خليفة مشتاق هيلان
لما أظهر الله عز وجل فضله ورحمته للوجود جعل الفرح بهذا الفضل والرحمة واجباً على كل مكلف وهو غير البطر والمرح المذمومين في قوله تعالى {إنه لا يحب الفرحين } وقوله تعالى{ ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق } ونؤكد على كلمة بغير الحق إذ أن هناك فرح بحق وفرح بغير حق والفرح الحق هو الرضا والسرور في قوله تعالى {وفرحوا بما عندهم من العلم } وقوله {حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها } وأعظم الرضا والسرور الحق من الأزل إلى الأبد هو ما كان بفضله وبرحمته التي أكدها لنا المولى جل وعلا على لسان نبيه الكريم صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : {قل بفضل الله ورحمته فبذلك فليفرحوا هو خير ما يجمعون } لأنه فرح فيه الخلود والأبدية والبقاء حيث يقوم على الاتباع والتسليم والتأسي والتعظيم والمناصرة فهو خير مما يجمع الإنسان من متاع وغرائز وملذات فانية . وإن مصطلح الفضل في القرآن الكريم أراد الله به معاني كثيرة تضمنها ( الإسلام ، النبوة ، الرزق ، الجنة ، المنة ، الخلف ) وإن الذي يجمع هذه المعاني هو النبوة التي قال عنها رب العزة وكان فضل الله عليك عظيماً فمن عظمتها أنها لولاها ما دانت البشرية بدين التوحيد من لدن آدم عليه السلام إلى عهده صلى الله تعالى عليه وسلم ولما كانت المنة عليه والرزق به والجنة في سبيله وكذلك الرحمة فلها في القرآن الكريم معاني عدة منها ( الإسلام ، الجنة ، المطر ، النعمة ، القرآن ، الرزق ، النصر ، الإيمان وسيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم ) فقد قال في حضرته صلى الله تعالى عليه وسلم {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} فهو عين الفضل والرحمة وعنوانهما وإنه لما ذكر الفضل والرحمة بصيغة المفرد في قوله ( فبذلك ) أراد به أمراً واحداً وهو رسول الله فقد قال عنه في الحديث القدسي لولاك لم أخلق الأفلاك وإن حكمة تقديم الفضل على الرحمة هي أن الفضل ظهور نوره للوجود صلى الله تعالى عليه وسلم وهي الزيادة والتفضل من الله تعالى وبهذه الزيادة والتفضل يرحم الخلق أجمعين إذ قال عن نفسه صلى الله تعالى عليه وسلم { إنما بعثت رحمة مهداة } والتي لولاها ما زكى أحد من المكلفين أبداً قال تعالى { ولولا فضل الله عليكم ورحمة ما زكى منكم من أحد أبداً } وقال أيضاً {ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسّكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم } .
__________
المصدر :- مشاركة من الكاتب .