله تعالى يقول : ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ) (42)، وأما يوم السباسب فقد أعقبه الله ليلة خير من ألف شهر في العشر الأواخر من رمضان ، فإنها ليلة بلجة سمحة لا ريح فيها تطلع الشمس في صبيحتها ، لا شعاع لها ، وأما عقل الهجين ، فإن المؤمنين إخوة تتكافأ دماؤهم ، يجير أقصاهم على أدناهم ، أكرمهم عند الله أتقاهم ، فقالا : نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنك عبده ورسوله(43) .
فمنهم أشج عبد القيس ، وهو المنذر بن عائذ قال له النبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم: إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله الحلم والأناة(44) .
لما قدم وفد عبد القيس وهم من ربيعة وأسلموا سألوا النبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم عن مسائل أي في رواية أنهم سألوه عن النبيذ فقالوا : يا رسول الله إن أرضنا وخمة لا يصلحها إلا النبيذ . قال : فلا تشربوا في النقير كأني بكم إذا شربتم في النقير قام بعضكم إلى بعض بالسيوف ، فضرب رجل منكم ضربة لا يزال يعرج منها إلى يوم القيامة ، فضحكوا فقال صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم: ما يضحككم ؟ قالوا : والله لقد شربنا في النقير فقام بعضنا إلى بعض بالسيوف فضرب هذا ضربة بالسيف فهو أعرج كما ترى(45) .
وكان صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم يرى أن الخمرة أم الكبائر وأعظمها قد أكثرَ الحديث عنها في هذا المقام مستعملا الحجة العقلية في تحريمها .
فكأنه صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم إنما قصد بالأعظم هنا ما تكثر مواقعته ويظهر الاحتياج إلى بيانه في الوقت كما وقع في حق وفد عبد القيس حيث اقتصر في منهياتهم على ما يتعلق بالأشربة لفشوها في بلادهم(46) .
روي أنه لما وفد عبد القيس تبادروا من رواحلهم وسقطوا عنها على الأرض وفعلوا ما فعلوا وقررهم النبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم على ذلك والذي كان رأسهم ومقدمهم اسمه الأشج نزل أولا في منزل له واغتسل ولبس الثياب البيض ثم دخل المسجد فصلى فيه ركعتين ودعا فقصد إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم خاضعاً خاشعاً بتأني ووقار ، فلما رأى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم هذا الأدب أثنى عليه وقال : إن فيك خلتين إلى آخره انتهى ( عيبته ) بفتح عين مهملة ثم مثناة تحتية ساكنة ثم موحدة مفتوحة مستودع الثياب ( فقال : أي النبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم له ، أي للمنذر الأشج ( خلتين ) أي خصلتين ( الحلم والأناة )(47) رويا مرفوعين ومنصوبين الحلم بكسر الحاء تأخير مكافأة الظالم والمراد به هنا عدم استعجاله (48). وامتد ثناؤه صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم حتى على أهل الجاهلية الماضين لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم بعث متمماً لمكارم الأخلاق ، وسنرى كيف يمتدح قسّاً بن ساعدة وهذا شأن المحاور الناجح والقدوة الحسنة ، فما أحوجنا اليوم إلى مثل هذه المواقف النبيلة .
قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم: رحم الله قسّاً… إلخ . قال الحافظ في البيان : إن لقسّ وقومه فضيلة ليست لأحد من العرب لأن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم روى كلامه وموقفه على جمله بعكاظ وعظته وعجب من حسن كلامه وأظهر تصويبه وهذا شرف تعجز عنه الأماني وتنقطع دونه الآمال . فقيل : يا رسول الله تترحم على قس ؟ قال : نعم إنه ( كان على دين أبي إسماعيل بن إبراهيم ) الخليل وورد من طرق عن ابن عباس قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم فقال : أيكم يعرف القس بن ساعدة الأيادي قالوا : كلنا قال : فما فعل؟ قالوا : هلك، قال : ما أنساه بعكاظ على جمل أحمر يقول : أيها الناس من عاش مات ومن مات فات وكل ما هو آت آت (49). وكان الجارود ( مع وفد عبد القيس ) نصرانياً فأسلم ومن معه وسألوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم أن يحملهم _ أي يعطيهم – فقال : والله ما عندي ما أحملكم عليه . فقالوا : إنا نمر فنجد ضوال الإبل في طريقنا فنأخذها ؟ فقال لهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم: ضالة المؤمن حرق النار(50) .
المطلب الخامس : حوار وفد الأشعريين
وفد عليه صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم وهو في خيبر الأشعريون صحبة أبي موسى الأشعري وصحبوا جعفر بن أبي طالب وقال صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم فيهم : ( أتاكم أهل اليمن أرق أفئدةً وألين قلوباً ، والإيمان يماني ، والحكمة يمانية )(51) وقال في حق أهل اليمن ( يريد أقوام أن يضعوهم ويأبى الله إلا أن يرفعهم ) ولما فتحت مكة دخلوا في دين الله أفواجاً(52) .
قدم الأشعريون وفيهم أبو موسى الأشعري فلما دنوا من المدينة كانوا يرتجزون ويقولون : غداً نلقى الأحبة محمداً وصحبه . وقد سبق قدوم أبي موسى الأشعري مع قدوم جعفر من الحبشة أثناء غزوة خيبر ويحتمل أنه عاد إلى قومه ثم عاد بهم في وفد الأشعريين إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم (53).
ثم روي من حديث سفيان الثوري عن أبي صخر جامع بن شداد حدثنا صفوان بن محرز عن عمران بن حصين قال : جاء بنو تميم إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم فقال : أبشروا يا بني تميم . فقالوا : أما إذ بشرتنا فأعطنا . فتغير وجه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم ، فجاء ناس من أهل اليمن فقال : اقبلوا البشرى إذ لم يقبلها بنو تميم . فقالوا : قبلنا يا رسول الله . وقد رواه الترمذي والنسائي(54) .
المطلب السادس : حوار وفد بني تميم
كان مع وفد تميم قيس بن عاصم فأسلم وذلك في سنة تسع ، فلما رآه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم قال : هذا سيد أهل الوبر ، وكان عاقلا مشهورا بالحلم . قيل للأحنف بن قيس وكان من أحلم الناس ممن تعلمت الحلم ؟ قال : من قيس بن عاصم رأيته يوما قاعدا بفناء داره محتبياً بحمائل سيفه يحدث قومه ، فأتي برجل مكتوف وآخر مقتول ، فقيل له : هذا ابن أخيك قد قتل ابنك . قال فوالله ما حل حبوته ولا قطع كلامه . فلما أتمه التفت إلى ابن أخيه فقال : ياابن أخي ما فعلت ، أثمت بربك وقطعت رحمك وقتلت ابن عمك ورميت نفسك بسهمك . ثم قال لابن له آخر : قم يا بني فوار أخاك وحل كتاف ابن عمك وسق إلى أمك مئة ناقة دية ابنها فإنها غريبة(55) . وهذا لا يعني أن بني تميم على قلب رجل واحد فهي من أكبر قبائل العرب حتى أن شاعرهم يقول :
فوالله لولا أن تقولــــوا تكاثرت
علينــا تميــــــم ظالمين وأسـرفوا
لما تُركتْ كف تشير بأصبع
ولا تُركتْ عين على الأرض تطرفُ
ولكثرتهم لا يمثلهم وفد واحد ، فهم فروع ولكل فرع رئيس ووفد خاص به ، لذلك فمن بعض وفودهم صدرت الإساءة إلى النبي صلى الله عليه وسلم لجهلهم بالأدب النبوي(56) .
ومن وفود بني تميم كما تقدم ذكره إذ قال لهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم: اقبلوا البشرى يا بني تميم قالوا قد بشرتنا فأعطنا (مرتين) ثم دخل عليه ناس من أهل اليمن فقال : اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إن لم يقبلها بنو تميم قالوا قبلنا يا رسول الله (57). فقد كان مفهوم البشرى عندهم العطاء المادي هذا لطبيعتهم البدوية التي تقيس الأمور بما يدخل في جيبي كحال الناس اليوم أفراداً وجماعات لا تربطهم إلا المصالح المادية .
وفدَ بنو تميم المسجد نادوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم من وراء الحجرات أن اخرج علينا يا محمد جئناك لنفاخرك فأذنْ لشاعرنا وخطيبنا ، قال : نعم فأذنت لخطيبكم فليقل فقام إليه عطارد بن حاجب فقال : …. من يفاخرنا فليعدد مثل ما عددنا وإنا لو نشاء لأكثرنا الكلام …..إلى آخر خطبته . فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم لثابت بن قيس بن شماس : قم فأجب الرجل في خطبته ففعل وجاء دور الشعر قالوا : يا محمد ائذن لشاعرنا . فقال نعم فقام الزبرقان بن بدر وألقى وقال :
نحن الكرام فلا حي يعادلنا
منا الملوك وفينا تُنصبُ البيعُ
إلى آخر ما قال .
ثم قام حسان بن ثابت فألقى :
أكرم بقوم رسول الله شيعتهم
إذا تفاوتت الأهواء والشـيعُ
إلى آخر ما قال .
فلما فرغ حسان من قوله قال الأقرع بن حابس : إن هذا الرجل – يعني النبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم – لمؤتىً له . لَخطيبه أخطب من خطيبنا ولشاعره أشعر من شاعرنا وأصواتهم أعلى من أصواتنا فلما فرغ القوم أسلموا وجوّزهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم ، فأحسن جوائزهم(58) .
المطلب السابع : حوار وفد بني عام
وفيهم عامر بن الطفيل وذكر أن عامر بن الطفيل قال لرسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم وقد قال له أسلم يا عامر . فقال : أتجعل لي الأمر من بعدك إن أسلمت ؟ فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم: ليس ذلك لك ولا لقومك أي إنما ذلك إلى الله يجعله حيث يشاء . أي وقال له : يا محمد أُسلمُ على أنَّ ليَ الوبر ولك المدر . فقال : لا ، فقال : مالي إن أسلمتُ ؟ فقال : لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم ، فقال : أما والله لأملأنها عليك خيلا ورجالا وفي رواية خيلا جرداً ورجالا مرداً ولأربطن بكل نخلة فرسا ، فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم: الله يمنعك عز وجل(59) .
ولم تكن هذه النهاية لوفد بني عامر فقد أتته صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم وفود من بني عامر فرادى ومجموعات وقد ذكرت أخبارهم وقد يكون عامر بن الطفيل ممن عاد ثانية وأسلم لما رأى من صلابة عقيدة المسلمين وإيمانهم اللامتناهي .
وفي الحديث الذي أورده أبو العباس المستغفري في الصحابة وروى بإسناده عن أبي أمامة عن عامر بن الطفيل أنه قال : يا رسول الله زودني بكلمات أعيش بهن . قال : يا عامر أفش السلام وأطعم الطعام واستحي من الله كما تستحي رجلا من أهلك ذا هيئة وإذا أسأت فأحسن ، فإن الحسنات يذهبن السيئات(60) .
ومن حديث مطرف بن عبد الله عن أبيه أنه وفد إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم في رهط من بني عامر . قال : فأتيناه فسلمنا عليه وقلنا أنت ولينا وأنت سيدنا وأنت أطول علينا وأنت الجفنة الغراء(61) .
المطلب الثامن : حوارات لوفود متفرقة
وفد ضمام بن ثعلبة : قيل أنه وفد سنة خمس لكن صوّبه الحافظ بن حجر لورود كلمة الحج وهذا السياق يدل على أن وفوده بعد فرض الحج حيث وفد ضمام بن ثعلبة فقال : يا محمد جاءنا رسولك فذكر لنا أنك تزعم أن الله أرسلك . قال : صدق . قال أنشدك برب من قبلك ورب من بعدك وفي رواية بالذي خلق السموات والأرض ونصب هذه الجبال . قال اللهم نعم وفي رواية أنه قال له : آلله أمرك أن تأمرنا أن نعبده وحده ولا نشرك به شيئا ؟ وأن نخلع هذه الأنداد التي كان آباؤنا يعبدون ؟ قال : اللهم نعم . قال وأنشدك بالله آلله أمرك أن نصلي خمس صلوات في كل يوم وليلة ، قال : اللهم نعم . قال : وأنشدك بالله آلله أمرك أن تأخذ من أموال أغنيائنا فترده على فقرائنا ؟ قال : اللهم نعم قال وأنشدك بالله آلله أمرك أن نصوم هذا الشهر من اثني عشر شهرا ؟ قال : اللهم نعم قال وأنشدك بالله آلله أمرك أن يحج هذا البيت من استطاع إليه سبيلا ؟ قال اللهم نعم . قال فأنا قد آمنت وصدقت وأنا ضمام بن ثعلبه(62) .
ثم انصرف إلى بعيره راجعا يعني ضمام بن ثعلبة قال: فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم: إن صدق ذو العقيصتين دخل الجنة ، قال فأتى بعيره فأطلق عقاله ثم خرج حتى قدم إلى قومه فاجتمعوا إليه فكان أول ما تكلم قال : بئست اللات والعزى ، فقالوا : مه يا ضمام اتق البرص اتق الجذام اتق الجنون . فقال : ويلكم إنهما والله لا يضران ولا ينفعان إن الله قد بعث رسولا وأنزل عليه كتاباً استنقذكم به مما كنتم فيه وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ، وقد جئتكم من عنده بما أمركم به وما نهاكم عنه . قال فوالله ما أمسى من ذلك اليوم وفي حاضره رجلا ولا امرأة إلا مسلما (63).
يقول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : فما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام بن ثعلبة(64) .
وفد كندة :
قدم الأشعث بن قيس في ثمانين راكباً من كندة فدخلوا على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم مسجده قد رجلوا جممهم ( مجمع الرأس ) وتكحلوا عليهم جُبَبُ الحَبَرة قد كففوها بالحرير ، فلما دخلوا على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم قال : ألم تسلموا ؟ قالوا نعم . قال : فما بال هذا الحرير في أعناقكم ؟ قال : فشقوه منها ، فألقوه ، ثم قال له الأشعث بن قيس : يا رسول الله نحن بنو آكل المرار وأنت ابن آكل المرار ، قال : فتبسم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم وقال : ناسبوا به العباس بن عبد المطلب وربيعة بن الحارث وكانا تاجرين إذ أشاعا في العرب فسُئلا ممن أنتما فقالا نحن بنو آكل المرار يعني ينسبان إلى كندة ليُعَزّا في تلك البلاد لأن كندة كانوا ملوكا (65).
وفد بني حنيفة : وفيهم مسيلمة الكذاب
كانت وفادتهم سنة تسعة هجري وكانوا سبعة عشر رجلا وفيهم مسيلمة الكذاب فأسلموا واختلفت الروايات في مسيلمة الكذاب ويظهر بعد النظر في جميعها أن مسيلمة صدر منه الاستنكاف والأنفة والاستكبار والطموح إلى الإمارة وإن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم أراد استئلافه بالإحسان بالقول والفعل أولا فلما رأى أن ذلك لا يجدي فيه نفعاً تفرس فيه الشر(66) .
المبحث الثالث :
نتائج الحوار النبوي وأنواع وأساليب الحوار
المطلب الأول : نتائج الحوار النبوي
ذكرت الوفود التي وفدت على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم في المدينة حتى زاد عددها عن خمس عشرة وفداً وسميت سنة تسع من الهجرة بـ (سنة الوفود) لكثرة ما وفد فيها من وفود(67) .
لقد كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم يبلغ رسالة ربه صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم وفي مخيلته دولة إسلامية يريد أن يرسي دعائمها ويراعى مصالحها لذلك فتح باب الحوار مع الناس ويعلمنا منهجية الحوار الصحيح المثمر على مبدأ إن لم تكسب صديقا فلا تصنع عدوا على اعتبار أن السلام هو الخيار الأول من مساعي الحوار النبوي . حيث أقبلت إليه الوفود وفي جعبة كل وفد مطالب وخيارات حتى إن قسماً من هذه الوفود جعل الدخول في الدين الجديد آخر الحلول المطروحة ، وقد لاحظنا ذلك في مراجعتنا لما جرى من حوارات ولكن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم بأسلوبه الفاضل وحكمته البالغة جعل أغلب الوفود يقتنعون بالإسلام ويدخلون فيه فتحول الحاقد إلى محب والحاقن غيضاً إلى مسالم ودخلت القبائل العربية في دين الله أما فيما يخص من لم يدخل الإسلام منهم فقد تم تشريع قانون وأحكام أهل الذمة وعقد معاهدات مع أطراف أخرى تضمنت استتباب الأمن في جزيرة العرب ، وامتدت جسور المصالح المشتركة وتبادل الهدايا مع المقوقس حاكم مصر وصار للإسلام دولة لها هيبتها بين الدول ، كل ذلك ناتج من الحوار النبوي الشريف على كل المستويات .
لقد ساعد قدوم الوفود من مختلف أنحاء شبه الجزيرة العربية إلى المدينة ومبايعتها الرسول صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم على الإسلام على توفير المناخ الملائم لانتشار الإسلام بين جميع أبناء الأمة العربية وتثبيت دعائم الدولة الإسلامية على الأرض العربية(68) .
المطلب الثاني : أنواع وأساليب الحوار
كانت المجادلة بالحسنى من أساليب الدعوة إلى الله نص عليه القرآن الكريم وأمر به ويعد من أبرز أساليب المنهج العقلي ويعبر عنه بـ (المناقشة والمناظرة والمحاورة وما إلى ذلك من مصطلحات متعددة تتفق في كثير من المواطن على دلالتها) (69).
لقد اتبع النبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم أنواعاً من الحوارات حسب نوع الوافدين إليه ، فمنهم من اتبع معهم الحوار الديني المبني على مناقشة العقيدة وما يتصل بها كوفد نجران ومنهم من اتبع معهم الحوار الاجتماعي كوفد بني تميم حيث كانت المناظرات الأدبية والمفاخرات القبلية ومنهم من اتبع معهم الحوار السياسي كوفد بني عامر .
وكان لكل حوار أساليبه ووسائله كما نلاحظ أن قسما من الوفود تركهم صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم بلا حوار في الساعات الأولى ليستريحوا من وعثاء السفر وليتسنى لهم النظر ، ومنهم من جعل إقامتهم أمام المسجد ليستمعوا إلى القرآن عن قرب ويشاهدوا صلاة المسلمين واختار كادراً ثقافياً مؤهلا لاستقبال الوفود ليكونوا مثلا رائعاً في نظر القادمين ، كما أنه صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم اهتم بكرم الضيافة وسمح لوفد نجران أن يقيموا صلاتهم في المسجد .
وكان صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم يمدح الوفود قبل الشروع بالحوار ويذكر مآثرهم ليستميل قلوبهم ويذكر روابط القبائل وأنساب العرب ، وكان يناور بين اللين والشدة في دعوته الناس إلى الإسلام حسب ما يقتضيه الموقف .
أهل الكتاب هم الذين لم يؤمنوا برسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم من أهل الديانات السابقة كاليهود والنصارى وسُمّوا أهل الكتاب لانتسابهم إلى كتبهم السابقة وخصوا بهذا الوصف وإن وقع كثير منهم في الشرك والوثنية باعتبار الأصل ، ويدعى هذا الصنف كغيره إلى الأيمان بالله وحده والإيمان بأركان الإيمان وإن الإسلام خاتم الأديان ، فإن هم استجابوا لذلك دعوا إلى غير ذلك من أعمال كالصلاة والصيام ، فقد جاء في حديث معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم قال له : ( إنك ستأتي قوماً من أهل الكتاب فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات … الحديث )(70) .
وأخيراً كان يحمِّلهم الهدايا والعطايا تأليفاً لقلوبهم وتطييباً لخواطرهم وليتنا اليوم نتخذ من حواراته صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم منهجاً ينتفع به الدعاة والمحاورين لخدمة السلام في العالم .
المطلب الثالث : الحوار الحضاري المعاصر
ما أحوجنا اليوم إلى الحوار وخاصة نحن نعيش في زمن الويلات والحروب والسياسات الماكرة واتهام الإسلام بالإرهاب حيث صار للدين أكثر من وجه فالمهمة صعبة والمسؤولية عامة ، فماذا نحن فاعلون ؟
بعد أن تعلمنا أنواع الحوار ووسائله كيف نوظِّف هذا في خدمة حوار الأديان وحوار الحضارات وأظن ذلك يأتي بمراعاة ما يلي :
الاعتراف بوجود الآخر وما يحمله من عصارة فكر بشري واحترام عقيدته .
الأخذ بنظر الاعتبار واقع حال المجتمعات .
امتلاك أدوات الحوار من وسائل الإعلام والاتصالات
استثمار الفنون الحديثة من آداب ومسارح وفعاليات لخدمة الحوار.
مراعاة مصلحة الأمة وواقع حالها.
بناء الإنسان بناءً حضاريا لخلق الجيل النموذج.
الحكمة فلا يعد المنهج حكيما إذا ساوى بين حالة الضعف وحالة القوة أو بين حالة السلم أو الحرب أو حالة عموم البلوى بالشئ وغيرها ، كما لا يعد حكيماً إذا لم يفرق بين الكبير والصغير والمرأة والرجل ، ولا بين العالم والجاهل والعدو والصديق والحاكم والمحكوم (71).
استخدام التلفاز وهو من الوسائل العلمية والفنية التي جمعت بين خصائص الوسائل السمعية والبصرية(72) .
الخاتمة :
إن خلاصة بحثي ليست بالكثيرة ، فلقد تحقق ما أردت في مقدمتي وهكذا تبين بعد هذا الجهد ما يلي :
الإسلام دين السلام .
لا إكراه في الدين .
اهتمام النبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم بمنظومة العقل والحوار معه .
كان صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم يمدح الوافدين إليه ويمدح قبائلهم .
كان صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم يمازح وافديه ويقدم لهم الخدمة قبل الحوار معهم .
إن لم تتحقق القناعة بالدين تبقى العلاقة مع الآخرين علاقة مصلحة بضوابط واتفاقات تضمن للآخر الحياة الحرة الكريمة .
كان صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم يحمِّل الوافدين إليه العطايا والهدايا تأليفاً لقلوبهم .
تعليم الأمة أساليب ووسائل الحوار السليم والنافع .
أتمنى لو يعمم بحثي المتواضع على المهتمين لتحقيق الفائدة .
_______________________
المصادر :- أسد الغابة في معرفة الصحابة : تأليف عز الدين بن الأثير أبي الحسن علي بن محمد الجرزي / تحقيق خيري سعيد / المكتبة التوفيقية – القاهرة . البداية والنهاية : للإمام الحافظ عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي (700- 774هـ) خرّج أحاديثه أحمد بي شعبان ومحمد بن عيادي . الطبعة الأولى . سنة 2003م . مطابع دار البيان الحديثة . الناشر مكتبة الصفا- القاهرة . تاريخ الأمم والملوك : للإمام أبي جعفر محمد بن جرير الطبري / مطبعة الاستقامة – القاهرة سنة 1939م . الجامع الصحيح المختصر / صحيح البخاري المؤلف : محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي الناشر : دار ابن كثير ، اليمامة – بيروت الطبعة الثالثة ، 1407 – 1987 تحقيق : د. مصطفى ديب البغا أستاذ الحديث وعلومه في كلية الشريعة – جامعة دمشق عدد الأجزاء : 6 . الرحيق المختوم : تأليف صفي الدين المباركفوري . الطبعة الأولى سنة 2003م دار الوفاء للطباعة – المدينة المنورة . الروض الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام للمؤلف : أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد السهيلي (المتوفى : 581هـ) تحقيق : عمر عبد السلام السلامي الطبعة الأولى ، 1421هـ/ 2000م الناشر : دار إحياء التراث العربي بيروت . السيرة الحلبية : تأليف العلامة أبي الفرج نور الدين علي بن إبراهيم بن أحمد الحلبي الشافعي المتوفى سنة1044هـ ضبطه وصححه عبد الله محمد الخليلي . الطبعة الثالثة 2008هـ والناشر: دار الكتب العلمية – بيروت . سيرة الرسول () المسمى (الدرر) لأبن عبد البر / تحقيق الأستاذ الدكتور مصطفى ديب بغا / الطبعة الأولى سنة2003م / مطبعة دار المصطفى – دمشق . صحيح البخاري (الجامع الصحيح المختصر) المؤلف : محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي الناشر : دار ابن كثير ، اليمامة – بيروت الطبعة الثالثة ، 1407 – 1987تحقيق : د. مصطفى ديب البغا أستاذ الحديث وعلومه في كلية الشريعة . صحيح مسلم المؤلف : مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري الناشر : دار إحياء التراث العربي – بيروت تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي عدد الأجزاء : 5 مع الكتاب : تعليق محمد فؤاد عبد الباقي . صحيح السيرة النبوية : إبراهيم العلي / الطبعة الثامنة سنة 2007م / دار النفائس – الأردن . عون المعبود شرح سنن أبي داود للمؤلف : محمد شمس الحق العظيم آبادي أبو الطيب / الطبعة الثانية ، 1415 عدد الأجزاء : 14/الناشر : دار الكتب العلمية – بيروت . غزوات الرسول: للإمام الحافظ عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي / تحقيق طه عبد الرؤوف / الطبعة الأولى سنة2006م / مكتبة الصفا – القاهرة . فتح الباري شرح صحيح البخاري للمؤلف : أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي / عدد الأجزاء 13 / دار المعرفة – بيروت . فيض القدير شرح الجامع الصغير : تأليف : عبد الرؤوف المناوي الطبعة الأولى ، 1356م عدد الأجزاء : 6 الناشر : المكتبة التجارية الكبرى – مصر . فقه السيرة : تأليف الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي / الطبعة السابعة / مكتبة الشرق الجديد – بغداد المدخل إلى علم الدعوة : تأليف محمد أبو الفتح البيانوني / الطبعة الثالثة سنة 2001م – بيروت . 17- مسند الإمام أحمد بن حنبل المؤلف : أحمد بن حنبل أبو عبد الله الشيباني الناشر : مؤسسة قرطبة – القاهرة عدد الأجزاء : 6 الأحاديث مذيلة بأحكام شعيب الأرنؤوط عليها . 18: المعجم الكبير المؤلف : سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني الناشر : مكتبة العلوم والحكم – الموصل الطبعة الثانية ، 1404 – 1983 تحقيق : حمدي بن عبد المجيد السلفي عدد الأجزاء : 20 . الوسيط في السيرة النبوية والخلافة الراشدة : تأليف الدكتور هاشم يحيى الملاح / مطبعة جامعة الموصل /1991م / رقم الإيداع في المكتبة الوطنية ببغداد 410
_________
الهوامش :- 1- سورة الواقعة آية : 22- 23 .
2- سورة الانشقاق آية 14 .
3- لسان العرب: للإمام العلامة ابن منظور 2002م / دار الحديث – القاهرة ج2ص650 .
4- سورة الكهف آية34.
5- سورة الكهف آية37 .
6- سورة المجادلة آية 1.
7- سورة الأنبياء آية 62-63 .
8- سورة البقرة آية 258.
9- سورة طه آية 49-50.
10- أنظر صحيح البخاري ( الجامع الصحيح المختصر ) المؤلف : محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي الناشر : دار ابن كثير ، اليمامة – بيروت ط3 ، 1407 – 1987تحقيق : د. مصطفى ديب البغا أستاذ الحديث وعلومه في كلية الشريعة / ج4ص1591 .
11- السيرة الحلبية : تأليف العلامة أبي الفرج نور الدين علي بن إبراهيم بن أحمد الحلبي الشافعي المتوفى سنة1044هـ ضبطه وصححه عبد الله محمد الخليلي . ط3، 2008هـ والناشر: دار الكتب العلمية – بيروت. ج3ص298 .
12- سورة آل عمران آية 15.
13- السيرة الحلبية ج3ص298 .
14- الروض الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام للمؤلف : أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد السهيلي (المتوفى : 581هـ) تحقيق : عمر عبد السلام السلامي ط1، 1421هـ/ 2000م الناشر : دار إحياء التراث العربي بيروت. ج5ص6 .
15- السيرة الحلبية ج3ص298 .
16- سورة المائدة آية 17.
17- سورة آل عمران آية59.
18- السيرة الحلبية ج3ص299 .
19- الرحيق المختوم : تأليف صفي الدين المباركفوري . ط1 سنة 2003م دار الوفاء للطباعة – المدينة المنورة ص285.
20- السيرة الحلبية ج3ص299 .
21- السيرة الحلبية ج3ص299 .
22- صحيح السيرة النبوية : إبراهيم العلي / ط8 سنة 2007م / دار النفائس – الأردن ص642.
23- السيرة الحلبية ج3ص299 .
24- فقه السيرة : تأليف الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي / ط7 / مكتبة الشرق الجديد – بغداد ص332.
25- سيرة الرسول صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم المسمى (الدرر) لأبن عبد البر / تحقيق الأستاذ الدكتور مصطفى ديب بغا / ط1 سنة2003م / مطبعة دار المصطفى – دمشق ص299 ، وغزوات الرسول: للإمام الحافظ عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي / تحقيق طه عبد الرؤوف / ط1 سنة2006م / مكتبة الصفا – القاهرة ص400 .
26- السيرة الحلبية ج3ص303 .
27- السيرة الحلبية ج3ص304.
28- تاريخ الأمم والملوك : للإمام أبي جعفر محمد بن جرير الطبري / مطبعة الاستقامة –القاهرة سنة 1939م ج2ص365.
29- فقه السيرة ص330 .
30- الرحيق المختوم ص283 .
31-غزوات الرسول ص4004.
32- السيرة الحلبية ج3ص305 .
33- السيرة الحلبية ج3ص3004.
34- البداية والنهاية : للإمام الحافظ عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي (700- 774هـ) خرّج أحاديثه أحمد بي شعبان ومحمد بن عيادي . ط1 . سنة 2003م . مطابع دار البيان الحديثة . الناشر مكتبة الصفا- القاهرةج5 ص53 — وكذلك تاريخ الطبري ج2ص375 .
35- أسد الغابة في معرفة الصحابة :تأليف عز الدين بن الأثير أبي الحسن علي بن محمد الجرزي / تحقيق خيري سعيد / المكتبة التوفيقية – القاهرة ج4 ص7.
36- السيرة الحلبية – ج3 ص317 – 318.
37- البداية والنهاية ج5ص54.
38- فقه السيرة ص334.
39- الروض الأنف ج7ص478.
40- السيرة الحلبية ج3ص310.
41- سورة فصلت آية46 .
42- سورة الأنبياء آية 98 .
43- السيرة الحلبية ج3 ص310 – 311 .
44- الروض الأنف ج7ص443 .
45- السيرة الحلبية ج3ص313 .
46- فتح الباري شرح صحيح البخاري للمؤلف : أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي / عدد الأجزاء 13 / دار المعرفة – بيروت ج12ص116 .
47- صحيح مسلم المؤلف : مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري الناشر : دار إحياء التراث العربي – بيروت تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي عدد الأجزاء : 5 مع الكتاب : تعليق محمد فؤاد عبد الباقي ج1ص46 .
48- عون المعبود شرح سنن أبي داود للمؤلف : محمد شمس الحق العظيم آبادي أبو الطيب / ط2 ، 1415 عدد الأجزاء : 14/الناشر : دار الكتب العلمية – بيروت ج14ص61 .
49- فيض القدير شرح الجامع الصغير : تأليف : عبد الرؤوف المناوي ط1 ، 1356م عدد الأجزاء : 6 الناشر : المكتبة التجارية الكبرى – مصر ج4ص19، والمعجم الكبير تأليف : سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني الناشر : مكتبة العلوم والحكم – الموصل.الطبعة الثانية ، 1404 – 1983تحقيق : حمدي بن عبدالمجيد السلفي عدد الأجزاء : 20 /ج12 ص88.
50- سيرة الرسول- الدرر –ص310.
51- صحيح البخاري ج3ص1289 .
52- السيرة الحلبية ج3 ص300 .
53- صحيح السيرة ص639.
54- البداية والنهاية ج5ص57.
55- السيرة الحلبية ج3 ص306 .
56- الجامع الصحيح المختصر / صحيح البخاري . تأليف : محمد ابن اسماعيل ابو عبد الله البخاري الجعفي – الناشر : دار ابن كثير ، اليمامة / بيروت ط3 1407 – 1987 / تحقيق : د. مصطفى ديب البغا – أستاذ الحديث وعلومه في كلية الشريعة – جامعة دمشق – ج4 ص1587 .
57- صحيح السيرة ص626