د.مبارك عبدالله حمد النيل
مقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وسلم. إن ما صدر عن رسول الله قول أو فعل أو تقرير ليست قصصاً تروى، يعجب بها الناس ويطربون، وإنما هو تشريع يستوجب على كل مسلم ومسلمة أن يلتزم به، ويعض عليه بالنواجذ قال تعالى: إنْ هُوَ إلا وَحْيُ يُوحى[2] وقد أمر رب العالمين باتباع هذا الهدى، فقال جلَ شأَنه: وَمَا آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نهَاكُمْ عَنْهُ فَانتهُوا وَاتقُوا الله إنَّ الله شَديدُ الِعقابِ[3]. وقال رسول الله : تركت فيكم أمرين، لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة نبيه[4]. فرسول الله رحمة مهداة، أقام الله به الملة، وفتح بهديه أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا، وهدى به البشرية إلى أقوم طريق، وأوضح سبيل، وأحسن منهج. فقد افترض الله على العباد طاعته، وتوقيره ومحبته، والاقتداء به، واتباع سنته، وجعل العزة والمنعة والنصرة والولاية والتمكين في الأرض لمن اتبع هداه، وترسم خطاه، والذلة والصغار والخذلان والشقاء والضعف والمهانة على من خالف أمره وعصاه. وإن معرفة عبادة الله تعالى، والعمل بدينه-الذي أنزله لصالح شؤون العباد في الدنيا والآخرة-متوقفة على معرفة هدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وطريقته العملية التي بين فيها شرع الله تعالى، من أول يوم أنزل عليه الوحي إلى أن أكمل الله تعالى هذا الدين.
موضوع السلام من الموضوعات التي اهتم بها الرسول صلى الله عليه وسلم، وجعل لها أولويات وتدرجات، فبين الرسول أولوياته، وبين تدرجاته، فبين سلام المرء مع نفسه وسلامه مع جاره وسلامه مع مجتمعه، وبين سلام المجتمع المسلم مع المجتمعات الأخرى، وبيّن آثار ذلك السلام، وبيّن كذلك أن السلام يستمر مع المسلم-إذا تقيد بالدين الإسلامي- إلى أن يعبر الصراط، والملائكة والرسل حينها يقولون: اللهم سلم سلم. ويستمر إلى أن يدخل الجنة، فهي دار السلام، وهناك الملائكة يدخلون عليهم من كل باب، ويقولون: سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار[5], ونهاية المطاف وغاية السلام قول المولى : سلام قوْلاً مِن رَّبٍ رَّحِيمٍ”[6]. ولقد أردت بهذا البحث أن أبين اهتمام الرسول بقضية السلام، وكيف يكون السلام في مجتمع الإسلام؟ وأثر السلام في حياة الأمة، وقد بينت أن السلام لا يعني الاستسلام، وبينت كذلك صوراً من سماحة الرسول وأردت أن أبين كل ذلك علَى ضوء الكتاب والسنة النبوية. والموضوع يُعدُّ من موضوعات الساعة، وخاصة في هذه الأيام؛ حيث أن الأعداء يعدون الإسلام دين الإرهاب والعنف وإراقة الدماء، وهذا الأمر ناشئ بسبب الجهل بطبيعة هذا الدين، أو بسبب العصبية و العداء. يقول الأستاذ عبدالله بن عبدالرحمن بن صالح: “الدين الإسلامي قام على الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، ونادى بالسلام ودعا إليه، فإن السلام مشتق من الإسلام، ومن تتبع نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة التي منها وصايا النبي لأمراء جيوشه ومنها سيرته في الغزوات، علم أن الإسلام جاء بالحكمة والرحمة والسلام والوئام، وأنه جاء بالإصلاح لا بالفساد” [7]. وقد كثر هذه الأيام الحديث عن السلام، فجاء البحث في خمسة مباحث:-
المبحث الأول : مفهوم السلام، وفيه مطلبان:
– المطلب الأول: معنى السلام في اللغة.
– المطلب الثاني: مدلولات السلام في القرآن الكريم والسنة النبوية.
-المبحث الثاني : السلام في مجتمع الإسلام، وفيه ثلاثة مطالب:
– المطلب الأول: الأمر بإفشاء السلام.
– المطلب الثاني: متى يكون السلام؟
– المطلب الثالث: أثر السلام في حياة الأمة.
المبحث الثالث : حماية الرسول للسلام، وفيه ثلاثة مطالب:
– المطلب الأول: النهي عن الأشياء التي تؤدي إلى البغضاء والخصام.
– المطلب الثاني: الأمور التي تؤدي إلى السلام.
– المطلب الثالث: السمع والطاعة للأمراء.
المبحث الرابع: السلام مع غير المسلمين.
المبحث الخامس: السلام لايعني الاستسلام.
المبحث الأول: مفهوم السلام
المطلب الأول: معنى السلام في اللغة:[8]
السلام في أصله اللغوي: السلامة..والسلام الاستسلام..والسلام الاسم من التسليم..والسلام إسم من أسماء الله تعالى..والسلام البراءة من العيوب..والتسليم بذل الرضا بالحكم، والتسليم أيضاً السلام، وأسلم أمره إلى الله أي سلم، وأسلم دخل في السلم بفتحتين وهو الاستسلام..وأسلم من الإسلام..وأسلمه خذله، والتسالم التصالح، والمسالمة المصالحة..واستسلم انقاد. روي من حديث جرير بن عبدالله البجلي أن رسول الله قال: بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رؤوسهم فإذا الرب تعالى قد اطلع عليهم من فوقهم، فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة، فذلك قوله: سَلامُ قَوْلاً مِن رَّبٍ رَّحيمٍ[9]. ومن معاني السلام في أصل اللغة: السلام؛ أي ذو السلامة من النقائص، وقال ابن العربي: “اتفق العلماء (رحمهم الله) على أن معنى قولنا في الله: السلام، النسبة تقديره ذو السلامة، ثم اختلفوا في ترجمة النسبة إلى ثلاثة أقوال:
الأول: معناه الذي سلم من كل عيب وبرئ من كل نقص.
الثاني: معناه ذو السلامة أي المسلم على عباده في الجنة كما قال تعالى: سَلامُ قَوْلاً مِنْ رَّبٍ رَّحِيمٍ[10].
الثالث: أن معناه الذي سلم الخلق من ظلمه.
والسلم: والسلامة التعري من الآفات الظاهرة والباطنة، قال تعالى: إلاَّ مَنْ أتى الله بقَلْبٍ سَليمٍ[11]. أي متعر من الدغل فهذا في الباطن، وقال تعالى: مسلمة لاشية فيها[12]. فهذا في الظاهر، وقد سلم يسلم سلامة وسلاما وسلمه الله قال تعالى: ولكن الله سلم[13]. وقال ادخلوها بسلام آمنين[14]. أي سلامة وكذا قوله: اهبط بسلام منا[15]. وكما قال تعالى: يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام[16]. يجوز أن يكون كل ذلك من السلامة، والسلام المؤمن المهيمن قيل وصف بذلك من حيث لا يلحقه العيوب والآفات التي تلحق الخلق.
المطلب الثاني: مدلولات السلام في القرآن الكريم والسنة النبوية
السلام اسم من أسماء الله تعالى, قال تعالى: هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون[17].
– قال أهل العلم: ” معنى السلام في حقه تعالى الذي سلم المؤمنون من عقوبته.
– وقيل: السلام من سلم من كل نقص، وبرئ من كل آفة وعيب.
– وقيل المسلم على عباده لقوله تعالى: سَلامُ قَوْلاً مِنْ رَّبٍ رَّحِيمٍ[18]. فهي صفة كلامية.
– وقيل الذي سلم الخلق من ظلمه.
– وقيل منه السلامة لعباده، فهي صفة فعلية”.[19]
والجنة سماها الله دار السلام، لان السلامة الحقيقية ليست إلا في الجنة إذ فيها بقاء بلا فناء، وغنى بلا فقر، وعز بلا ذل، وصحة بلا سقم؛ قال تعالى: لهم دار السلام عند ربهم[20]. أي السلامة، وقال تعالى: والله يدعو إلى دار السلام[21]. قال البغوي: “سميت الجنة دار السلام لأن كل من دخلها سلم من البلايا والرزايا. وقيل سميت بذلك لأن جميع حالاتها مقرونة بالسلام، فقال في الابتداء: أدخلوها بسلام آمنين[22]. وقال: والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعمى عقبى الدار[23]. وقال تعالى لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما(25) إلا قيلا سلاما سلاما[24]. وقال تعالى: تحيتهم يوم يلقونه سلام[25]. وقال سبحانه: سلام قولا من رب رحيم[26]. وقال تعالى: وهو وليهم بما كانوا يعملون[27]. قال الحسين بن الفضل: يتولاهم في الدنيا بالتوفيق وفي الآخرة بالجزاء”.[28]
وورد السلام بمعنى النجاة وذلك في قوله تعالى: قلنا يانار كوني بردا وسلاما على إبراهيم.[29]قال بعض العلماء: جعل الله فيها بردا يرفع حرها وحرا يرفع بردها فصارت سلاما عليه, قال أبو العالية: ولو لم يقل بردا وسلاما لكان بردها أشد عليه من حرها، ولو لم يقل على إبراهيملكان بردها باقيا إلى الأبد.[30]
– ومن السنة : جاء السلام بأنه اسم من أسماء الله تعالى، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : إن السلام إسم من أسماء الله فأفشوه بينكم.[31] وفي الحديث الصحيح أيضا عن عبدالله قال: كنا نصلي خلف النبي فنقول: السلام على الله، فقال النبي : إن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله والصلوات والطيبات..الخ.[32]. وجاء في السلام بمعنى السلامة من الفتن، ففي الحديث: ثلاثة كلهم ضامن على الله.. أحدهم من يدخل بيته بسلام[33], قال ابن الأثير: أراد أن يلزم بيته طالبا للسلامة من الفتن ورغبة في العزلة.
– والسلام بمعنى الصلح، وفي الحديث: ستصالحكم الروم صلحا آمنا..الخ. قوله “صلحاً أمناً” أي ذا أمن، فالصيغة للنسبة، أو جعل آمناً للنسبة المجازية”.[34] وبمعنى الهدنة، ففي حديث آخر: (ثمَّ هُدْنةَ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بنَِي الأصْفَر فيَغْدَرُون..الخ).[35] قوله: “هدنة” هي الصلح على ترك القتال بعد التحرك فيه. و”بنو الأصفر” هم الروم.[36]
المبحث الثاني: السلام في مجتمع الإسلام
المطلب الأول: الأمر بإفشاء السلام:
قال تعالى:فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة[37]، وثبت عنه في الصحيحين عن أبي هريرة أنه قال: أن أفضل الإسلام وخيره إطعام الطعام، وأن تقرأ السلام على من عرفت وعلى من لم تعرف[38]. وإن آدم لما خلقه الله علمه السلام في الجنة قبل نزوله إلى الأرض، وهذا دليل على أهمية السلام، وأنه بدأ مع خلق آدم. قال في إرشاد الساري: “وهذا أول مشروعية السلام وتخصيصه بالذكر، لأنه فتح لباب المودة وتأليف لقلوب الإخوان المودي على استكمال الإيمان” [39]. فعن أبي هريرة عن النبي أنه قال: (لما خلق الله آدم على صورته ستون ذراعا، فلما خلقه قال:اذهب فسلم على أولئك نفر من الملائكة ” جلوس فاستمع ما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه رحمة الله)[40]. وأنه الله عليه وسلم أمر بإفشاء السلام، وأخبرهم أنهم إذا أفشوا السلام بينهم تحابوا، وأنهم لا يدخلون الجنة حتى يؤمنوا، ولا يؤمنون حتى يتحابوا، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله :لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم[41]. وقال البخاري في صحيحه: قال عمار:” ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان؛ الإنصاف من نفسك وبذل السلام للعالم، والإنفاق من الإقتار”. [42]
– وبذل السلام للعالم معناه التواضع وعدم التكبر، مما يجعل الناس يحبونه ويقدرونه ومن ثم يستفيدون من علمه، ويجعلونه قدوة حسنة لهم.
– السلام عند القدوم وعند الانصراف عن القوم. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله :إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم, فإن بدأ له أن يجلس فليجلس, ثم إذا قام فليسلم , فليست الأولى بأحق من الآخرة.[43]
– تحية الله للمؤمنين يوم يلقونه في الآخرة سلام تحيتهم يوم يلقونه سلام[44]وتحية الملائكة لهم أيضا سلام, قال تعالى: والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم[45].
– وعنه أنه قال بالنسبة لأهل الكتاب: لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه.[46] لكن قد قيل إن هذا كان في قضية خاصة لما ساروا إلى بني قريظة قال لا تبدءوهم بالسلام، فهل هذا حكم عام لأهل الذمة أو يختص بمن كانت حاله بمثل حال أولئك؟. وقالت طائفة: يجوز الابتداء لمصلحة راجحة من حاجة تكون له إليه، أو خوف من أذاه، أو قرابة بينهما، أو لسبب يقتضي ذلك.
– عن شيبة الحجبي عن عمه قال: قال رسول الله :ثلاث يصفين لك ود أخيك؛ تسلم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب الأسماء إليه[47]. ومن الآثار عن طفيل بن أبي كعب أنه كان يأتي عبد الله بن عمر فيغدو معه إلى السوق، قال: فإذا غدونا إلى السوق لم يمر عبدالله على سقاط ولا صاحب بيعة ولا مسكين ولا أحد إلا سلم عليه، فقال الطفيل: فجئت عبدالله بن عمر يوما فاستتبعني إلى السوق، فقلت له: ما تصنع بالسوق وأنت لا تقف على البيع ولا تسأل عن السلع ولا تسوم بها ولا تجلس في مجالس السوق؟ وأقول: إجلس بنا ههنا نتحدث، فقال: (يا أبا بطن- وكان الطفيل ذا بطن- إنما نغدو من أجل السلام، نسلم على من لقينا)[48].
المطلب الثاني: متى يكون السلام ؟
يكون السلام بالالتزام بعبادته سبحانه وتعالى، التي تؤدي إلى الأمن وإدرار الرزق والعزة، فقد تفيأت قريش ظلال السلام بمجرد خدمة البيت والحجيج، فكانت أعز العرب، قال تعالى: لإيلاف قريش . إيلافهم رحلة الشتاء والصيف . فليعبدوا رب هذا البيت . الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف[49]. وقال تعالى: أولم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم[50]. والمعاصي تؤدي إلى انتقام المولى ، وفقدان السلام والرزق، قال تعالى: وَضَربَ اللهُ مَثلاً قَرْيةً كانتْ آمنةً مُطمَئنَة يأْتيهَا رزقْهُا رَغَداً مّنِ كُلّ مَكاَنٍ فَكفَرَتْ بِأنُعمِ الله فَأذَاقهَا الله لِباسَ الجُوعِ وَالخوْفِ بمَا كَاُنواْ يصْنَعُونَ[51].
ويكون بالإيمان الخالص من شوائب الشرك واتباع سبيل السلام والأمن والهداية، قال تعالى: الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون[52].
المطلب الثالث: أثر السلام في حياة الأمة:
– السلام سبيل المحبة بين المؤمنين، وسبب لدخول الجنة، وماورد في حديث سابق يشير إلى ذلك، فعن أبي يوسف عبدالله بن سلام قال: سمعت رسول الله يقول:يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا و الناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلام[53].
– والسلام على الأهل يدخل عليهم السعادة و البركة، فعن أنس قال: قال لي رسول الله :يابني إذا دخلت على أهلك فسلم يكن سلامك بركة عليك وعلى أهل بيتك[54].
– والإيمان والعمل الصالح يؤديان إلى الأمن والاستخلاف والتمكين في الأرض، قال تعالى:وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون[55]. ذكر ابن كثير في هذه الآية : “كان النبي وأصحابه بمكة نحوا من عشر سنين يدعون إلى الله وحده وإلى عبادته وحده لا شريك له سرا، وهم خائفون لا يؤمرون بالقتال حتى أمروا بعد بالهجرة إلى المدينة فقدموها فأمرهم الله بالقتال فكانوا بها خائفين، يمسون في السلاح ويصبحون في السلاح، فغبروا بذلك ما شاء الله، ثم إن رجلا من الصحابة قال: يا رسول الله أبد الدهر نحن خائفون هكذا أما يأتي علينا يوم نأمن فيه السلاح؟ فقال رسول الله :لن تصبروا إلا يسيرا حتى يجلس الرجل منكم في الملأ العظيم محتبيا ليست فيه حديدة وأنزل الله هذه الآية، فأظهر الله نبيه على جزيرة العرب، فآمنوا ووضعوا السلاح، ثم إن الله تعالى قبض نبيه ، فكانوا كذلك آمنين في إمارة أبي بكر وعمر وعثمان حتى وقعوا فيما وقعوا فيه فأدخل عليهم الخوف فاتخذوا الحجزة والشرط وغيروا فغير بهم” [56].
المبحث الثالث
حماية الرسول للسلام
المطلب الأول: النهي عن الأشياء التي تؤدي إلى البغضاء والخصام:
نهي المولى :ورسوله عن بعض الأمور التي تؤدي إلى البغضاء والخصام مثل:
– الظن السيئ والتجسس[57] والغيبة، قال تعالى: ياأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم[58]. فقد أمر المولى أن نجتنب الظن، فالظن هنا في هذه الآية هو التهمة ومحل التحذير[59]. وقد يأتي التجسس أمراً تالياً للظن، وقد يكون حركة بدائية لكشف العورات والإطلاع على السوءات. وقال :إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا [60]ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا ولا تدابروا[61]، وكونوا عباد الله إخوانا)[62].
– النهي عن إيذاء المسلمين باللسان أو اليد، فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي قال: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه[63]. وعن أبي موسي الأشعري قال: قال رسول الله : إذا مر أحدكم في مجلس أو سوق وبيده نبل فليأخذ بنصالها ثم ليأخذ بنصالها ثم ليأخذ بنصالها قال أبو موسى: ما متنا حتى سددناها بعضنا في وجوه بعض.[64]ونهى النبي عن الطعن واللعن وفحش القول والسب وغير ذلك من الصفات التي لا تشبه صفات المؤمنين، بل هي صفات المنافقين. فعن ابن مسعود قال: قال رسول الله : ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء[65] .
وقال رسول الله :سباب المسلم فسوق وقتاله كفر[66]. وعن أنس عن النبي :لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانا، لايحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث[67].
– ونهى عن التناجي، وخاصة إذا كان بأثم وعدوان، قال تعالى: يأيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي إليه تحشرون . إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون[68] وعن ابن عمر أن رسول الله قال:إذا كانوا ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث[69].
– ونهى عن الهجران، والغش، وحمل السلاح والخروج على المؤمنين، فعن أبي أيوب عن النبي قال:لايحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.[70]لايحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام[71]وعن أبي هريرة أن النبي قال:من حمل علينا السلاح فليس منا ومن غشنا فليس منا[72] وعنه أيضاً عن النبي قال: لايشر أحدكم إلى أخيه بالسلاح، فإنه لايدري لعل الشيطان ينزع من يده فيقع في حفرة من النار[73]، وقال : من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينزع، وإن كان أخاه لأبيه وأمه.[74]
– ونهى عن إيذاء الجار:
ومن الصفات الذميمة التي حذر منها الرسول إيذاء الجار، فعن أبي هريرة أن رسول الله قال:والله لايؤمن “ثلاثاً” قيل من يارسول الله؟ قال : من لا يأمن جاره بوائقه[75]، وقال أيضاً :من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت[76].
– ونهى عن الخصام: هناك أمور تؤدي إلى انتشار المحبة والسلام منها رد السلام، فينبغي على المسلم أن يرد السلام بكل ود وترحاب، وبأحسن منه، قال تعالى: وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شئ حسيبا[77]. والسلام ينبغي أن يكون بصيغته الكاملة، ففي الحديث عن عمران بن حصين، قال: جاء رجل إلى النبي فقال: السلام عليك، فرد عليه السلام ثم جلس، فقال عشر، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه فجلس، فقال: عشرون، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فرد عليه فجلس، فقال: ثلاثون[78]
المطلب الثَّاني: الأمر بالتعاون بين المؤمنين خدمة لمبدأ السلام والطمأنينة:
قال تعالى:وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب[79] قال القرطبي: في قوله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى (نقلا عن الأخفش: هو مقطوع من أول الكلام، وهو أمر لجميع الخلق بالتعاون على البر والتقوى، أي ليعن بعضكم بعضا، وتحاثوا على أمر الله تعالى، واعملوا به وانتهوا عما نهى الله عنه وامتنعوا منه. وهذا موافق لما روي عن النبي أنه قال:الدال على الخير كفاعله، وقد قيل: الدال على الشر كصانعه)[80].
– على مستوى الأخوة يأمر الإسلام بالصلح خدمة للسلام، قال تعالى: إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون[81]. وقال تعالى: فاتقوا الله واصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين[82]. والرسول بين أهمية الإصلاح بين الناس، وأنه لايعد كذاباً الذي يصلح بين الناس، فعن أم كلثوم بنت عقبة ابن معيط قالت: سمعت النبي يقول: ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا[83]، وفي رواية مسلم زيادة، قالت: ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقوله الناس إلا في ثلاث، تعني الحرب والاصلاح بين الناس، وحديث الرجل امراته وحديث المرأة زوجها. والكذب في بعض المواطن خير من الصدق، فكل مقصود محمود يمكن التوصل إليه بالكذب والصدق جميعا فالكذب حرام. وإن أمكن التوصل إليه بالكذب دون الصدق فالكذب فيه مباح ان كان تحصيل ذلك القصد مباحا، وواجب إن كان المقصود واجبا، كما أن عصمة دم المؤمن واجبة. [84]قال : <لايحسن الكذب إلا في ثلاث، إصلاح ذات البين، وكذب الرجل لامرأته يرضيها، وكذب الرجل في الحرب فإنها خدعة>[85].
– وعلى مستوى الأسرة وذوي القرابة حرص الإسلام على أن يسود فيهم جو الرحمة والإحسان والسلام، قال تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لايحب من كان مختالا فخورا[86]، ففي بر الوالدين بين الرسول أهمية بر الوالدين، وذكر أنه من أحب الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى عن أبي عبدالرحمن عبدالله بن مسعود قال: سألت النبي :أي الأعمال أحب إلى الله تعالى؟ قال: الصلاة في وقتها قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله[87].
المطلب الثالث: السمع والطاعة للأمراء:
أمر الرسول بطاعة الأمراء في كل الأحوال ما لم يأمروا بمعصية، فإذا أمروا بمعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فعن عبدالله عن النبي :السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره مالم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة[88]. وقد حذر الرسول من الخروج على الحكام المسلمين، وبين عاقبة ذلك فقد روى الأمام أحمد بسنده عن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله يقول: من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية[89] . وعن ابن عمر قال سمعت رسول الله يقول:من مات على غير طاعة الله مات ولا حجة له، ومن مات وقد نزع يده من بيعة كانت ميتته ميتة ضلالة[90]. وعن ابن عباس عن النبي قال:من كره من أميره شيئا فليصبر فإنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية[91]وبيَّن الرسول خيار الأئمة وشرارهم، وذكر أنه لايجوز الخروج على الحكام إذا أقاموا الصلاة، والمقصود بالصلاة هنا إقامة الدين، فهنا مجاز مرسل، أطلق الجزء-وهي الصلاة- وأراد الكل وهو إقامة الدين. عن عوف ابن مالك عن رسول الله قال: خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم قيل: يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئا تكرهونه فاكرهوا عمله، ولا تنزعوا ايدا عن طاعة[92]. والسمع للأمير وإن ضرب بالسوط وأخذ المال، ذلك لأن الخروج عليه فيه من المضار والتفرقة ما لايعلمه إلا الله، ورد في صحيح مسلم: تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع[93]. ونهى النبي عن العصبية، والخروج على الأمة فقد روى مسلم أيضا عن أبي هريرة عن النبي أنه قال:من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات ميتة جاهلية، ومن قاتل تحت راية عمية؛ يغضب أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتله جاهلية، ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها، ولا يتحاش من مؤمنها، ولا لذي عهد عهده، فليس مني ولست منه[94]
المبحث الرابع: السلام مع غير المسلمين
– دعا الإسلام المؤمنين للدخول في السلم كافة وإلى التعايش السلمي مع أهل الكتاب، قال تعالى: ياآيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولاتتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين[95]
قال القرطبي 3/23 وقال بن عباس: نزلت الآية في أهل الكتاب والمعنى يا أيها الذين آمنوا بموسى وعيسى ادخلوا في الإسلام بمحمد صلى الله عليه وسلم كافة، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله قال:والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار[96] .
وقال تعالى:قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون[97].
وقال:لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين[98].
– جعل الله الدار الآخرة لمن سالم الناس وعاش معهم بأمان: تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لايريدون علوا في الأرض ولافسادا والعاقبة للمتقين[99].
– دعا الإسلام إلى قبول سلام أهل الكتاب وغيرهم إذا جنحوا للسلام، قال تعالى: وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم[100].
– ومنع الاعتداء أثناء القتال وبعده، قال تعالى: وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولاتعتدوا إن الله لايحب المعتدين[101]. وقال أيضاً: ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثير كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا[102].
سبب هذه الآية أن رجلا من أهل فدك اسمه مرداس بن نهيك كان قد أسلم ولم يسلم من قومه أحد غيره فغزتهم سرية من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم فهربوا وبقي مرداس لثقته بإسلامه، فلما رأي الخيل ألحا غنمه إلى الجبل وصعد فلما تلاحقوا وكبروا كبر، وقال لا إله إلا الله محمد رسول الله ، السلام عليكم، فقتله أسامة بن زيد واستاق الغنم فأخبروا رسول الله فوجد وجداً شديداً. وقال: قتلتموه إرادة لما هو معه، فقال أسامة: إنه قال بلسانه دون قلبه، وفي رواية: قالها خوفا من السلاح، فقال :هلا شققت عن قلبه ثم قرأ الآية على أسامة ، فقال: يارسول الله استغفر لي فقال: كيف بلا إله إلا الله، قال أسامة: فما زال يعيدها حتى وددت أن لم أكن أسلمت يومئذ، ثم استغفر لي وقال:أعتق رقبة[103] .
وكذلك بطاعة الحكام عند الأثرة. عبدالله قال: قال لنا رسول الله : إنكم سترون بعدي أثره وأمورا تنكرونها، قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم[104]. قوله سترون بعدي أثرة الأثرة : الانفراد بالشئ المشترك، دون من يشركه فيه، والمعنى: أنه يستأثر عليهم بما لهم فيه اشتراك في الاستحقاق، وقال أبو عبيدة: معناه يفضل نفسه عليكم في الفيء. وقيل المراد بالأثرة الشدة، ويرده سياق الحديث وسببه[105]. وقوله: أموراً تنكرونها يعني من أمور الدين.
وقوله: أدوا إليهم حقهم أي الذي وهب لهم المطالبة به وقبضه، سواء كان يختص بهم أو يعم. وسلوا الله حقكم أي بأن يلهمهم إنصافكم أو يبدلكم خيرا منهم.[106]، وعن أم سلمة أن رسول الله قال:ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم ولكن من رضي وتابع قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: “لا ماصلوا[107] قوله:فمن عرف فقد برئ معناه والله العظيم فمن عرف المنكر ولم يشتبه عليه فقد صارت له طرقة إلى البراءة من إثمه وعقوبته، بأن يغيره بيديه أو بلسانه، فإن عجز فليكرهه بقلبه وقوله: “ولكن من رضي وتابع” معناه: ولكن الإثم والعقوبة على من رضي وتابع. وفيه دليل على أن من عجز عن إزالة المنكر لا يأثم بمجرد السكوت، بل إنما يأثم بالرضى به، أو بألا يكرهه بقلبه أو بالمتابعة عليه. قوله: “أفلا نقاتلهم؟
قال : لاماصلوا ففيه أنه: لايجوز الخروج على الخلفاء بمجرد الظلم أو الفسق مالم يغيروا شيئا من قواعد الإسلام.[108]
– إجارة المشرك: قال تعالى:وإن احد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه.[109]
– كتب رسول الله إلى عمر بن حزام- رسوله إلى بني الحارث من اليمن-أوصاه فيه بتقوى الله في أمره كله، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وأمره أن يأخذ بالحق كما أمره الله، وأن يخبر الناس بالذي لهم والذي عليهم، ويلين للناس في الحق ويشتد عليهم في الظلم ونهى فقال: ألا لعنة الله على الظالمين، وأنه من أسلم من يهودي أو نصراني إسلاما خالصا من نفسه، ودان بدين الإسلام فإنه من المؤمنين، له مثل مالهم وعليه ماعليهم. ومن كان على نصرانيته أو يهوديته فإنه لايرد عنها[110].
– قال الإمام أحمد: حدثنا هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر قالت: قدمت أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدوا، فأتى النبي فقلت: يارسول الله إن أمي قدمت وهي راغبة أفأصلها؟ قال:نعم، صلي أمك[111] قوله: من قتل معاهدا المعاهد بفتح الهاء من له عهد مع المسلمين بعقد أو هدنة من سلطان أو أمان من مسلم “[112].
– قال رسول الله :من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها لتوجد من مسيرة أربعين عاما[113].
– قال رسول الله :من آذى ذميا فأنا خصمه، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة[114].
– عن سليم بن عامر-رحل من حمير- قال: كان بيني وبين الروم عهد، وكان يسير نحو بلادهم، حتى إذا انقضى العهد غزاهم، فجاء رجل على فرس أو برذون وهو يقول: الله أكبر، الله أكبر، وفاء لا غدراً. فنظروا فإذا عمر بن عبشة فأرسل إليه معاوية فسأله، فقال: سمعت رسول الله يقول: من كان بينه وبين قوم عهد فلا يشد عقدة ولايحلها حتى ينقضي أمدها، أو ينبذ اليهم على سواء فرجع معاوية.[115] والظاهر أن المعنى كناية عن حفظ العهد وعدم التعرض له، ” وعلى سواء ” أي ليكون خصمه مساويا معه في النقض كي لا يكون ذلك منه غدرا. وقال الطيبي: “على سواء” حال. انتهى. وقال غيره أي يعلمهم أنه يريد أن يغزوهم وأن الصلح قد ارتفع، فيكون الفريقان في علم ذلك سواء.[116].
– في السنة السادسة للهجرة، أراد الرسول أن يعتمر، فخرج بمن معه من المهاجرين والأنصار ومن لحق به من العرب، وساق معه الهدى، وأحرم بالعمرة ليعلم الناس أنه لم يرد حربا، وأنه إنما جاء معظما للبيت، ولكن قريشا صدته عن البيت، وكانت مفاوضات انتهت بالصلح ، فاشترطت قريش ذلك شروطا جائرة عارضها عدد من المسلمين وعلى رأسهم عمر بن الخطاب، ولكن الرسول قبلها حرصا منه على السلام. وكان نص المعاهدة كما يلي: (هذا ما صالح عليه محمد بن عبدالله سهيل بن عمرو؛ اصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين يأمن فيهن ويكف بعضهم عن بعض, على أنه من أتى محمد من قريش بغير اذن وليه رده عليهم, ومن جاء قريشا ممن مع محمد لم يردوه عليه، وإن بيننا عيبة مكفوفة، وأنه لا إسلال ولا إغلال، وأنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أراد أن يدخل في عهد قريش وعهدهم دخل فيه)[117].
– عن ابن عمر قال: “وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي النبي فنهى رسول الله عن قتل النساء والصبية ” [118]-عن ابن عباس قال: كان رسول الله إذا بعث جيوشه قال: اخرجوا باسم الله تعالى تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله، لاتغدروا ولاتغلوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع[119].
– بعث الرسول دحية بن خليفة الكلبي إلى هرقل الروم بكتاب يدعوه فيه إلى الإسلام، وهذا نصه: بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد عبدالله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم. سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الإريسيين –الرعية- قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون.[120]
عن ذي مخمر برجل من أصحاب النبي قال: سمعت رسول الله يقول: ستصالحكم الروم صلحا آمنا، ثم تغزون وهم عدو، فتنتصرون وتسلمون وتغنمون، ثم تنصرون الروم حتى تنزلوا بمرج ذي تلول، فيرفع رجل من النصرانية صليبا، فيقول: غلب الصليب. فيغضب رجل من المسلمين، فيقوم إليه فيذقه، فعند ذلك يغدر الروم ويجمعون للملحمة[121]قوله صلحا أمنا أي ذا أمن، فالصيغة للنسبة أو جعل آمنا للنسبة المجازية عدوا من روائكم أي من خلفكم. وقال السنوي في حاشية ابن ماجة: أي عدوا آخرين بالمشاركة والاجماع، بسبب الصلح الذي بينكم وبينهم، أو أنتم تغزون عدوكم، وهم يغزون عدوهم بالانفراد.[122]
– ومن الآثار: عن يحيى بن سعيد أن أبا بكر بعث جيوشا إلى الشام، فخرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان فقال له: إني موصيك بعشر خلال: لا تقتل امرأة، ولا صبيا، ولا كبيرا هرما، ولا تقطع شجرا مثمرا، ولا تخرب عامرا، ولا تعقرن شاة، ولا بعير إلا لمأكله، ولا تعقرن نخلا، ولا تحرقه، ولا تغلل.[123]
– لما حاصر أبو عبيدة بن الجراح أمير الجيوش الإسلامية بيت المقدس بالشام، طلب أهلها الصلح واشترطوا أن يكون المتولي لعقد الصلح عمر ابن الخطاب، فكتب إليه أبو عبيدة، فسار عمر إليهم، وأعطاهم هذا الأمان ونصه: ( بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما أعطى عبدالله عمر أمير المؤمنين أهل إيليا من الأمان؛ أعطاها أمانا لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولاتنتقص منها ولامن خيرها ولا من صليبهم ولامن شئ من أموالهم، ولايكرهون على دينهم ولا يضار أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود) إلى آخر مافي هذا العهد من ضمان لحرية العقيدة، وإقرار لمبادئ الاسلام.[124]
المبحث الخامس: السلام لا يعني الاستسلام
– الإسلام سلام لمن سالمه قال تعالى: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شئ في سبيل الله يوف إليكم وانتم لاتظلمون.[125]
– وقال تعالى: وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ اليهم على سواء إن الله لايحب الخائنين.[126]
– قال تعالى:وأقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين191″ فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم”192″ وقاتلوهم حتى لاتكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين”193″ الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين194″[127].
كان رسول الله قد صالح قريشا عام الحديبية على أن يضعوا الحرب عشر سنين، يأمن فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض، ودخلت خزاعة في عهد رسول الله ، ودخل بنوبكر في عهد قريش، ولكن بنى بكر عدت على خزاعة ونقضوا عهدهم، وأعانت قريش بني بكر بأنفسهم وبالسلاح فكان ذلك نقضا للصلح الواقع بينهم وبين الرسول يوم الحديبية. فقدم وفد خزاعة على رسول الله مستغيثين، فقال الرسول : لانصرت إن لم أنصر بني كعب “يعني خزاعة”.وتجهز رسول الله إلى مكة ففتحها الله عليه، وكان ذلك عام ثمان للهجرة[128].
بلغ رسول الله أن بني المصطلق الذين ساعدوا قريشا على حرب المسلمين في أحد بقيادة رئيسهم الحارث بن ضرار يجمعون الجمع استعدادا لحربه. فلما سمع بهم الرسول خرج اليهم حتى لقيهم على ماء لهم يقال له: المريسيع، فأمر الرسول عمر بن الخطاب فنادى فيهم أن قولوا: لاإله إلا الله تمنعوا بها انفسكم وأموالكم، فأبوا واقتتلوا، فهزم الله بني المصطلق وقتل من قتل منهم، ونقل رسول الله أبناءهم ونساءهم وأموالهم للمسلمين)[129].
قال القرطبي: ” قال الله :ولاتهنوا ولاتحزنوا وأنتم الاعلون إن كنتم مؤمنين[130]
فإذا كان المسلمون على عزة وقوة ومنعة وجماعة عديدة وشدة شديدة فلا صلح كما قال :
فلا صلح حتى تطعن الخيل بالقنا
وتضرب بالبيض الرقاق الجماجم
وإن كان للمسلمين مصلحة في الصلح لنفع يجتلبونه أو ضرر يدفعونه فلا بأس أن يبتدئ المسلمون به إذا احتاجوا إليه. وقد صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر على شروط نقضوها فنقض صلحهم ، وقد صالح الضمري وأكيدر دومة وأهل نجران، وقد هادن قريشا لعشرة أعوام حتى نقضوا عهده. ومازالت الخلفاء والصحابة على هذه السبيل التي شرعناها سالكة وبالوجوه التي شرحناها عاملة، قال القشيري: إذا كانت القوة للمسلمين فينبغي ألا تبلغ الهدنة سنة، وإذا كانت القوة للكفار جاز مهادنتهم عشر سنين ولا تجوز الزيادة، وقد هادن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل مكة عشر سنين، قال بن المنذر: اختلف العلماء في المدة التي كانت بين رسول الله وبين أهل مكة عام الحديبية. [blue]الخاتمة[/blue]
وفي الختام بعد هذه السياحة مع النبي في موضوع السلام نخلص إلى الآتي:
1. أن السنة النبوية منبع غني بالكنوز، ينبغي لكل مسلم أن يستخرج مكنوناتها.
2. أن السنة اهتمت بمسألة السلام من أول يوم وجعلت له أولويات لابد من الاهتمام بها.
3. أن السنة ترعى مصالح المسلمين وغير المسلمين وتقوم بالواجب تجاه الجميع على حد سواء.
4. لابد من الاهتمام بالسنة والعناية بها وخاصة أنها المصدر الثاني من مصادر التشريع.
__________________
الفهرس:-
[1] أستاذ الحديث المُساعد-جامعة النيلين-السُّودان.
[2] سورة النجم الآية 4.
[3] سورة الحشر الآية 7.
[4] أخرجه مالك في الموطأ 3/93. والحاكم في المستدرك من حديث ابن عباس 1/93 واللفظ لمالك.
[5] سورة الرعد الآية 24.
[6] سورة يسّ الآية 58.
[7] راجع شرح عمدة الأحكام 2/80ط/ مكتبة دار السلام.
[8] راجع ابن منظور: لسان العرب 3/2078. وأبابكر الرازي: مختار الصحاح 1/131.
[9] سورة يس 58.
[10] يس الآية 58.
[11] سورة الشعراء الآية 89.
[12] البقرة الآية 71.
[13] سورة الأنفال الآية 43.
[14] سورة الحجر الآية 46.
[15] سورة هود الآية 48.
[16] سورة المائدة الآية 16.
[17] سورة الحشر 23.
[18] سورة يس الآية 58.
[19] فتح الباري 13/366.
[20] سورة الأنعام الآية 127.
[21] سورة يونس الآية 25.
[22] سورة الحجر الآية 46.
[23] سورة الرعد الآية 23-24.
[24] سورة الواقعة الآيات 25-26.
[25] سورة إبراهيم الآية 23.
[26] سورة يس الآية 58.
[27] سورة الأنعام الآية 127.
[28] تفسير البغوي 2/130.
[29] سورة الأنبياء الآية 69.
[30] القرطبي 11/304.
[31] راجع الجامع لمعمر بن راشد 11/131,والمعجم الأوسط 3/231, شعب الإيمان 6/432.
[32] فتح الباري شرح صحيح البخاري 13/365.
[33] راجع سنن أبي داود 3/7, وسنن البيهقي الكبرى9/166, والمعجم الكبير 8/99.
[34] عون المعبود 11/398.
[35] صحيح البخاري , كتاب الموادعة, باب مايحذر من الغدر 4/123.
[36] البداية والنهاية لابن كثير 7/55.
[37] سورة النور الآية 61.
[38] البخاري, كتاب الإيمان, باب إطعام الطعام ج12 وباب إفشاء السلام من الإيمان برقم 28 وراجع صحيح مسلم, كتاب الإيمان باب تفاضل الإسلام وأي الأمور أفضل برقم 39.
[39] إرشاد الساري 7/234.
[40] راجع صحيح البخاري, كتاب الإيمان , باب إطعام الطعام 5/2299, وصحيح مسلم, كتاب الإيمان باب بيان تفاضل الإسلام وأي أمور أفضل 4/2183.
[41] راجع صحيح مسلم, كتاب الإيمان , باب لا يدخل الجنة إلا مؤمن 1/74, وسنن أبي داود, كتاب الأدب, باب إفشاء السلام برقم 5193, وسنن الترمزي, كتاب الاستئذان, باب ما جاء في إفشاء السلام برقم 2697.
[42] راجع صحيح البخاري, كتاب الإيمان, باب إفشاء السلام, 1/19, وإرشاد الساري 1/163.
[43] سنن أبي داود, كتاب الأدب, باب ما جاء في السلام إذا قام من المجلس برقم 5208. والترمزي. كتاب الاستئذان والآداب, باب ما جاء في التسليم عند القيام وعند القعود برقم 2715. والسنن الكبرى للنسائي, كتاب عمل اليوم والليلة, باب ما يقول إذا انتهى إلى قوم فجلس إليهم برقم 10174.
[44] الأحزاب الآية 44.
[45] سورة الرعد الآيات 23-24.
[46] صحيح مسلم , كتاب السلام, باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام 4/1707. وأخرجه الترمزي, كتاب الاستئذان, باب ما جاء في التسليم على أهل الذمة 4/321. ط دار الفكر بيروت.
[47] راجع المستدرك على الصحيحين 3/485, والمعجم الأوسط 8/192, ومعجم الشيوخ 1/247.
[48] مؤطأ مالك 1/961. شعب الإيمان للبيهقي 6/434 والأدب المفرد 1/348.
[49] سورة قريش.
[50] سورة العنكبوت الآية 67.
[51] سورة النحل 112.
[52] سورة الأنعام الآية 82.
[53] سنن ابن ماجه, كتاب إقامة الصلاة ما جاء في قيام الليل برقم 1334. وفي الأطعمة باب إطعام الطعام برقم 3251.
[54] أخرجه الترمزي في الاستئذان, باب ما جاء في التسليم إذا دخل بيته برقم 2699, وفي سنده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف, ومع ذلك قال الترمزي: هذا حديث حسن صحيح, وعلي بن زيد عند الترمزي صدوق كما في ( سير أعلام النبلاء 5/207).
[55] سورة النور الآية 55.
[56] تفسير ابن كثير 3/302.
[57] التَّجسُّسُ, بالجيم: التفتيش عن بواطن الأمور, وأكثر مايقال في الشر. والجاسوس صاحب سِرِّ الشَّر والناموس صاحب سرِّ الخير, وقيل: التجسَُّسُ بالجيم, أن يطلبه لغيره وبالحاء أن يطلبه لنفسه, وقيل بالجيم: البحث عن العورات, وبالحاء الاستماع, وقيل معناهما واحد في تطلب معرفة الأخبار. ( راجع لسان العرب 6/38).
[58] سورة الحجرات الآية 12.
[59] الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 16/217.
[60] التحسس بالحاء أن تطلب الشيء بحاسة كالتسمُّع على القوم ( راجع الفائق 1/214).
[61] دَابَرُوا تقاطعوا ( راجع مختار الصحاح 1/83).
[62] أخرجه البخاري كتاب الأدب, باب مانهى عن التحاسد والتدابر وقوله تعالى من شر حاسد إذا حسد 5/2253, ومسلم , كتاب البر و الصلة والأدب, باب النهي عن التحاسد والتباغض 4/1983.
[63] أخرجه البخاري, كتاب الإيمان , باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده 1/8, ومسلم, كتاب البر والصلة والآداب , باب تحريم الظلم 8/18, وأحمد في المسند 2/303.
[64] أخرجه البخاري , كتاب الصلاة باب يأخذ بنصول النبل إذا مر في المسجد 1/173, أخرجه مسلم , كتاب الصلاة, باب أمر من مر بسلاح في مسجد أو سوق أو غيرهما من المواضع الجامعة للناس أن يمسك بنصالها 4/2019.
[65] أخرجه أحمد في المسند 1/405.
[66] أخرجه مسلم, كتاب , باب قول النبي سباب المسلم فسوق وقتاله كفر 1/57.
[67] أخرجه البخاري, كتاب الأدب, باب النهي عن التباغض والتحاسد 7/88, ومسلم, كتاب البر و الصلة-باب أمر من مر بسلاح في مسد وغيرها أن يمسك بنصالها 8/33.
[68] سورة المجادلة الآيات 9, 10.
[69] أخرجه البخاري, كتاب الأدب, باب لا يتناجى اثنان دون الثالث-5/2318, ومسلم كتاب الأدب-باب تحريم مناجاة الاثنين دون الثالث بغير رضاه 4/1717.
[70] أخرجه البخاري, كتاب الاستئذان, باب السلام للمعرفة وغير المعرفة 7/128. ومسلم, كتاب البر, باب تحريم الهجر فوق ثلاثة بلا عذر شرعي 8/9.
[71] صحيح البخاري, كتاب الاستئذان, باب السلام للمعرفة وغير المعرفة 5/2302. وصحيح مسلم كتاب البر , باب تحريم الهجر فوق ثلاثة بلا عذر شرعي 4/1984.
[72] أخرجه البخاري , كتاب الفتن, باب قول النبي صلى الله عليه وسلم من حمل علينا السلاح فليس منا 8/90, وأخرجه مسلم , كتاب الإيمان, باب قول النبي حمل علينا السلاح فليس منا1/69.
[73] متفق عليه, البخاري كتاب الفتن , باب قول النبي من حمل علينا السلاح فليس منا, ح7072 إرشاد الساري.
[74] رواه مسلم, كتاب الفضائل , باب النهي عن الإشارة بالسلاح إلى المسلم ح 2617 (شرح النووي 16/170).
[75] أخرجه البخاري, كتاب الأدب, باب إثم من لا يأمن جاره بوائقه ح6016 ” فتح الباري”
[76] متفق عليه, البخاري, كتاب الأدب, باب إثم من لا يأمن جاره بوائقه فتح الباري 12/56. ومسلم كتاب الإيمان, باب إكرام الجار والضيف ح48 شرح النووي1/17.
[77] سورة النساء الآية 86.
[78] سنن أبي داود , كتاب الأدب, باب السلام بالرقم 5195.
[79] سورة المائدة الآية 2.
[80] القرطبي الجامع لأحكام القرآن 6/46.
[81] سورة الحجرات الآية 10.
[82] سورة الأنفال الآية 1.
[83] أخرجه البخاري ح 2692. ومسلم ح رقم 2605.
[84] عمدة القاري شرح صحيح البخاري, باب الكذب في الحرب 13/276.
[85] أخرجه مسلم كتاب البر والصلة, باب تحريم الكذب وبيان ما يباح منه4/28.
[86] سورة النساء الآية 36.
[87] صحيح البخاري رقم 527 ومسلم برقم 85.
[88] صحيح البخاري, كتاب الأحكام, باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية 8/105.
[89] صحيح مسلم, كتاب :الإمارة, باب: الأمر بلزوم الجماعة عند ظهور الفتن 6/22
[90] مسند أحمد 2/111.
[91] أخرجه البخاري, كتاب الفتن, باب قول النبي صلى الله عليه وسلم سترون أمورا تنكرونها ح 7052. 2588.
[92] صحيح مسلم ,كتاب الإمارة, باب خيار الأئمة شرارهم 6/24.
[93] صحيح مسلم بشرح النووي, كتاب الإمارة, باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين 6/478 س.
[94] صحيح مسلم, كتاب الإمارة باب الأمر بلزوم الجماعة عند ظهور الفتن وتحذير الدعاة إلى الكفر 6/20.
[95] سورة البقرة الآية 208.
[96] القرطبي 3/23.
[97] سورة ىل عمران الآية 64.
[98] سورة الممتحنة الآية 8.
[99] سورة القصص الآية 83.
[100] سورة الأنفال الآية 61.
[101] سورة البقرة الآية 190.
[102] سورة النساء الآية 94.
[103] أبو السعود 1/373.
[104] صحيح البخاري, كتاب الفتن, باب قول النبي صلى الله عليه وسلم سترون بعدي أمورا تنكرونها 8/87.
[105] فتح البخاري 8/52
[106] المرجع السابق 13/6.
[107] راجع صحيح مسلم بشرح النووي, كتاب الإمارة, باب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع 6/484, وسنن أبي داود , كتاب السنة, باب: قتل الخوارج, ح4761-4/242, وسنن الترمزي, كتاب الفتن, باب: 78, ح2265-4/549.
[108] صحيح مسلم بشرح النووي, ح1854, 6/486.
[109] سورة التوبة الآية 6
[110] سيرة ابن هشام 4/1015
][111] راجع ابن كثير 4/349, والقرطبي 18/59.
[112] ارشاد الساري بشرح صحيح البخاري ط دارالفكر, بيروت.
[113] اخرجه البخاري كتاب الجزية والموادعة, باب اثم من قتل معاهدا بغير جرم ح 3166, وأخرجه احمد في مسنده 7/310 ط دار الفكر ط أولى, بيروت.
[114] الخطيب الجامع 2/269
[115] سنن أبي داود, كتاب الجهاد ,2/76.
[116] عون المعبود 7/3013
[117] سيرة ابن هشام 3/782
[118] رواه الجماعة ” نيل الأوطار 7/260
[119] أخرجه احمد في المسند 1/300
[120] الكرماني على البخاري 1/61.
[121] راجع المسند4/91 وسنن ابي , كتاب الملاحم, باب ما يذكر من ملاحم الروم رقم 4292-4/109
[122] عون المعبود 11/398
[123] رواه مالك في الموطأ , نيل الأوطار 7/263
[124] الخلفاء الراشدون للنجار , ص216
[125] سورة الأنفال الآية 60
[126] سورة الأنفال الآية 85
[127] سورة البقرة الآية 191-194
[128] القرطبي 8/65
[129] راجع سيرة ابن هشام 3/758
[130] آل عمران الآية 139
المصدر :- شبكة المشكاة الإسلامية.
http://meshkat.net/new/contents.php?catid=5&artid=5138