السائل : nora kataya
البلد :
السؤال :
يقول الإمام الجيلانى فى كتابه فتوح الغيب صفحه 15 ، 16 : ( الأنبياء عصموا عن الهوى ، وبقية الخلق من الإنس والجن المكلفين لم يعصموا منها،غير ان الأولياء يحفظون عن الهوى ، والإبدال عن الاراده ) .
ارجوا إيضاح عبارة الجيلانى وما مقصده من كلمة الهوى والاراده ؟
الجواب :
بداية نود توضيح معنى العصمة وهي كما في تعريفات الشريف الجرجاني « ملكة اجتناب المعاصي مع التمكن منها »(1) ، وهذه المَلكة كما يقول الإمام الغزالي : هي « فيض الهي يقوى به الإنسان على تحري الخير ، وتجنب الشر حتى يصير كأنه من باطنه غير محسوس ، وإياه عنى بقوله : ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ ) (2) »(3) . وقد أجمعت الاُمة على عصمة الأنبياء فيما يتعلق بالتبليغ وغيره كما يقول تاج الدين السبكي (4) .
ولا يختلف ( حفظ الأولياء ) عن ( عصمة الأنبياء ) في شيء عند الصوفية إلا انهم وكما يقول الشيخ الأكبر ابن عربي : « جعلوا الحفظ للولي أدباً مع النبي ﷺ ، فإن الشيطان ما له سبيل على قلوب الأولياء من أجل العلم الذي أعطاه التجلي الإلهي لقلوبهم »(5) . وقد ذهب بعض المشايخ إلى القول بأن الفرق بين العصمة والحفظ هو ان العصمة تكون قبل النبوة وبعدها بينما لا يكون الحفظ الا مع الولاية وليس قبلها (6).
واما عبارة الشيخ عبد القادر الكيلاني ( قدس الله سره ) فبيانها كما يلي :
الهوى عند الغوث الأعظم ( قدس الله سره ) هو رغبة النفس في الدنيا وتعلقها بالخلق فحضرته يقول : « يا صاحب الهوى ، انت رغبتك في الدنيا ورغبة القوم العقبى ، انت ترى الدنيا وهم يرون رب الأرض والسماء ، وانت أُنسك بالخلق وانس القوم بالحق ، انت قلبك متعلق بمن في الأرض وقلوب القوم برب العرش »(7). ومعنى هذا ان بواطن الأنبياء ﷺ قد عصمت عن الرغبات والشهوات التي تحجبهم عن الله تعالى طرفة عين ، وقد حفظ الأولياء من ذلك ايضا ، وهم الذين اشار اليهم بلفظة ( القوم ).وأما الإرادة فهي عند الغوث الأعظم ( قدس الله سره ) : « نهوض القلب في طلب الحق سبحانه وترك ما سواه »(8) فعلى العبد ان يترك إرادة حظوظ الدنيا والآخرة ويتجرد لإرادة المولى جل وعلا ، وقد حفظ الله تعالى قلوب الإبدال على ارادته فقط فلا يريدون الا وجهه الكريم ولا يبتغون الا رضاه ، ولا تشغلهم عنه رغبة في جنة او رهبة من نار .
الهوامش:
[1] – الشريف الجرجاني – التعريفات – ص 156 .
[2] – يوسف : 24 .
[3] – الإمام الغزالي – ميزان العمل – ص 303 – 304 .
[4] – شرح المواهب اللدنية بالمنح المحمديّة 5 / 314.
[5] – الشيخ ابن عربي – الفتوحات المكية – سفر 7 فقرة 617 .
[6] – الشيخ ابن علوية المستغانمي – المنح القدوسية في شرح المرشد المعين بطريق الصوفية – ص 53 بتصرف .
[7] – فتوح الغيب بهامش قلائد الجواهر – الشيخ التادفي – ص 27 -28 .
[8] – الشيخ عبد القادر الكيلاني – الغنية لطالبي طريق الحق – ج 2 ص 555 .