نقول : يمكن تلخيص موضوع الاختيار في النقاط الأتية :
( الاختيار ) هو أحد الملكات أو القوى أو التجليات التي جعلها الله تعالى في بني آدم ، مثلها ، كمثل السمع والبصر والقدرة والعلم والإرادة وغيرها .
وكما أن سمع الإنسان وبصره وبقية ملكاته جزئية ، أي محدودة في ادراكاتها فكذلك ( الاختيار ) في الإنسان جزئي وليس كلياً ، فهو يستطيع أن يختار النوم أو الأكل أو الحركة أو أن يسير في أي ناحية من نواحي الحياة مثلاً ، ولكنه لا يستطيع أن يختار أن لا يمرض أبداً أو أن يغير صورته متى أراد أو أن لا يتنفس مثلاً ، فاختيارات الإنسان في الحياة الدنيا جزئية محدودة غير كلية ومطلقة . وبجزء الاختيار الذي يملكه الإنسان يستطيع أن يختار أي خطوة من الخطوات الممكنة في الحياة .
أي خيار من الخيارات الممكنة تترتب عليه نتائج معينة ، بعض تلك النتائج معلومة للإنسان وبعضها مجهول بالنسبة له . فمثلاً أن يختار الإنسان لمس النار فإن النتيجة الطبيعية لهذا الاختيار هو الإحتراق ، بينما أن يختار الإنسان العمل في مجال معين فإن الرزق المترتب عليه يكون متوقعاً وليس أكيداً في معظم الأحيان .
الاختيار في المجالات المتوقعة أو المحتملة تكون نتائجها مرتبطة بما كتبه الله تعالى علــى الإنـــسان فـــي لوحه ، فلكل إنسان لوح خاص ينـزل مع ولادته ومكتوب في هذا اللوح كل النتائج لكل الخيارات التي يمكن أن يختارها ذلك الإنسان ، فمكتوب فيه أنه إذا أختار العمل في التجارة مثلاً يحصل له كذا وكذا ، وأما إذا اختار العمل في كذا فيحصل له كذا ، وهكذا كل أمور الإنسان مكتوب له الــنتائج الخــاصة بخياراته هو ، فقد يسير اثنان في طريق واحد أحدهما يموت والآخر تتحقق آماله . فالخيار بيد الإنسان والنتائج بيد الله تعالى .
كل الخيارات والنتائج هي تحت هيمنة المشيئة الإلهية لقوله تعالى :وَما تَــــشاءونَ إِلّا أَنْ يَـــشاءَ اللَّــهُ(1) .
إن اخترت أن تكون مطيعاً لله تعالى فما يترتب على هذا الجزء هو أنك تستطيع أن تطلب في الآخرة من الرسول الشفاعة وتكون مؤهلاً لتأخذ منه المدد الذي يرفعك إلى المراتب العالية .
_______________
الهوامش :
[1] الإنسان : 30 .
______________________
المصادر:
السيد الشيخ محمد الكسنزان – موسوعة الكسنزان فيما اصطلح عليه اهل التصوف والعرفان ج7 مادة(خ ي ر).