السائل : ليلى
البلد : الكويت
السؤال :
بسم الله الرحمن الرحيم يفسر البعض ان العدل الإلهي عند الصوفية بأنه تجربة روحية تكتسب مباشرة من الاتصال بالله جل وعلا لا من العمل الإنساني وان العدل هو من صفات الله مثل النور والجمال والحب فما معنى ان المتصوفة يعدون العدل الإلهي هو تعبير عن الحب والجمال وضح ذلك لطفا ؟ .
الجواب :
ان كون الصوفية يتعاملون مع قضية العدل الإلهي بإنه تجربة روحية معاشة ، فهذا نابع من منطلقاتهم المعرفية التي لكي نوضحها لك فاننا نحتاج إلى ان نقارنها بمنطلقات مغايرة ، ونعني بها المنطلقات المعرفية لعلم الكلام . فأصحاب علم الكلام يفهمون قضية العدل الإلهي من خلال إعادة تمثيلها عقليا فيحولوها إلى قضايا عقلية ذات مقدمات ونتائج بحيث تكون قابلة للجدل والنقاش ولكن تحت شرط السباحة مع تيار العقل . وكون العدل الإلهي قضية عقلية معروضة للفهم ، فان ذلك سيحملها حتما إلى التقاطع مع قضايا أخرى تدور في نفس الفلك وتتمتع بنفس الصلاحية أي كونها قضايا عقلية ، مثل قضية الجبر والاختيار وقضية القضاء والقدر ، وهذه التقاطعات كانت قد أربكت الخائضين فيها وحمّلت ارثهم الفكري تناقضات منطقية لم يستطيعوا عنها فكاكا إلى يومنا هذا .
الصوفية من جهتهم سلموا بالعدل الإلهي ابتداءً ووجدوا ان خير وسيلة لإثباته هي ملامسته والتشرب به وان ذلك يتم عمليا من خلال تطهير النفس وتنقية القلب استعدادا لملئ كأس الوجدان بحب الله تعالى . ومن خلال هذا الحب تتم ملامسة كافة الحقائق الإلهية المتاحة بما فيها العدل الإلهي الذي سيغدوا حينها في نظر الصوفي السالك ، فيض من فيوضات الذات الإلهية التي لا تتمايز كثيرا عن غيرها من فيوضات النور والجمال والجلال .. الا من حيث مقام المحب وحاله ودرجة قربه من مولاه .