يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي قدس سره :
« الصورة المحمدية صلى الله تعالى عليه وسلم : هي النور الذي خلق الله منه الجنة والجحيم والمحتد الذي وجد منه العذاب والنعيم .
وأضاف الشيخ قائلاً : إن الله خلق الصورة المحمدية صلى الله تعالى عليه وسلم من نور اسمه البديع القادر ، ونظر إليها بإسمه المنان القاهر ، ثم تجلى عليها بإسمه اللطيف الغافر ، فعند ذلك تصدعت لهذا التجلي صدعين ، فصارت كأنها قسمت نصفين ، فخلق الله الجنة من نصفها المقابل لليمين ، وجعلها دار السعادة للمنعمين ، ثم خلق النار من نصفها المقابل للشمال ، وجعلها دار الأشقياء أهل الضلال . وكان القسم الذي خلق منه الجنان هو المنظور إليه بإسمه المنان ، فهو لسر تجلي اللطيف محل كل كريم عند الله شريف . والقسم الذي خلق الله منه النار هو المنظور إليه بإسمه القاهر ، وهو لسر تجلي الغافر ، يشير إلى قبول أهلها إلى الخير في الآخر . واعلم أن الصورة المحمدية صلى الله تعالى عليه وسلم لما خلق الله منها الجنة والنار وما فيهما من نعيم المؤمنين وعذاب الكافرين ، خلق الله تعالى صورة آدم عليه السلام نسخة من تلك الصورة المحمدية صلى الله تعالى عليه وسلم ، فلما نزل آدم من الجنة ذهبت حياة صورته لمفارقته عالم الأرواح ، ألا ترى آدم عليه السلام كيف كان في الجنة لا يتصور شيئاً في نفسه إلا يوجده الله في حسه ، وجميع من يدخل الجنة يتم له ذلك ، ولما نزل آدم إلى دار الدنيا لم يبق له ذلك ، لأن حياته المصورة في الجنة كانت بنفسها ، وحياتها في الدنيا بالروح ، فهي ميتة لأهل الدنيا ، إلا من أحياه الله تعالى بحياته الأبدية ونظر إليه بما نظر به إلى ذاته ، وحققه بأسمائه وصفاته فإنه يكون له من المقدرة في دار الدنيا ما سيكون لأهل الجنة في الدار الأخرى ، فلا يتصور شيئاً في نفسه إلا أوجده الله تعالى
في حسه » (1).
في اصطلاح الكسنـزان
الصورة المحمدية صلى الله تعالى عليه وسلم : هي صورة أزلية ، قائمة بالله تعالى راجعة إليه ، وهي أول صورة ظهرت في الوجود ، وعليها خلقت الصورة الآدمية ، فالصورة المحمدية صلى الله تعالى عليه وسلم هي الصورة الحقيقية ، ومن رأى هذه الصورة في سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم بالإيمان فقد حلت له الشفاعة .
نورانية الصورة المحمدية صلى الله تعالى عليه وسلم
يقول الشيخ فخر الدين العراقي : « إن الصورة المخصوصة به صلى الله تعالى عليه وسلم : هي أكمل الصور .
ويمكن أن يقال : لم تُعّد من صورة الجسمانيات باعتبار غلبة النورية عليها وكأنها من عالم الملائكة ، ولهذا لم يكن لها ظل أصلاً » (2).
____________
الهوامش :
(1) – الشيخ عبد الكريم الجيلي – الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل – ج 2 ص 29 ، 36 .
(2) – الشيخ فخر الدين العراقي – مخطوطة اللمعات العادلية في برزخ النبوية – ص 27 .
المصدر :- موسوعة الكسنزان فيما اصطلح عليه أهل التصوف والعرفان – ج13 – مادة ( ص و ر ) .
لتحميل الموسوعة كاملة :- من هنا .