الآخرة
نقول : الآخرة : هي العالم الذي تنطلق فيه الروح من أسر المادة لتحيا في وجود مطلق باليقين ، أي بالحقائق الإلهية اللامتناهية . والأولياء يرونها ويحيون فيها ، لأنهم يُميتون أنفسهم الموت المعنوي بالمجاهدة والعبادة قبل أن يموتوا الموت الطبيعي عملاً بقوله ﷺ : ( موتوا قبل أن تموتوا) (1) ولهذا فهم لا يموتون بالموت الطبيعي وإنما ينتقلون من حالة إلى حالة أي : من عالم إلى عالم فهم في الدنيا بالآخرة ، وفي الآخرة بالدنيا غير مفارقين لهما ، لأنهم هياكل صمدانية ، وقناديل نورانية قائمة بالله تعالى . فمن وصل إلى مرتبة الحقائق صار في الآخرة أي الحياة اليقينية الأبدية . فالآخرة بداية النهاية والنهاية هي الخلود الأبدي .
الهامش
(1) ورد هذا الحديث في تحفة الأحوذي ج: 6 ص: 515
قيل : ( موتوا قبل أن تموتوا وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا )
اما في كشف الخفاء للعجلوني ج: 2 ص: 384برقم 2669 فقد ورد بتصحيحه مايلي : قال الحافظ ابن حجر ثابت .
وقال القاري : هو من كلام الصوفية والمعنى موتوا اختيارا بترك الشهوات قبل أن تموتوا اضطرارا بالموت الحقيقي .
وفي حاشية السندي على ابن ماجه – ج 1 – ص 112 مانصه :
قِيلَ ( مُوتُوا قَبْل أَنْ تَمُوتُوا ) أَوْ الْمُرَاد بِالْمَوْتِ عَلَى هَذَا الْغَيْبُوبَة عَنْ عَالَم الشَّهَادَة بِالِاسْتِغْرَاقِ فِي ذِكْر اللَّه وَمَلَكُوته وَالِانْجِذَاب إِلَى جَنَاب قُدْسه وَقِيلَ أَيْ أَنَّهُ ذَاقَ أَلَم الْمَوْت فِي اللَّه وَهُوَ حَيّ فَهُوَ لَمَّا ذَاقَ مِنْ الشَّدَائِد فِي سَبِيل اللَّه كَأَنَّهُ مَاتَ وَقِيلَ هُوَ مُجَازًى بِالْأَوَّلِ أَيْ أَنَّهُ سَيَمُوتُ شَهِيدًا .
وفي تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق – ج 4 – ص 226
إمَاتَةُ النَّفْسِ بِاخْتِيَارِ مُفَارَقَةِ الْأَوْطَانِ وَالْخِلَّانِ وَالْإِخْوَانِ وَالْأَهْلِ وَالْوِلْدَانِ وَالتَّشَبُّهُ بِالْمَوْتَى فِي اتِّخَاذِ الثَّوْبَيْنِ مِثْلَ الْكَفَنِ وَمَنْعُ إزَالَةِ التَّفَثِ وَقَالَ ( مُوتُوا قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا ) وَفِي هَذِهِ الْأَمَانَةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ حُصُولُ الْحَيَاةِ الطَّيِّبَةِ الْأَبَدِيَّةِ السَّرْمَدِيَّةِ .
والسخاوي في المقاصد الحسنة – ج 1- ص 258
كما ذكر الحديث اصحاب التفاسير القدامى ومنهم :
النيسابوري في تفسيره – ج 1 – ص 249 بقوله:الجهاد الأكبر: ( موتوا قبل أن تموتوا )
اسماعيل حقي البروسوي في تفسير روح البيان- ج 15- ص 319
المصدر :
السيد الشيخ محمد الكسنزان -موسوعة الكسنزان فيما اصطلح عليه اهل التصوف والعرفان-ج1مادة (أ خ ر) .