يقول الشيخ السراج الطوسي : الغسل بالماء : إشارة إلى غسل القلوب بالتوبة .
الإحرام : إشارة إلى نزع الأسرار من الغل والحسد والحل عن القلب عقد الهوى ، ومحبة الدنيا .
التلبية : إشارة إلى عدم إجابة داعي النفس والشيطان بعد التلبية لله تعالى .
الطواف : إشارة إلى التشبه بالملائكة الحافين من حول العرش .
تقبيل الحجر الأسود : إشارة إلى مبايعة الله تعالى .
الصفا : إشارة إلى صفاء القلب من الأكدار .
الهرولة : إشارة إلى الإسراع بالفرار من العدو ، والهرب من متابعة النفس والهوى والشيطان .
الوقوف في منى : إشارة إلى التأهب للقاء الله تعالى ، وهو المنى .
عرفات : إشارة للتعرف إلى معروفهم .
الوقوف بعرفة : إشارة إلى الوقوف بين يدي سيدهم الله تعالى بالأدب .
المزدلفة : إشارة إلى كينونة العظمة والإجلال لله تعالى في القلب .
كسر الحجارة : إشارة إلى كسر إرادات البواطن ، وشهوات الأسرار ، ومكمنات الأهواء .
المشعر الحرام : إشارة إلى تعظيم المشاعر ، وتشريف المشاهد وإعظام حرماتها .
رمي الجمار : إشارة إلى ملاحظة الأعمال ، ومشاهدة الأفعال بحسن الأدب .
حلق الرؤوس : إشارة إلى حلق البواطن عن حب الثناء والمحمدة .
الذبح : إشارة إلى ذبح النفوس في النفوس .
طواف الزيارة : إشارة إلى التعلق بالله تعالى واللياذة به لا بغيره (1) .
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي : « الحج : إشارة إلى استمرار القصد في طلب الله تعالى .
والإحرام : إشارة إلى ترك شهود المخلوقات .
ثم ترك المخيط : إشارة إلى تجرده عن صفاته المذمومة بالصفات المحمودة .
ثم ترك حلق الرأس : إشارة إلى ترك الرياسة البشرية .
ثم ترك تقليم الأظافر : إشارة إلى شهود فعل الله في الأفعال الصادرة منه .
ثم ترك الطيب : إشارة إلى التجرد عن الأسماء والصفات لتحققه بحقيقة الذات.
ثم ترك النكاح : إشارة إلى التعفف عن التصرف في الوجود .
ثم ترك الكحل : إشارة إلى الكف عن طلب الكشف بالاسترسال في هوية الأحدية .
ثم الميقات : عبارة عن القلب .
ثم مكة : عبارة عن المرتبة الإلهية .
ثم الكعبة : عبارة عن الذات .
ثم الحجر الأسود : عبارة عن اللطيفة الإنسانية ، واسوداده : عبارة عن تلونه بالمقتضيات الطبيعية ، وإليه الإشارة بقوله : نزل الحجر الأسود أشد بياضاً من اللبن فسودته خطايا بني آدم(2) ، فهذا الحديث عبارة عن اللطيفة الإنسانية ، لأنه مفطور بالأصالة على الحقيقة الإلهية ، وهي معنى قوله تعالى : لَقَدْ خَلَقْنا الْأِنْسانَ في أَحْسَنِ تَقْويمٍ (3) ، ورجوعه إلى الطبائع والعادة والعلائق والقواطع هو اسوداده ، وكل ذلك خطايا بني آدم ، وهذا معنى قوله تعالى : ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلينَ(4) .
فإذا فهمت فاعلم أن الطواف : عبارة عما ينبغي له أن تدرك هويته ، ومحتده ، ومنشؤه ، ومشهده .
وكونه سبعة : إشارة إلى الأوصاف السبعة التي بها تمت ذاته ، وهي : الحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام . وثَمّ نكتةٌ باقتران هذا العدد بالطواف وهي : ليرجع من هذه الصفات إلى صفات الله تعالى ، فينسب حياته إلى الله وعلمه إلى الله
وإرادته إلى الله وقدرته إلى الله وسمعه إلى الله وبصره إلى الله وكلامه إلى الله ، فيكون كما قال : أكون سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به … الحديث (5) . ثم الصلاة مطلقاً بعد الطواف : إشارة إلى بروز الأحدية ، وقيام ناموسها فيمن تم له
ذلك …
مقام إبراهيم : إشارة إلى مقام الخلة …
ثم زمزم : إشارة إلى علوم الحقائق .
فالشرب منها : إشارة إلى التضلع من ذلك .
ثم الصفا : إشارة إلى التصفي من الصفات الخلقية .
ثم المروة : إشارة إلى الارتواء من الشرب بكاسات الأسماء والصفات الإلهية .
ثم الحلق حينئذٍ : إشارة إلى تحقق الرياسة الإلهية في ذلك المقام .
ثم التقصير : إشارة لمن قصّر فنـزل عن درجة التحقيق التي هي مرتبة أهل القربة ، فهو في درجة العيان ، وذلك حظ كافة الصديقين .
ثم الخروج عن الإحرام : عبارة عن التوسع للخلق والنـزول إليهم بعدم العندية في مقعد الصدق .
ثم عرفات : عبارة عن مقام المعرفة بالله .
والعلمين : عبارة عن الجمال والجلال ، اللذين عليهما سبيل المعرفة بالله ، لأنهما الأدلاء على الله تعالى .
ثم المزدلفة : عبارة عن شيوع المقام وتعاليه .
ثم المشعر الحرام : عبارة عن تعظيم الحرمات الإلهية بالوقوف مع الامور الشرعية . ثم منى : عبارة عن بلوغ المنى لأهل مقام القربة . ثم الجمار الثلاث : عبارة عن النفس والطبع والعادة ، فيحصب كل منها بسبع حصيات ، يعني يفنيها ويذهبها ويدحضها بقوة آثار السبع الصفات الإلهية . ثم طواف الإفاضة : عبارة عن دوام الترقي لدوام الفيض الإلهي ، فإنه لا ينقطع بعد الكمال الإنساني إذ لا نهاية لله تعالى . ثم طواف الوداع : إشارة إلى الهداية إلى الله تعالى بطريق الحال ، لأنه ايداع سر الله تعالى في مستحقه ، فأسرار الله تعالى وديعة عند الولي لمن يستحقها لقوله تعالى :
فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فادْفَعوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ (6) »(7) .
_____________________
الهوامش:
[1] – الشيخ السراج الطوسي – اللمع في التصوف – ص 171 – 173 ( بتصرف ) .
[2] – سنن الترمذي ج: 3 ص: 226 .
[3] – التين : 4 .
[4] – التين : 5 .
[5] – صحيح البخاري ج: 5 ص: 2384 برقم 6137 .
[6] – النساء : 6 .
[7] – الشيخ عبد الكريم الجيلي – الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل – ص 87 – 88 .
المصدر : السيد الشيخ محمد الكسنزان الحسيني – موسوعة الكسنزان فيما اصطلح عليه اهل التصوف والعرفان – ج5 – مادة ( ح ج ج ) .