شمس العلوم وقمر العموم ، صاحب المعرفة الكاملة والحقيقة الشاملة .
اسمـه
محمد بن علي (زين العابدين ) بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام .
لقبـه
الباقر ، سمي به لأنه بقر العلم ، أي : شقه فعرف أصله وخفيه وآثار مخبآته ومكامنه .
كنيته
أبو جعفر .
ولادته
ولد في المدينة المنورة في 3 صفر عام 57 هجرية .
أولاده
جعفر الصادق وعبد الله وهما من فروة بنت القاسم بن محمد بن ابي بكر الصديق . وابراهيم وعلي وزينب وام سلمه .
امـه
ام عبدالله فاطمة بنت الحسن بن علي .
طريقته
الطريقة العلية أخذها من والده الإمام زين العابدين علي بن الحسين .
معاصريه
الشيخ الحسن البصري – والشيخ الحبيب العجمي – وسفيان الثوري – وسفيان بن عينية – وابو حنيفة النعمان .
مسكنه
المدينة المنورة .
حياته الروحية وتصوفـه
لقد كان مخلصاً مع ربه وقدوة لأهل التصوف في العبادة والزهد .
ولقد بشر به حضرة الرسول الأعظم ﷺ كما يروي لنا ذلك الصحابي الجليل جابر بن عبدالله الانصاري .
حين قال : قال لي رسول الله ﷺ: انك تُستَبقى حتى ترى رجلاً من ولدي أشبه الناس بي اسمه على اسمي ، إذا رايته لم يخل عليك ، فأقرئه مني السلام . فلما سن جابر وخاف الموت .
جعل يقول : ياباقر ياباقر أين أنت ؟
حتى رآه فوقع عليه يقبل يديه ورجليه .
ويقول : بأبي وأمي ، شبيه أبيه رسول الله ﷺ: أن أباك يقرئك السلام .
ولقد كان متوشح بجلاليب التقوى ومنور بخالص الإيقان ، وكان كثير الذكر خاشع القلب غزير العلم وكان يصلي كل يوم وليلة خمسين ركعة بالمكتوبة .
كان سريع الدمعة قليل الضحك كثير الحزن والبكاء ، ويروى عنه مولاه (أفلح )
قال : خرجت معه حاجاً فلما دخل المسجد نظر إلى البيت فبكى حتى علا صوته .
فقلت : بأبي أنت وأمي ، أن الناس ينظرون إليك فلو رفقت بصوتك قليلاً .
قال : ويحك يا أفلح لم لا أبكي ؟
لعل الله ينظر أليّ منه برحمة فأفوز بها عنده غداً .
وكان إذا بدر منه ضحك قال : اللهم لا تمقتني .
وبالرغم من كونه علم العارفين في زمانه وأستاذ السائرين في أوانه إلا أنه كثير التواضع والخشوع بين يدي ربه .
وكان يقول في جوف الليل : أمرتني فلم آتمر ، زجرتني فلم أزدجر ، هذا عبدك بين يديك ولا أعتذر .
وفقد بغلة له فقال : لئن ردها الله لأحمدنه محامد يرضاها ، فما لبث أن أُتي بها بسرجها ولجامها ، فركبها فلما استوى عليها .
قال : الحمد لله ، ولم يزد عليها . فقيل له في ذلك .
فقال : وهل تركت أو أبقيت شيئاً ؟
جعلت الحمد كله لله .
كراماته وبركاتـه
لقد كان وما زال لآل البيت النبوي الشريف (عليهم السلام ) كرامات وأعمال خارقة يعجز عنها من لم تكن له تلك العناية الإلهية الخاصة وذلك التكريم الالهي العظيم ولقد كان سيدنا الإمام الباقر صاحب كشوفات ربانية ومعارف الهية وكان كثيراً ما يتكلم عن خواطر القلوب ومن هذه الكرامات ما يلي :-
– كان الامام الباقر في مسجد رسول الله ﷺ إذ دخل المنصور وداود بن سليمان قبل ان يفضي الملك لبني العباس ، فجاء داود إلى الباقر .
فقال له : ما منع الدوانيقي ان يأتي ؟
قال : فيه جفاء .
فقال : لا تذهب الدنيا حتى يلي هذا الرجل أمر الخلق فيطأ أعناق الرجال ويملك شرقها وغربها ويطول عمره فيها حتى يجمع من كنوز المال ما لا يجمعه غيره . فأخبر داود المنصور بذلك ، فأتى إليه .
وقال : ما منعني من الجلوس إليك إلا أجلالك .
ثم سأله عما أخبر به داود ؟
فقال : هو كائن .
قال : وملكنا قبل ملككم ؟
قال : نعم .
قال : فمدة بني أمية أطول أم مدتنا ؟
قال : مدتكم أطول وليلعبن بهذا الملك صبيانكم كما يلعبون بالكرة ، بهذا عهد اليَّ أبي . فلما أفضت الخلافة إلى المنصور تعجب من قوله . وكان كما قال .
– كان مالك الجهيني قاعداً عند الباقر ينظر اليه .
ويقول في نفسه : لقد عظمك الله وكرمك وجعلك حجة على خلقه .
فألتفت إليه وقال له : يا مالك ، الأمر أعظم مما تذهب اليه .
لقد كان الإمام صاحب بصيرة ثاقبة يرى بالله بعين قلبه كما يرى غيره بعين الرأس فتحقق فيه قوله تعالى : ( فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد ) .
– ويروي عبد الله بن عطاء المكي .
فقال : اشتقت إلى ابي جعفر الباقر وانا بمكة ، فقدمت المدينة شوقاً اليه ، فأصابني مطر وبردٌ شديد ، فأنتهيت إلى بابه بعد منتصف الليل .
فقلت في نفسي : أطرقه الساعة أو أنتظر حتى يصبح ؟
وبينما أنا أفكر ، سمعته .
يقول : يا جارية ، أفتحي الباب لابن عطاء فقد أصابه الليلة برد وأذى .
– ومن كراماته عليه السلام أيضاً هو كلامه للنباتات والحيوانات وأستجابتها له ، مثل ما حكاه عباد بن كثير البصيري.
قائلاً : قلت للباقر عليه السلام ما حق المؤمن على الله فصرف وجهه عني ، فسألته ثلاثاً . فقال : من حق المؤمن على الله ان لو قال لتلك النخلة : أقبلي ، لأقبلت ، فنظرت والله إلى النخلة التي كانت هناك وقد تحركت مقبلة ، فأشار اليها : قُرّي لم أَعنِك .
– وكان لا يخفى عليه ما في الضمائر من خير وشر وما تؤول أليه مصائرهم ، فلقد دخل عليه رجلاً منكراً أراد أختبار الباقر ، فسلم ثم جلس .
فسأله الباقر : ما حرفتك ؟
قال : أبيع الحنطة .
فقال . كذبت.
فقال : وربما الشعير .
قال : ليس كما ذكرت بل تبيع النوا ولست تموت إلا تائهاً وبعد زمان سأل الناس عن هذا الرجل.
فقيل لهم : مات تائهاً منذ ثلاثة أيام .
– وكان الإمام الباقر عليه السلام عارفاً وناطقاً بالحقائق وقد مَّن الله عليه من الخوارق والكشوفات مالم يهبها لغير آل البيت الاطهار فمنحه الله من العناية الالهية ما يستطيع به ان يكشف لغيره عما خفي عن عيون الناس من الحقائق والمعارف ، فعن ابي بصير
قال : قلت له يوماً ، أنتم ذرية رسول الله ﷺ ؟
قال : نعم .
قلت : ورسول الله ﷺ وارث الانبياء ؟
قال : نعم .
قلت : وانتم ورثتم رسول الله ﷺ ؟
قال : نعم .
قلت : فتقدرون ان تحيوا الموتى وتبرؤا الاكمة والأبرص وتخبروا الناس بما يأكلون وما يدخرون .
قال : نعم ، بأمر الله .
ثم قال : ادن مني ، فدنوت منه فمسح يده على وجهي فأبصرت السماء والأرض ثم مسح يده على وجهي فعدتُ كما كنت لا أرى شيئاً .
أمام أهل الطريقة
الإمام الباقر عليه السلام هو الإمام الرابع في طريقتنا العلية ومن جناحها الذهبي الذي هو الفيض الالهي المتدفق عبر ساداتنا أهل البيت الاطهار (عليهم السلام ) .
انتقاله
انتقل إلى عالم الشهود والحق في عام 114 هجري ، ونقل من الحمية إلى المدينة المنورة ودفن في روضة البقيع بملابسه التي كان يصلي فيها بوصية منه وكان قد بلغ من العمر 57 عام .
المصادر
– الكواكب الدرية – المناوي – ج1 ص164 – 165 .
– شذرات الذهب – الحنبلي – ج1 ص149 .
– وفيات الاعيان – ابن خلكان – ج3 ص314 .
– المدخل إلى دراسة الاديان والمذاهب – ج2 ص341 – 342 .
– تاريخ اليعقوبي – ج2 ص320 .
– حلية الأولياء – ج3 ص182 .
– صفة الصفوة – ج2 ص 78 – 79 .
– جامع كرامات الأولياء – النبهاني – ج1 ص97 .
– الطريقة العلية القادرية الكسنزانية – الشيخ محمد الكسنزان – ص190 .