أن الاسم الله هو سلطان الأسماء وأصلها الذي امتدت منه امتداد الحروف من اصل النقطة أو امتداد الأنوار من اصل المشكاة من غير تجزئة ولا انقسام ، حيث أن كل إسم إلهي يعبر لأهل الأفكار من جهة ويكشف لأهل الحقائق من جهة أخرى عن وجه أو جانب من جوانب الحقيقة الإلهية المطلقة ، ويأتي الاسم الله ليعبر ويكشف عن حقائق الأسماء الإلهية كلها جمعاً وتفصيلاً .. أي أنه يعبر ويكشف عن كل الحقائق غيرالمتناهية ، فهو برزخ الأسماء الأعظم الذي يفصل ويجمع في نفس الوقت بين بحر الذات الأحدية وبين بحر الكثرة الأسمائية ، ولقد ثبت بنص القرآن الكريم إن أقرب صفة توضح كنه وحقيقة هذا الاسم الأعظم هي صفة النور لقوله تعالى : {اللَّهُ نورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ }( النور : 35 ) ، فهو ظاهر بنفسه مظهراً لغيره من الأسماء أزلاً ، فالسماوات والأرض تشيران إلى الأسماء الإلهية ، لأنهما من بعض تجلياتها وقد ظهرت من نور الاسم الله .
إذاً ظاهر الاسم الله هو الأسماء الإلهية بما اشتملت عليه من تجليات وجودية ومعرفية ظهرت أم لم تظهر ، وباطنه أو حقيقته النور المحض ولقد أكرم سبحانه وتعالى الوجود بأن أنزل النور المحمدي صلى الله تعالى عليه وسلم فيه مشيراً إلى ذلك بقوله : { مَثَلُ نورِهِ كَمِشْكاةٍ }( النور : 35 ) وقوله : { قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نورٌ} ( المائدة : 51 ) فكان حضرته صلى الله تعالى عليه وسلم في وجوده بيننا ممثلاً عن حضرات الأسماء الإلهية كلها بما فيها الاسم الله فهو الاسم الأعظم ، لأنه حقيقة كل الأسماء وقد ذكره الله تعالى بهذه الصفة في عدة آيات منها قوله سبحانه : { إِنَّ الَّذينَ يُبايِعونَكَ إِنَّما يُبايِعونَ اللَّهَ }( الفتح 10 ) وقوله { وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمى }( الأنفال : 17 ) . فمن عرف النور المحمدي صلى الله تعالى عليه وسلم عن طريق الفناء في محبته والذوبان في ذكره وطاعته فإنه يعرف تحقيقاً معنى الاسم الله من حيث الوحدة في مواجهته للذات ، ومن حيث الكثرة في مواجهته للموجودات ، فأنى لواصف أن يصفه ؟ وأنّى لتعريف أن يحده ؟ !.
ولهذا فإننا نرى أن الاسم الله هو أسرع الأسماء من بين الأذكار والأوراد في إيصال السالك إلى مقصوده ، وإلى إلى إجابة الداعي في دعائه ، هو المستقيم الذي لا التفات فيه أو انحناء .
السيد الشيخ السلطان الخليفة
محمد المحمد الكسنزان الحسيني
رئيس الطريقة العلية القادرية الكسنزانية في العالم