داب الانسان قديما على ان البشر يهلك ويبلى وهذا كل ما في الامر ولكن الاديان السماوية اكدت على البعث مرة اخرة والحساب على الاعمال التي قام بها البعد وجاء الاسلام ضمن ايات القران الكريم بتفضيل واحد عن الحياة الاخروية والجنة والشعور بالسعادة فيها وعن النار والشعور بالعذاب والحسرة على ما فات من فرص النجاة . ولما علمنا ان الجسد يبلى في التراب والنفس تخرج وتحلق في العالم الاخر وجب ان نثبت ان النفس والجسد شيئان مختلفان قال تعالى : (يا ايتها النفــس المطمـئنة ارجـعي الـى ربك راضـية مرضـية)(1) ، وهذا يدل على ان النفس راجعة الى العالم الاخر بعد الموت الجسد وانها لا تموت بموته وبذلك فهي شيئ اخر غيره . قال تعالى في خلق الانسان : (ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظما فكسونا العظام لحما ثم انشاناه خلقا اخر)(2) . فلما تكلم الجليل سبحانه عن التحولات الجسدية (نطفة ، علقة، مضغة، عظام،لحم) كان الكلام متسلسلا ولما اراد النفخ فيه قال : ( ثم انشأناه خلقا اخر)فثبت ان النفس شيئ اخر غير الجسد . اذن فالنفس او الروح شيئ غير الجسد الذي يبلى بالموت وهو وعاء احتوى النفس وعده اهل الطريقة سجنها فاذا انفلتت منه حلقت في عالم لملكوت لانها من عالم الامر وليس من عالم الخلق لقوله تعالى : ( ويسالونك عن الروح قل الروح من امر ربي وما اوتيتم من العلم الا قليلا)(3) . وهذا التحليق يعتمد على درجة صفاء النفس ومدى اطاعتها لله وانقيادها لاوامره .
الهوامش:
(1) الفجر : 27 – 28 .
(2) المؤمنون : 14 .
(3) الاسراء : 85 .
المصدر :
السيد الشيخ محمد الكسنزان الحسيني – كتاب الطريقة العلية القادرية الكسنزانية -ص107-108 .