يقول الإمام جعفر الصادق عليه السلام :
« انه اسم تام ، لأنه أربعة أحرف :
الألف : هو عمود التوحيد . واللام الأول : لوح الفهم . واللام الثاني : لوح النبوة . والهاء : النهاية في الإشارة »(1) .
ويقول الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي :
« قيل : أن الألف الأول من اسمه ( الله ) ابتداؤه . واللام الأول لام المعرفة . واللام الثاني لام الآلاء والنعماء . والسطر الذي بين اللامين معاني مخاطبات الأمر والنهي . والهاء نهاية ما يمكن العبارة عن الحقيقة لا غير .
وقيل : أن الألف آلاء الله . واللام : لطف الله . واللام الثاني : لقاء الله . والهاء : تنبيه ، كأنه يقول : بآلاء الله ولطفه وصل من وصل إلى لقاء الله فانتبهوا .
وقيل : أن الوله كله من إظهار اسمه الله ، فوله به المحبون والمشتاقون حين عجزوا عن علم شيء منه »(2) .
ويقول : « قيل في قوله الله : أن الألف إشارة إلى الوحدانية ، واللام إشارة إلى محو الإشارة ، واللام الثاني محو المحو في كشف الهاء .
وقيل : إن الإشارة في الألف هو قيام الحق بنفسه وانفصاله عن جميع خلقه ، فلا اتصال له بشيء من خلقه كامتناع الألف أن يتصل بشيء من الحروف ابتداء ، بل تتصل الحروف به على حد الاحتياج إليه واستغناؤه عنها …
وقيل : من قال الله بالحروف فإنه لم يقل الله ، لأنه خارج عن الحروف والأوهام والأفهام ، ولكن رضى منا بذلك ، لأنه لا سبيل إلى توحيده من حيث لا حال ولا قال .
وقيل : أن معنى قول الله : أن الأسماء كلها داخلة في هذا الاسم وخارجة منه ، تخرج من هذا الاسم معاني الأسماء كلها ، ولا يخرج هذا الاسم من اسم سواه ، وذلك أن الله تفرد بهذا الاسم دون خلقه ، وشارك خلقه في اشتقاقات أسماءه .
وقال بعض البغداديين : ليس الله ما يبدو لكم وبكم ، ووالله والله ، ما هذا هو الله هذه حروف تبدو لكم وبكم ، فإذا تمعنت فمعناها هو الله .
وقيل : أن الإشارة في الله هي في اتصال اللامين في الهاء وانفصال الألف عنه ، أي ما أشرتم به إلي من ألف التعريف منفصل عني ، لأنكم بإياكم تقولون ، وما كان من صفاتي فإنها متصلة بي كـ ( لله ) حيث اتصلت حروفه »(3) .
ويقول الشيخ فخر الدين العراقي :
« الله : علم للذات مطلقاً . وهمزته : إشارة إلى التعين الأول . وقطعها : إلى انقطاعه من اللاتعين . وفتحها : إلى أنه مفتاح مفاتيح الغيب . وألفها الخفية : إلى اختفاء النفَس المتعين به . واللامان : إلى الملك والملكوت . والألف بعدهما : إلى دوران التجلي الحبي في نفسها . والهاء : إلى غيب الذات »(4) .
ويقول الشيخ ابن عطاء الله السكندري :
« الألف الأولى : دلالة الذات . واللام الأولى : دلالة صفات الذات . واللام الثانية : دلالة أسماء الأفعال . واللام الثالثة : دلالة أسماء المعاني القائمة بأسماء الصفات . والهاء : دلالة أسماء الإشارة لبواطن الأسماء »(5) .
ويقول الشيخ عبد الكريم الجيلي قدس الله سره :
« إن هذا الاسم [ الله ] خماسي ، لأن الألف التي قبل الهاء ثابتة في اللفظ ولا يعتد بسقوطها في الخط ، لأن اللفظ حاكم على الخط .
واعلم أن الألف الأول : عبارة عن الأحدية التي هلكت فيها الكثرة ولم يبق لها وجود من الوجوه ، وذلك حقيقة قوله تعالى : كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلّا وَجْهَهُ ( القصص : 88 ) ، يعني : وجه ذلك الشيء وهو أحدية الحق فيه ومنه ، له الحكم فلا يقيد بالكثرة إذ ليس لها حكم . ولما كانت الأحدية أول تجليات الذات في نفسه لنفسه بنفسه ، كان الألف في أول هذا الاسم وانفراده بحيث لا يتعلق به شيء من الحروف تنبيها على الأحدية التي ليس للأوصاف الحقيقية ولا للنعوت الخلقية فيها ظهور ، فهي أحدية محضة ، اندحض فيها الأسماء والصفات والأفعال والتأثيرات والمخلوقات …
الحرف الثاني من هذا الاسم : هو اللام الأول ، فهو عبارة عن الجلال ، ولهذا كان اللام ملاصقاً للألف ، لأن الجلال أعلى تجليات الذات …
الحرف الثالث : هو اللام الثاني ، وهو عبارة عن الجمال المطلق الساري في مظاهر الحق عز وجل …
الحرف الرابع من هذا الاسم : هو الألف الساقط في الكتابة ولكنه ثابت في اللفظ، وهو ألف الكمال المستوعب الذي لا نهاية ولا غاية له .
الحرف الخامس من هذا الاسم : هو الهاء ، فهو إشارة إلى هوية الحق الذي هو عين الإنسان » .
[ تعقيب ] :
مما تقدم يتضح أن الاسم الله عند الشيخ الجيلي يعني ما يأتي :
أحدية الذات المحضة الخالية من الكثرة الخلقية والحقية .
الصفات الجلالية وهي تمثل مرتبة الصفات الحقية .
الصفات الجمالية وهي تمثل مرتبة الصفات الخلقية .
الصفات الكمالية الجامعة لصفات الجلال والجمال في العالم والإنسان .
هوية الحق التي هي عين هوية الإنسان .
ويقول الشيخ حسين الحصني الشافعي :
« هذا الاسم [ الله ] عند أهل التحقيق مركب من خمسة أحرف رقماً في ستة لفظاً: إشارة إلى إحاطة الذات المتعالية العوالم الخمسة المحسوسة ، والجهات الست المختلفة ، وسد طرق الأينيات . أولها الألف : وفيه إشارات منها : اختفاؤها في الخمسة لفظاً كخفاء الهمزة في الألف رقماً ، إشارة إلى خفاء مظاهر الإمكان في الغيب المجهول ، أو لاختفاء الأسرار الإلهية وحقائق الصفات الأزلية في رقوم المظاهر آخراً .
ومنها : أن الألف هو عين النفس الممتد من باطن الصدر المتعين في جميع درجات المخارج الحرفية الظاهر بصورة الحروف كلها …
ومنها : انفصال صورتها الحرفية الرقمية عن صور الحروف كلها في أوائل الكلام ، واتصال الحروف به في الغاية إشارة إلى العلو والفناء والنـزاهة الذاتية وانقطاع نسبة الذات المتعالية عن الغير لانتفاء المناسبة بين المطلق والمقيد …
اللام الأولى : إشارة إلى لوح الحقائق الملكوتية المتصلة بالتجلي الوجودي ، والتحلي بالحلل الجودي في مرتبة العيان الشهودي قبل عالم الشهادة المحسوس ونظام الملك ، بمشاركة الأجسام والنفوس ، وقبولها وجود الفيض الواصل بالتجلي النازل قبولاً أحدياً جلياً …
اللام الثانية : إشارة إلى مجالي ظهور آثار تجليات الملك العزيز الجبار في سعة عرصة الملك ، وتفصيل ما كان مجملاً من أحكام قدرة المالك وأسراره في حقائق الملكوت وملكوت الملكوت »(7) .
ويقول الشيخ ابو الفيض المنوفي :
« الألف [ في الله ] : تدل على البدء والمنتهى ، وفيها سر الواحدية .
واللام : فيها دلالة الملك .
والهاء : فيها الدلالة على سر إلوهيته التي لا تقتحم وذاتيته التي تعلو كل فهم
والألف كثيراً ما كانت عند أهل المعرفة : إشارة على اسم الذات المجرد
واللام الأولى : إشارة إلى التملك بالتمكن …
واللام الثانية : للتمكن بالملكوت …
والهاء إشارة إلى ألوهية الذات التي لا يدركها عقل ولا يصل إليها وهم …
والاسم في مجموع حروفه : أول الأسماء الإلهية وآخرها »(8) .
_______________________________
الهوامش :
(1) – د . علي زيعور – التفسير الصوفي للقرآن عند الصادق – ص 125 .
(2) – الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي – زيادات حقائق التفسير – ص 20 – 21 .
(3) – المصدر نفسه – ص 22 – 25 0
(4) – الشيخ فخر الدين إبراهيم بن شهريار العراقي – مخطوطة اللمعات العادلية في برزخ النبوية – ص 2
(5) – الشيخ ابن عطاء الله السكندري – مفتاح الفلاح ومصباح الأرواح – ص 109 .
(6) – الشيخ عبد الكريم الجيلي – الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل – ج 1 ص 17 -19 .
(7) – الشيخ حسين الحصني الشافعي – مخطوطة شرح أسماء الله تعالى الحسنى ( تأديب القوم ) – ص 10 – 15 .
(8) – الشيخ محمود أبو الفيض المنوفي – معالم الطريق إلى الله – ص139 .