عرف السيد الشيخ الغوث عبد القادر الكسنـزان قدس الله سره بجهاده المتواصل وكراماته العديدة فكـان غوثا وزاهـدا قد اشتهر بالحلم والكرم والسخاء والعطـف على الأيـتام ومساعدتهـم ورعايتهـم رعاية تامـة وذلك تبعـا لقوله تعالى : ( فأما اليتيم فلا تقهر ) وخلال الحرب العالمية الأولى هاجر الغوث عبد القادر قدس الله سره مع أسرته وجمع من المريدين الى إيران بعد أن كادت الشعوب الإيرانية تنسى أمور دينها عائدين الى جاهليتهم .
فقد أشرقت ارض إيران بنور هذا الغوث العظيم الذي أنار المنطقة بأجمعها وثبت الأيمان في قلوبهم وبعث فيهم نور الإسلام من جديد ، وكان يعلمهم أخلاق الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم وسنته الشريفة وأفعاله الكريمة حتى أصبحت أنوار الطريقة سارية في جميع بقاع إيران ، وبقي قدس الله سره في إيران حتى انتقل الى جوار ربه عـام
(1340هـ) ولذلك أطلق عليه لقب (الغوث المهاجر في دين الله) أسوة بهجرة جده المصطفى ﷺ وسلممن مكة المكرمة الى المدينة المنورة وخلف الغوث المهاجر بعده على مشيخة الطريقة ولده السيد الغوث السلطان حسين الكسنـزان قدس الله سره ونزولا عند رغبة المريدين وإلحاحهم أعيدت جنازته الى العراق ودفنت في قرية كربجنة .
اقوالـه
ومن مواعظه قدس الله سره كان يقول :
-أيها المريد البس ثوب التوبة قميصا نقيا صافيا فمن لم يكن متشرعا متحققا عفيفا فأنه ليس من مريدينا فعلى مريدينا أن يكون ملازما للشريعة والطريقة والزهد والورع وقلة الطمع .
– إن من كظم غيظه وعفى عمن ظلمه وآذاه رقاه الله الى مراقي الرجال .
-إذا أردتم أن تغتابوا أحدا فاغتابوا والديكم فأنهما أحق بحسناتكم من غيرهم .
– إياكم والدعاوي الكاذبة فأنها تسود الوجوه وتعمي البصر ، إياكم أن يدعي أحدكم انه من الصالحين وهو يقع في الأفعال الرديئة ويأكل من طعام أهل الرشاوي والربا والظلم وأعوانهم إذ لا يكون من الصالحين من يقع في الكذب والغيبة والوقيعة بين الناس في أعراضهم وكيف يطلب أن يكون عند الله صادقا وهو يقع في المتاهات إياك وإدعاء المشيخة وأنت تعصي ربك فان الله سيقول لك أما تستحي من دعوة القرب مني وأنت لم تغسل ثيابك المدنسة لمجالستي ، أنت تملأ بطنك من الحرام وتنقل أقدامك الى الآثام وأنت مدع كاذب .
ورعـه
وكان من ورع الشيخ عبد القادر قدس الله سره عندما سكن في إيران في قرية تعود ملكيتها لعائلة فقيرة وقد اغتصبها أحد الإقطاعيين انه حرم على نفسه حتى شرب الماء من تلك القرية او استعماله لأي من حاجياته اليومية واكتفى بماء يذاب من الثلج طيلة السنين التي عاشها فيها ، لأنه اعتبر ماء القرية حراما مغتصبا من صاحبه الشرعي .
كراماتـه
كان للشيخ عبد القادر الكسنـزان قدس الله سره كرامات كثيرة ومشهورة :
– كان احد الإقطاعيين الظالمين قد اعتدى على رجل من آل بيت الرسول لى الله تعالى عليه وسلم فذهب السيد المعتدى عليه الى الشيخ قدس الله سره واشتكى له ظلم الظالم فقال له الشيخ قدس الله سره : (مهلا إن الله يمهل ولا يهمل وان الله بالمرصاد لكل الظالمين ستبقى أنت عندنا وستوصل الشكوى الى جدنا سيد المرسلين ﷺ وبعد فترة قصيرة بدل الله تعالى جميع مظاهر جسد الظالم الى جسد امرأة وقد برزت عليه اثدية وتغير صوته وملامح وجهه وقد حاول الرجل معالجة نفسه بشتى الوسائل دون جدوى وأخيرا لم يبق له سوى الالتجاء الى السيد الشيخ عبد القادر الكسنـزان قدس الله سره فجاءه يبكي ويتوسل إليه ، ويقول : هذه ضربه منك يا شيخ عبد القادر لأنني كنت معتديا على ذلك الرجل ولم يزل يتوسل اليه حتى قال له الشيخ قدس الله سره 🙁 تب الى الله توبة صادقة لا رجعة بعدها الى الظلم فان الله غفور رحيم ) ، فتاب توبة نصوحا عادت بعدها اليه حالته الطبيعية .
– ومن كراماته أيضا إن أقطاعيا ظالما كان قد سلب بقرة من رجل فقير ، فذهب الفقير الى الشيخ واشتكى فطلب الشيخ من الظالم أن يرد البقرة الى الرجل ولكن الظالم أبى ، وقال له : لا أستطيع رد أموال مثل هؤلاء الذين هم مثل العبيد بالنسبة لنا ، فلما سمع الشيخ قدس الله سره كلام الظالم أنكره واحمر محيياه من الغضب وقال له : ( أيها الظالم إن الناس سواسية كأسنان المشط لا فرق بين رئيس ومرؤوس لا غني ولا فقير إلا بالتقوى : ( إن أكرمكم عند الله اتقاكم ) ، أما أنت أيها الظالم فلن يصلح حالك حتى يطلع القرن من رأسك وتأكل من فضلات الكلاب ، اذهب والله المنتقم )، ولم تمض فترة طويلة حتى مرض الظالم وظهر على رأسه قرنان كقرون الحيوانات ودمل رأسه وتعفن من القيح فندم على ما فعل واستغاث قائلا احملوني الى السيد الشيخ عبد القادر الكسنـزان ان هي الا ضربة منه ولما جيء به الى السيد الشيخ قدس الله سره صار يبكي ويتوسل ويقول يا ابن رسول الله عالجني ، فقال له الشيخ قدس الله سره ( تب توبة لا رجعة بعدها وعاهد الله ان ترد المظالم فستعود مشافى بأذن الله ) وبعد توبته على يد الشيخ وتعهده بترك الظلم طيلة حياته أصبح مشافى ومعافى .
– رأى احد الروسيين في جمهوريات الاتحاد السوفيتي حضرة الشيخ عبد القادر الكسنـزان قدس الله سره في المنام فحصل لديه الجذب الروحي من قبل حضرة الشيخ فنهض متوجها الى العراق وكان يرى في طريقه إشارات نورانية تهديه الى الطريق حتى وصل الى السليمانية فألقى القبض عليه من قبل جماعات الشيخ محمود الحفيد واتهم بالتجسس وحكم عليه بالإعدام وقبل تنفيذ الحكم به رأى الشيخ محمود الحفيد حضرة الشيخ عبد القادر الكسنـزان قدس الله سره في المنام فأمره بأطلاق سراحه لكونه احد المريدين المنجذبين الى حضرته فأطلق سراحه وأرسل معه رجلين من أتباعه فلما وصل الى الشيخ قادر قدس الله سره اسلم وتاب على يديه فسماه الشيخ قادر سيف الله وأمر بتعليمه أمور الدين والطريقة ولا تزال ذرياته باقية في السليمانية وسجل اسمه في دائرة النفوس بأسم سيف الله شيخ قادر .
– بينما كان الشيخ عبد القادر الكسنـزان قدس الله سره ماشيا رأى في طريقه عصفورا ميتا وكان معه عدد من مريديه وأتباعه فأمر احد مريديه بجلب ذلك العصفور إليه فلما جيء به الى حضرته قال : ( هذا ليس بميت وإنما نسي تسابيحه ) فهمس في أذنه ثم نفخ عليه فطار العصفور .
– بينما كان احد الفلاحين عائدا بثيرانه من الحقل بعد انتهاء العمل خرج احد الثيران من الطريق وتوجه الى مكان تواجد حضرة الشيخ قادر قدس الله سره فلبث فترة مطرقا رأسه ثم رفعه شاكيا صاحبه بلسان الحال فلما تبعه صاحبه ، قال الشيخ قادر قدس الله سره : ( إن ثورك هذا يشكو من انك تحمله أكثر من طاقته فأرئف به ) ، هكذا يجب أن يكون شيخ الطريقة قدوة في الرحمة والشفقة والرأفة بالحيوان الذي لا حول له أمام الإنسان .
المصدر : السيد الشيخ محمد الكسنزان – كتاب الطريقة العلية القادرية الكسنزانية – ص346 .