أنزلت في رَوضِه مَدحي وأوصافي
كيما يَرِدْنَ فُـراتَ المَنْهَـل الصافي
مجاوراتٍ من الأقـداسِ أطهـرُها
ورائماتٍ جَـنابَ الراحمِ الـغَافـي
تُجـلى السُرى حاملات بين أحرفها
شوقـاً إلى المصطفى إيمانها الدافي
ترومُ من نَفحـات الروضِ أرديـةً
يفتَـنّ في حَـوكها النسّاجَ والرافي
حنّـت إلى الربعِ تحنانَ الغريمِ إلى
حبـيـبه بفـؤادٍ رَقَّ.. شـفـافِ
إلـيك يا سيدي تَسري هوىً وتقىً
تـشتـاق رؤيـةَ أحبـابٍ وآلاف
حيث السُرى ونسيمُ البيدِ يَحملُ في
أطـوائِه نبـضَ أنغـامٍ وألطـافِ
شممتُ من عرعرٍ أطيابَ روضتكم
فقلـت: مِن هاهنا أسعى لكم حافي
وصرتُ أطمعُ أن أحظى بروضتكم
وكان ميمُ اسمكم بالمبتـغى الكافي
وكنتُ في صُحـبةٍ ذكراكَ تَجمعُهم
حتى اقتربـتُ إذا بـي عُفتُ آلافي
أجودُ بالخطـوِ شوقـاً أن أُلِمَّ بكم
في (طيبة) منتهى وجدي وأهدافي
يُجلي أذى الهمِّ ذكرُ الربعِ عن كبدٍ
وترتوي النفسُ من ينبوعك الشافي
لما بَدَت (طيبة) والليلُ معتـكِـرٌ
أحسست نوراً يُصَحّي قلبي الغافي
وعشتُ في لحظاتِ الوجدِ تأسرُني
فيكَ النسائمُ في أعماقِ أعطـافي
لما مثـلتُ أمامَ القبرِ مُقـتـبلاً
صَلّت عليكَ حشاشاتي وأطرافي
وهزّ جسميَ وجدٌ باتَ مُضطرِباً
في أجنُحي ونزولاً تحت أكنافي
وطافت الروحُ تجني من أطايبكم
تختالُ في ظل أطيـابٍ وأوراف
فقلتُ يا عاشقَ الدنيا تسوقُ بـه
مفاتنٌ ومتاهـاتُ الهوى الجافي
هذا الربيعُ وهذي الأرض جنّتُه
وذي منازلُ أحبـابٍ وأشـرافِ
فانزل على طيبةٍ واقرا السلام بها
تُجِبْـكَ قُبّـتُها والمنبرُ الضافي
ومُرَّ في عَرصاتِ القومِ والتمسن
حديثَهـم تـلقَهُ في مَجدِهم خَافي
سَـل البقيعَ وناشـد فيه ساكنه
ومن توسـدَ فيه رملَـهُ السافي
لعل تربتـه تنبـئْـكَ عن عَربٍ
كانوا هـمُ أهـلَ إيمانٍ وإيلاف
يا قاصدَ الحي تستجلي مساكنَهم
سلّم على أهـله تسليمك الوافي
إني أحـنُّ الـيهم كلما خطـرَت
منهم على النفسِ أذكاري وأطيافي
شجوتُ يا سيدي بالحب من وَلَهي
كشجوِ طيرٍ رقيقِ اللحنِ هتّافِ
وقفتُ في كل شبرٍ كنتَ واقِـفَه
تأسّـياً واقـتداءً فعـلَه القـافي
وطُفتُ في الروضِ أجنى من شمائلهِ
عطراً وما كنتُ من قبلٍ بطـوّاف
وبِتُّ ألـتمسُ الرملَ الذي وطأَت
رجلاكَ كي تكتوي بالرملِ أطرافي
ومر طيفُكَ في صحوي وفي وَسني
فكنتَ في مهجتي نورُ السنا الخافي
نفرتُ من عرفاتٍ صوْبَ مُزدلـفٍ
والنفـسُ مولعةٌ بالـنونِ والقـافِ
عفواً نبـيَّ الهُدى ذُلي ومسكنتي
أمامَ مجـدِكَ إيماني وإنصـافـي
جاورتكَ اليومَ أرجو الله معذرتي
مما جنَى عملي من فرطِ إسرافـي
لن يجنيَ الخيرَ في الدنيا أخو سَرفٍ
قضى السويعاتِ في تيهٍ وإتـلاف
في النفس يا سيـدي هـمٌّ يؤرّقُني
وسيلُ دمعـيَ حزنٌ فوقَـه طافي
إليكَ جئـتُ بآلامي وقد كُبِـتت
في الصدرِ مما أرى من دهريَ الجافي
إن كنتُ أقذِفُها جمراً فقد خَرجت
من صدرِ مُكتئبٍ للجمرِ قَـذّافِ
وقد علقـت بإيماني فكـانَ يداً
على البلاءِ وردعاً كلَّ إسراف
فصدقُ قولي وصبري في مُجالدةٍ
وحسنُ وعدي وإيعادي وإخلافي
لقد رأيتُ شرارَ الناسِ يا سنَدي
يُمالِـئونَ على ظـلمٍ وإجحـاف
جاروا على الخلقِ ما اهتزت شواربُهم
وكـبّـلوهم بـإذلالٍ وإنـزاف
تبوّأوا الصدرَ والدنيا لهم سكنٌ
وهم أراذِلـها من نسلِ أجـلاف
تنقّصوا شرفَ الدنيا بعـولمـةٍ
الذلُ والحقدُ في أعماقها خـافي
إني المجاهدُ أدعو الله مُهلِكهم
إني لأدعو بإلحـاحٍ وإلـحاف
للظلمِ عاقـبةٌ سوأى فخُـذ مثلاً
فيها عقوبةَ من كانوا بأحقـافِ
عبد القادر الدوري