محبة كافة الأنبياء فرض ومحبة النبي محمد عليه الصلاة والسلام فريضة آكد من الله تعالى علينا كباقي الفرائض لا فرق بينها وبين الفرائض الأخرى ، ودليلنا على أن محبة النبي فريضة قول الله عز وجل :{ قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحبَّ إليكم من الله ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره } (التوبة : 24) وأما حديث النبي الذي يرويه البخاري ومسلم وسواهما فهو دليل أيضاً على أن محبة النبي فريضة يجب أن نتذكرها وأن نَعِيَ فيما إذا كنا نقوم بها ، هذا الحديث يقول فيه صلى الله عليه وآله وسلم : ” لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده ومن الناس أجمعين ” هذا مستند الفريضة .
ويروى أن ثوبان رضي الله عنه وأرضاه ، جاء مرة إلى النبي عليه وآله الصلاة والسلام فقال : ” يا رسول الله ! والله إنك لأحب إلي من نفسي ، وإنك لأحب إلي من ولدي ، وإني لأذكرك في بيتي فما أصبر حتى آتيك فأنظر إليك ، وإن لأتذكر موتي وموتك فأقول : إنك في الجنة مع النبيين ، وأني في مكان آخر ، فأبكي خشية أن لا أراك بعد الممات ” فلم يرد عليه النبي عليه وآله الصلاة والسلام بل نزل جبريل عليه السلام بقوله تعالى على قلب النبي محمد عليه وآله الصلاة والسلام : { ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً }(النساء : 69) فتبسم ثوبان واطمأن ثوبان إلى أنه سيلقى النبيَّ حتى بعد الممات لأن المرء مع من أحب .
إن محبة النبي صلى الله عليه وسلم مكافأة يمنحها الله عز وجل كل من آثر الله ورسوله على هواه..فيحس أن للإيمان حلاوة تتضاءل معه كل اللذات الأرضية،ولأن من أحب شيئًا أكثر من ذكره فكلما ازداد العبد لرسول الله صلى الله عليه وسلم حبًا كلما ازداد له ذكرًا ولأحاديثه ترديدًا ولسنته اتباعًا ومع كل هذا يذوق حلاوة الإيمان.
والله ما طلعت شمس ولا غربـت إلا وأنت مني قلبي ووسواسي
ولا جلست إلى قـوم أحدثهـم إلا وأنت حديثي بين جلاسي
ولا هممت بشرب الماء من عطش إلا رأيت خيالاً منك في الكاس
اسمع إلى خبر عبد الله بن عمر الذي قال عنه سعيد بن المسيب : لو شهدت لأحد أنه من أهل الجنة لشهدت لابن عمر .يقول عنه مولاه نافع:لو نظرت إلى ابن عمر إذا اتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم في كل مكان صلى فيه، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل تحت شجرة فكا ن ابن عمر يتعاهد تلك الشجرة فيصب في أصلها الماء كي لا تيبس .
أما عمرو بن العاص فيقول: ما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أجل في عيني منه وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالاً له، حتى لو قيل لي : صفه ما استطعت أن أصفه!! أما علي بن أبي طالب حين سئل: كيف كان حبكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا وأحب إلينا من الماء البارد على الظمأ.
واسمع إلى حب زيد بن الدثنة وقد كان من أهل مكة قد أخرجوه من الحرم ليقتلوه فقال له أبو سفيان (وهو يومئذ مشرك):أنشدك بالله يا زيد..أتحب أن محمدًا الآن عندنا مكانك نضرب عنقك وأنت في أهلك؟ فقال زيد : والله ما أحب أن محمدًا في مكانه الذي هو فيه مقيم تصيبه الشوكة وأنا جالس في أهلي.. فقال أبو سفيان: ما رأيت أحدًا من الناس يحب أحدًا كحب أصحاب محمد محمداً .
واسمع إلى شوق ربيعة بن كعب الأسلمي إلى رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدم إطاقته فراقه،ففي الوقت الذي كان الناس يسألون النبي صلى الله عليه وسلم الشاء والبعير قال ربيعة: أسألك مرافقتك في الجنة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :”فأعني على نفسك بكثرة السجود” صحيح .
فنسأل الله تعالى أن يرزقنا حبه وحب رسوله وحب ما يقربنا إلى حبهما .
المصدر :- دار الغزالي .