السيد الشيخ السلطان الخليفة محمد المحمد الكسنزان الحسيني (قدس الله سره)

الحمد لله وﭐلصلاة وﭐلسلام ﭐلأتمان ﭐلأكملان على حبيبه ومصطفاه ﭐلوصف وﭐلوحي وﭐلرسالةِ وﭐلحكمة وعلى وآله وصحبه ومَن والاه .
أما بعد :- فأن ﭐلسيد ﭐلشيخ محمد ﭐلكسنـزان ﭐلحسيني قدس الله سره هو شيخ ﭐلطريقة ﭐلعلية ﭐلقادرية ﭐلكسنـزانية في ﭐلعالم   .
وهو علم من أعلام ﭐلعراق وﭐلعالم ﭐلإسلامي ، ونجم من نجوم سماء أهل ﭐلفكر وﭐلعرفان لا لكونهِ شيخ طريقة صوفية فحسب بل لما يمتلكه من مؤهلات ذاتية هيأتهُ لأَن يكون ذا صدارة في ﭐلمجالات ﭐلدينية وﭐلسياسية وﭐلأجتماعية وﭐلعلمية وﭐلسيد ﭐلشيخ ينحدر من أُسرة حسينية هاشمية هي فرع من فروع ﭐلشجرة ﭐلمحمدية ﭐلمصطفوية ﭐلطاهرة ﭐلتي أصلها ثابت وفرعها في ﭐلسماء .
فهو ﭐلسيد ﭐلشيخ محمد إبن ﭐلسيد عبد ﭐلكريم إبن ﭐلسيد عبد ﭐلقادر إبن ﭐلسيد عبد ﭐلكريم شاه ﭐلكسنـزان إبن ﭐلسيد حسين إبن حسن إبن ﭐلسيد عبد ﭐلكريم إبن ﭐلسيد إسماعيل الولياني ﭐبن ﭐلسيد محمد ﭐلنودهي إبن ﭐلسيد بابا علي ﭐلوندرينة ﭐبن ﭐلسيد بابا رسول ﭐلكبير ﭐبن ﭐلسيد عبد ﭐلسيد الثاني إبن ﭐلسيد عبد ﭐلرسول إبن ﭐلسيد قلندر إبن ﭐلسيد عبد ﭐلسيد إبن ﭐلسيد عيسى ﭐلأحدب إبن ﭐلسيد حسين إبن ﭐلسيد بايزيد إبن ﭐلسيد عبد ﭐلكريم ﭐلأول إبن ﭐلسيد عيسى ﭐلبرزنجي إبن ﭐلسيد بابا علي ﭐلهمداني إبن ﭐلسيد يوسف الهمداني إبن ﭐلسيد محمد ﭐلمنصور إبن ﭐلسيد عبد العزيز إبن ﭐلسيد عبد الله إبن ﭐلسيد إسماعيل ﭐلمحدث إبن الإمام موسى ﭐلكاظم إبن ﭐلإمام جعفر الصادق إبن ﭐلإمام محمد ﭐلباقر إبن ﭐلإمام علي زين ﭐلعابدين إبن ﭐلإمام الحسين إبن ﭐلإمام علي إبن ابي طالب كرم الله وجهه  وﭐلسيدة فاطمة ﭐلزهراء  عليها السلام بنتِ رسول ﭐلله وخاتم ﭐلأنبياء وﭐلمرسلين محمد ﭐلمصطفى    .
وأما لقب ﭐلكسنـزان الذي أُطلق على عائلة ﭐلسيد ﭐلشيخ قدس الله سره فهو لقب أُطلق على جدّهم ﭐلولي ﭐلصالح وﭐلعابد ﭐلزاهد ﭐلسيد عبد ﭐلكريم ﭐلأول قدس الله سره وكلمة ( كسنـزان ) كلمة كردية تعني ﭐلشخص ﭐلذي لا يعلم حقيقته أحد وسبب إِطلاق هذا ﭐللقب على هذا ﭐلسيد ﭐلمبارك هو ﭐنقطاعه لمدة أربع سنوات عن ﭐلناس مختـلياً في أحد جـبال ( قرداغ )(1) مع ربه متلذذاً بقربه مستأنساً بعبادتِهِ وحينما كان يُسألُ أحدُ ﭐلناس عن ﭐلشيخ قدس الله سره يقول : ( كسنـزان ) فجرى هذا ﭐللَّفظ لقباً على هذا ﭐلسيد ﭐلمبجل ومن ثم على أبنائه وأحفاده كما أَنَّ هذا ﭐللقب جرى على أَلسنة ﭐلخلق عَلَماً للطريقة ﭐلعلية ﭐلقادرية ﭐلكسنـزانية ﭐلتي تبنّى مشيختها ﭐلشيخ وأبناؤه وأحفاده من بعده .
فاسم ﭐلكسنـزان هو لقب عائلة وﭐسم طريقة وله معناه ﭐلاصطلاحي . وأَما ﭐسم العشيرة ﭐلتي تنتمي إليها عائلة ﭐلشيخ محمد قدس الله سره فهي عشيرة ﭐلسادة البرزنجية وﭐلأب ﭐلأعلى لهذه ﭐلعشيرة ﭐلشيخ عيسى البرزنجي هو أول من سكن في برزنجة من شمال ﭐلعراق وبارك ﭐلله في ذريته عدداً ومكانة ووجاهة دنيوية وأُخروية فالسادة ﭐلبرزنجية ﭐليوم هم أكبر عشائر ﭐلسادة ﭐلكرام في شمال ﭐلعراق .
 

ولادته ونشأته :

ولد ﭐلسيد ﭐلشيخ محمد ﭐلكسنـزان ﭐلحسيني قدس الله سره في ( قرية كربجنة ) ﭐلتابعة لناحية ( سنكاو ) من محافظة كركوك في شمال ﭐلعراق فجر ﭐلجمعة ﭐلرابع عشر من شهر صفر ( سنة 1358 ) للهجرة  ﭐلنبوية ﭐلشـريفة ﭐلموافق للخامس عشر من شهر نيســان ( سنة 1938 ) للميلاد وهذه ﭐلقرية ﭐلتي ولد فيها الشيخ قدس الله سره هي موطن مشايخ ﭐلطريقة ﭐلكسنـزانية ، ومنذُ سنواته الأولى التي قضاها في ( كربجنة ) كان شيخ ﭐلطريقة هو والده ﭐلسيد ﭐلشيخ عبد ﭐلكريم ﭐلكسنـزان قدس الله سره ﭐلذي أُنيطت به ﭐلمشيخة من قِبَلِ أَخيه الأكبر ﭐلشيخ ﭐلزاهد صاحب ﭐلخلوات ﭐلسيد ﭐلشيخ حسين ﭐلكسنـزان قدس الله سره وﭐلذي كان يُطلق عليه ولا زال لقب ( ﭐلسلطان ) وﭐلسلطان حسين قدس الله سره هو الذي سمّى ﭐلمولود ﭐلجديد للشيخ عبد ﭐلكريم قدس الله سره  محمداً وقال فيه مبشراً أَنه سيكون ولي زمانه وسيكون في ﭐلطريقة ذا سلطان وجاه روحي واسع .
نشأ ﭐلشيخ قدس الله سره  في هذه ﭐلأجواء ﭐلروحانية وفي هذا ﭐلصفاء وبين أكْناف أولياء كبار لا تراهم إلّا ركعّاً أو سجّداً أو مسبحين أو مفكرين ومتدبرين مع ما كان لهم من مواقف وطنية مؤثرة في كل ﭐلمجالات فالسلطان حسين قدس الله سره  كان من قادة ﭐلجيوش ﭐلتي تألفت من شيوخ ﭐلعشائر وﭐلوجهاء بقيادة ﭐلسيد ﭐلكريم وﭐلمجاهد ﭐلذي ذاع صيته في ﭐلآفاق ( ﭐلشيخ محمود ﭐلحفيد ) الذي قاوم ﭐلإنجليز إِبان ﭐحتلال ﭐلعراق فقد قاد ﭐلسلطان حسين قدس الله سره  معركة كربجنة ضد ﭐلإنجليز وﭐلتي انبثقت عنها فيما بعد معركة ( دربند بازيان )(2)
ﭐلتي هزم فيها ﭐلإنجليز وأُسر فيها قائد ﭐلجيش هناك ( ﭐلكابتن مار ) ، وقد أَبلى ﭐلسلطان حسين قدس الله سره  في هذه ﭐلمعارك بلاء ﭐلأَبطال ﭐلذين يشار اليهم بالبنان في ﭐلتاريخ ولم يكن ذلك وليد حينه فأن ﭐلسلطان حسين هو ﭐلنجل ﭐلأكبر للشيخ عبد ﭐلقادر ﭐلكسنـزان قدس الله سره  ﭐلعابد ﭐلزاهد وﭐلبطل ﭐلمجاهد ﭐلذي قاد ﭐلمعارك ضد ﭐلروس على ﭐلحدود ﭐلإيرانية في منطقة بانا وشارك أَيضا في ( معركة ميدان )(3) مع رؤساء ﭐلعشائر ﭐلكردية وﭐلسادة ﭐلبرزنجية .
أما والد ﭐلشيخ فهو ﭐلشيخ عبد ﭐلكريم  قدس الله سره  الذي تولّى مشيخة ﭐلطريقة فكان من كبار ﭐلشخصيات ﭐلدينية وﭐلأجتماعية وعلى يديه كَثُرَ عدد ﭐلمريدين وتوَّسعت ﭐلآفاق في ﭐلأَرشاد وﭐلتربية وﭐلسلوك .
في هذه ﭐلأجواء ﭐلمفعمة بالروحانيات وﭐلأخلاقيات وﭐلمثاليات نشأ شيخنا قدس الله سره وشرب من هذا ﭐلنبع ﭐلطاهر مشرباً طيباً هنيئاً مريئاً إذ تربّى على ﭐلفضيلة بكلَّ ما تحويه هذِهِ ﭐلكلمة من معنى .

دراسته :

أَخذ ﭐلشيخ محمد ﭐلكسنزان قدس الله سره  ﭐلطريقة عن والده وأَخذ معها علوم ﭐلتصوف بموسوعية كبيرة وكان ذا ملكة فكرية وروحية تمتاز بسعة ﭐلأفق وقد تهذّبت وتكاملت هذه ﭐلملكة في دراسته وتعلّمه إذ أَخذ ﭐلعلوم ﭐلشرعية وﭐلعربية على يد كبار علماء عصره وفقهاء مصره في مدرسة جدّه مدرسة ( كربجنة ) ﭐلدينية فدرس ﭐلعلوم ﭐلعربية وﭐلإسلامية على كبار علمائها منهم ﭐلملا كاكا حمه سيف ﭐلدين وﭐلملا علي مصطفى ﭐلملقب بعلي ليلان وﭐلملا عبد الله عزيز ﭐلكربجني .
ثم أن ﭐلشيخ قدس الله سره  لم يكتَفِ بذلك وإنما طوّر هذا ﭐلخزين ﭐلعلمي بكثرة ﭐلمطالعة ﭐلتي تعتبر همه ﭐلأول . وللشيخ مكتبة علمية نادرة حوت آلاف ﭐلكتب وﭐلمخطوطات ﭐلتي جمعها بمشقة كبيرة فقد واظبَ على مراجعة دار ﭐلمخطوطات ومكتبة ﭐلأوقاف ﭐلعامة ومكتبة ﭐلحضرة ﭐلقادرية ﭐلشريفة سبعة عشر عاما بصورة مستمرة يدخل ﭐلمكتبة في بداية ﭐلدوام ﭐلرسمي ولا يخرج منها إِلّا في نهايته . إذن فعلمه ﭐلصوفي وملكاته ﭐلروحية بالإضافة إلى كونها فيضا ربانيا ، فإن ﭐلشيخ محمد ﭐلكسنـزان قدس الله سره  تعهدها بكثرة ﭐلمجاهدات وﭐلرياضات لسنين طويلة ، وأمّا علوم ﭐلتصوّف ﭐلنقلية فقد تعهدها بالدرس وﭐلبحث ، وأكبر شاهد على ذلك هو ما تضمنه انجازه الكبير (موسوعة الكسنزان فيما اصطلح عليه اهل التصوف والعرفان ) ﭐلتي تُعَدّ فريدة في بابها .جلوسه على سجادة ﭐلمشيخة :
إن ﭐلجلوس على سجادة ﭐلمشيخة في نظر أهل ﭐلطريقة ، هو ﭐختيار وتعيين علوي يجري بأمر ﭐلله عز وجل وأمر رسوله سيدنا محمد  ومن يتم ﭐختياره لهذه ﭐلمهمة ﭐلمقدّسة يكون دائما موضع نظرٍ ﭐلله عز وجل ورعايته ، فيفيض عليه ما يفيض من أنوار ويُمِدُّهُ بما يشاء من مدد ليكون أهلا للوراثة ﭐلمحمّدية وﭐلقيام بمهامها من هداية ﭐلناس إلى طريق ﭐلحق وﭐلإيمان  وﭐلدعوة إلى ﭐلله عز وجل  بالحكمة وﭐلموعظة ﭐلحسنة وبث ﭐلخير وﭐلنور وﭐلسلام بين ﭐلخلق وﭐلقيام بمهام ﭐلأمر بالمعروف وﭐلنهي عن ﭐلمنكر ومهام ﭐلتربية ﭐلروحية للاتباع وﭐلمريدين .
وهكذا كان الأمر بالنسبة للشيخ قدس الله سره  ، ففي آخر زيارة قام بها حضرة ﭐلسيد ﭐلشيخ عبد ﭐلكريم ﭐلكسنـزان قدس الله سره لأضرحة ﭐلمشايخ ﭐلكرام في قرية ( كربجنة ) كان ﭐلسيد ﭐلشيخ محمد قدس الله سره  بصحبته وكان في تلك ﭐلزيارة عدد كبير من ﭐلخلفاء وﭐلدراويش وﭐلمحاسيب وﭐلأتباع .
وبعد أن انتهى حضرة ﭐلشيخ عبد ﭐلكريم قدس الله سره من مراسيم ﭐلزيارة ، جلس وكانت علامات ﭐلسرور تعلو وجهه ﭐلكريم وقال : ( يا أولادي ﭐلدراويش منذ ﭐليوم يكون ﭐلسيد ﭐلشيخ محمد شيخكم ، وهذا أمر أساتذتنا ، ومَن أطاعه فقد أطاعنا ، ومَن أحبه أحبنا ، ومَن خرج عن أمره فقد خرج عن أمرنا )
ثم نظر ملتفتاً إلى أضرحة ﭐلمشايخ قائلاً : ( أنا أودعكم الآن وستكون هذه آخر زيارة لكم ، وهذا وكيلكم ﭐلذي أوكلتموه – مشيراً إلى نجله ﭐلشيخ محمد ) .
كان هذا ﭐلحدث إيذاناً بانتقال مشيخة ﭐلطريقة من حضرة ﭐلشيخ عبد ﭐلكريم  قدس الله سره  إلى حضرة ﭐلشيخ محمد ﭐلكسنـزان قدس الله سره ، وتحقق ما أخبر به ﭐلشيخ قدس الله سره من أنها كانت آخر زيارة لآبائه وأجداده ، فقد ﭐنتقل إلى ﭐلرفيق ﭐلأعلى في عام ( 1398 هـ ) ﭐلموافق للعام ( 1978م ) بعد زيارته ﭐلأخيرة بفترة وجيزة ، وقد أرَّخ وفاته ﭐلشيخ محمّد عمر ﭐلقره داغي ( رحمه ﭐلله ) رئيس علماء ﭐلسليمانية في مَرْثيَّـتِهِ بحقِّ ﭐلشيخ عبد ﭐلكريم قدس الله سره فقال :

 

وَفَـاتُـكُمْ كَـارِثَـةٌ عـبـدَ ﭐلكريـمْ      تَأْرِيخُكُمْ ( فـي جنة ﭐلخُلْـدِ ُقيـمْ )
        90  453  665  190

 

وكانت وفاته قدس الله سره فاجعة لأحبابه وخلفائه ومريديه وﭐلمسلمين جميعاً لما كان يمتلك من شخصيةٍ ﭐستطاعت أن تمثّـل ﭐلشخصية ﭐلقيادية ببعديها ﭐلروحي وﭐلمادي ، وقد تسارع ﭐلعلماءُ وﭐلشعراءُ وﭐلأدباءُ إلى رثائهِ وﭐلثناءِ على مَنْ خَلَفَهُ وحلّ محلَّهُ نجلهِ ﭐلسيد ﭐلشيخ محمّد ﭐلكسنزان قدس الله سره .
ونقتطفُ أبياتاً من قصيدةٍ في رثاء ﭐلشيخ عبد ﭐلكريم قدس الله سره  قالها ﭐلشيخ ﭐلعــلامة عبد ﭐلمجيد ﭐلقـطب ( رحمه ﭐلله ) وهو علمٌ من أعلام علماء ﭐلعراق ورئيس علماء كركوك مادحاً خَلَفَهُ ﭐلشيخ محمد ﭐلكسنزان قدس الله سره   :

 

غَابَ عَنْ أَنظارِ أربابِ ﭐلوَفَا
مُرْشِدٌ مِن أهلِ بيتِ ﭐلمصطفى
سيِّـدٌ عنْ سيدٍ عنْ سيـدٍ
كُلُّهُمْ حَازُوا ﭐلعُـلا وﭐلشَـرَفَا
رَحَلَ ﭐلشّيخُ وَقَـدْ أورثـنا
لوعـةً في قلـبنا وا أسَـفَا
رَحَلَ ﭐلشّيـخُ نَعَـمْ لكـنَّهُ
أسداً خَـلَّف ثُـمَّ ﭐنْصَـرَفا
ذَهَبَ ﭐلشّيخُ وأبْقَى بعـدهُ
ذهبـاً يَعْـرِفُهُ مَنْ عَـرَفَا
لَمْ يَمُتْ شيخٌ تَجَلَّى بعـدهُ
مَنْ حَـذَا حَـذْوَ أَبيهِ وَﭐقْتَـفَى

 

وهكذا قام ﭐلشيخ محمد ﭐلكسنزان قدس الله سره مقام والده ﭐلشيخ عبد ﭐلكريم قدس الله سره بعد ﭐنتقاله إلى جوار ربه ، وتولَّى أمور ﭐلطريقة وﭐلإرشاد ، وبايعه ﭐلخلفاء وﭐلدراويش أُستاذاً وأباً روحـياً سنة ( 1398هـ ) ﭐلموافــق ( 1978م ) .
وذاع صيت ﭐلشيخ محمد ﭐلكسنزان قدس الله سره وﭐتسعت شهرته منذ ﭐلبواكير ﭐلأولى  لمشيخته فأقبل ﭐلناس عليه بمختلف فئاتهم ، وكان لصدق ﭐلشيخ قدس الله سره وإخلاصه مع ما ﭐمتاز به من شخصيةٍ آسرةٍ جذّابةٍ وصبرٍ في ﭐلدعوةِ إلى ﭐلله عز وجل سبباً في ﭐنجذاب أعدادٍ كبيرةٍ من طلاب ﭐلعلوم ﭐلدينية وغيرهم من ﭐلأطباء وﭐلمهندسين وﭐلمتخصصين في شتّى أنواع ﭐلعلوم إليه .
وﭐنتشرت ﭐلطريقة ﭐلكسنزانية في جميع أنحاء ﭐلعراق فلا تكاد تجد مدينةً أو قريةً إلّا وللشيخ محمد ﭐلكسنزان قدس الله سره تكيةٌ يقصدها ﭐلمريدون وﭐلأتباع بل جاوز ذلك ﭐلبلدان ﭐلأخرى كإيران وتركيا وﭐلجمهوريات ﭐلقوقازية وﭐلهند وباكستان وﭐلولايات ﭐلمتحدة ﭐلأمريكية وبعض دول أوربا ممّا يدلّ على باع ﭐلشيخ قدس الله سره  ﭐلطويل في ﭐلمعرفة وﭐلتربية وﭐلإرشاد .
وللشيخ محمد ﭐلكسنزان قدس الله سره كرامات كثيرة وكشوفات واضحة ، ولكنّه كان ولا يزال يُعرِض عن ذكرها ولا يسمح لأحد بالتحدثِ عنها ، ويحذّر ﭐلمريدين من ﭐلركون إلى ﭐلكشف وﭐلكرامة ، ويقرِّر أنَّ ﭐلتصوف خصلتان هما ﭐلاستقامة وﭐلسكون وأن أعظم ﭐلكرامات ﭐلاستقامة على شرع ﭐلله عز وجل .

خلــواته :

كان حضرة ﭐلشيخ محمد ﭐلكسنـزان قدس الله سره قد دخل عدة خلوات في عهد والده ، وكانت أولى خلواته بعد ستة أشهر من توليه أمور ﭐلطريقة وﭐلمشيخة وكان ذلك في ﭐلعشرين من شعبان سنة 1398 هـ ﭐلموافق 1978 للميلاد ، وقد صحبه عدد من  ﭐلدراويش وﭐلخلفاء  حيث جلس كل منهم في خلوته بعد أن تعلموا نظام ﭐلخلوة وأورادها وآدابها من أستاذهم إثر محاضرة ألقاها ﭐلشيخ قدس الله سره قبل ﭐلدخول إلى ﭐلخلوة بنيَّـة خالصة .
ودخل ﭐلخلوة ﭐلثانية سنة 1399 هـ ﭐلموافق 1979 م وصَحِبَه ضعف عدد ﭐلدراويش الذين دخلوا معه ﭐلخلوة ﭐلأولى وطبّق عليهم نظام ﭐلخلوة كاملاً وخرج كلّ واحدٍ منهم بنصيبه منها .

إنجازاته ﭐلعلمية وﭐلصوفية :

في مجال ﭐلبحث وﭐلتأليف وﭐلإصدارات ﭐلصوفية ، له   ﭐلعديد من
ﭐلمؤلفات ، ﭐلتي طبع منها :
1 – كتاب ﭐلأنوار ﭐلرحمانية في ﭐلطريقة ﭐلعلية ﭐلقادرية ﭐلكسنـزانية .
2 – نشر كتاب : جلاء ﭐلخاطر من كلام ﭐلشيخ عبد ﭐلقادر .
3 – كتاب ﭐلطريقة ﭐلعلية ﭐلقادرية ﭐلكسنـزانية  .
4 – موسوعة ﭐلكسنـزان فيما ﭐصطلح عليه أهل ﭐلتصوف وﭐلعرفان .

وله قدس الله سره عدد آخر من ﭐلكتب وﭐلرسائل تحت ﭐلطبع منها :

•  ألكرامات في طور جديد .
•  ألكسنـزان وﭐلإنسان .
•  ألتصوف .. قانون ﭐلسماء ﭐلأول .
• ألدعاء مخ ﭐلعبادة .
•  إطالة ﭐلشعر في ﭐلإسلام .
•  ألسبحة في ﭐلإسلام .
•  ألخلوة في ﭐلإسلام .
•  ألتكايا بيوت الله .
•  ألمولد ﭐلنبوي وأهميته في ﭐلعصر ﭐلحديث .
•  ألبيعة وﭐلمعاهدة عند ﭐلصوفية .

إنجازات علمية أُخرى :
إنَّ ﭐلأسلوب ﭐلحديث في ﭐلتعليم يبدو أحيانًا نصوصًا مجردة من مضامينها ﭐلأدبية ومدلولاتها ﭐلخُلقية وإذا صار ﭐلأمر كذلك يفقد ﭐلعلم بذلك بهاءه وجماله وأثره وﭐتساعه  وإذا فُصل بين ﭐلعلم وﭐلأدب فمهما كان ﭐلمخزون ﭐلعلمي وﭐلثراء ﭐلمعرفي فإنك واجد ضعفًا شديدًا في أثر ﭐلعلم على ﭐلأخلاق وﭐلسلوك وتزكية ﭐلنفوس وصلاح ﭐلقلوب ، ولا خير في علم ﭐمرئ لم يُكسبه أدبًا ويُهذِّبه خُلقًا .
من هنا كانت علاقة ﭐلأندماج وﭐلتقارب بين ﭐلعلم وﭐلتصوف تكاد تكون ﭐلحقيقة ﭐلثابتة في ذات ﭐلشيخ محمد ﭐلكسنـزان   وجوهر طريقته ﭐلصوفية ، فلا تكاد ترى أدنى فصل أو تباعد بين ﭐلبحث ﭐلعلمي وﭐلتجربة ﭐلصوفية عنده ، وكأنه يمسك بيديه ﭐلكريمتين كفتي ﭐلميزان على حد ﭐلأَعتدال فلا يرجِّح كفةً على أخرى .
ويبدو ذلك واضحاً بجلاء في كل ﭐلإنجازات ﭐلتي يقدمها حضرة ﭐلشيخ قدس الله سره أو يسعى لتقديمها ، ومنها :
• تأسيسه ( كلية ﭐلشيخ محمد ﭐلكسنـزان ﭐلجامعة ) ، وﭐلتي تضم إلى جانب قسم علوم ﭐلشريعة وﭐلتصوف وحوار ﭐلأديان ، أقسام أُخرى في علوم ﭐلإقتصاد وﭐلسياسة وﭐلقانون وﭐللغة وعلوم ﭐلحاسبات وﭐلرياضيات ﭐلتطبيقية ، وهو بلا شك إنجاز يظهر مدى تفاعل ﭐلشيخ محمد ﭐلكسنـزان قدس الله سره  مع متطلبات ﭐلعصر الذي يعيش فيه وتفاعله معه بالوسائل ﭐلعصرية ﭐلتي تناسبه .
وهذه ﭐلكلية ﭐلعلمية ﭐلإنسانية هي بمثابة نواةٍ لجامعة كبرى يكون لها فروع في جميع دول ﭐلعالم ﭐلمتحضّر كما يأمل ﭐلشيخ قدس الله سره   .
• إنجازه لتقويمٍ ﭐسلاميّ رائدٍ ، نأمل أَن يُكتب له ﭐلقبول وﭐلأنتشار لما فيه من ﭐطروحة علمية دقيقة في ﭐلحسابات مستندة إلى علم ﭐلفلك .
هذا التقويم هو (ﭐلتقويم ﭐلمحمدي ) ، وهو تقويم يؤرخ للأحداث نسبة لولادة حضرة ﭐلرسول ﭐلأعظم ، وذلك كمظهر إِحتفائي دائمي بذكرى ﭐلظهور ﭐلمحمدي ﭐلمجيد ، فيكون عملا يقدس ويعظم ويبجل حضرة ﭐلرسول ﭐلكريم ، إضافة إلى أنه يُقدّم فائدة كبيرة لدارسي ﭐلتاريخ ﭐلإسلامي ، لأنه يُؤرّخ ﭐلأحداث نسبةً إلى ﭐلبداية ﭐلحقيقة للتأريخ ﭐلإسلاميّ ، فهو بمثابة ﭐلحلّ ﭐلمثالي للعديد من ﭐلمشاكل وﭐلعقبات في دراسة هذا ﭐلتأريخ (4) وان هذا ﭐلتقويم ﭐلمبارك لا يُلغي ﭐلتقويم ﭐلهجري بل هو ﭐمتدادٌ لهُ .
• تأسيس ( ﭐلمجلس ﭐلمركزي للطرق ﭐلصوفية في ﭐلعراق ) في وقت بانت فيه بوادر تمزيق وحدة ﭐلعراق ، وتشتيت كلمة ﭐلمسلمين ، فجاء هذا ﭐلمجلس ليوحِّد كلمة ﭐلصوفية في ﭐلعراق ، لغرض ﭐلنهوض بواجبهم تُجاه ربّهم ودينهم ووطنهم على أكمل وجهٍ ، كما يهدف هذا ﭐلمجلس إلى فتح قناةٍ للحوار وﭐلتعارف مع بقية ﭐلتجمعات وﭐلمجالس وﭐلطرق وأفراد ﭐلصوفية في ﭐلعالم لغرض ﭐلقيام بنفس ﭐلواجب تُجاه ﭐلعالم ككل ، ولتوحيد ﭐلكلمة ضد كلِّ مَن يحاول ﭐلمساس بحرمة مقدسات ﭐلمسلمين بشكل عام وﭐلصوفية بشكل خاص .
ويطمح ﭐلشيخ محمد ﭐلكسنـزان قدس الله سره  إلى أن يجد هذا ﭐلمجلس صداه في قلوب وعقول ﭐلصوفية في ﭐلعالم ، ليجتمعوا على تكوين مجلس مركزي عالمي للتصوف ﭐلإسلامي يكون له فروع رئيسية في كل دوله من دول ﭐلعالم ، لينهضوا مجتمعين بمهامهم ﭐلأساسية كدعاةٍ روحيِّين ، تُجاه ﭐلمتغيرات ﭐلعالمية على أكمل وجهٍ  وبالصورة ﭐللائقة ﭐلمشرّفة لحمل راية ﭐلخير وﭐلسلام وﭐلمحبة بين شعوب ﭐلعالم أجمع .
• موقع ﭐلتصوف ﭐلإسلامي (( www.islamic-sufism.com )) ، وهو نافذة عصرية يطلّ من خلالها توجه ﭐلسيد ﭐلشيخ محمد ﭐلكسنـزان قدس الله سره على ﭐلعالم بأسلوب صوفي معاصر غير مسبوق ، ليعكس ﭐلجوانب ﭐلمشرقة وﭐلأنفتاحية للتصوف ﭐلإسلامي على ﭐلآخرين .
فقد تم في هذا ﭐلموقع مراعاة ﭐلأخذ بأحدث ﭐلبرامج ﭐلإلكــترونية ، وأحدث ﭐلتصميمات ﭐلجميلة ، مع بقاء عنصر ﭐلأصـالة حاضراً ، هذا من ﭐلناحية ﭐلفنية  وأَمّا من ﭐلناحية ﭐلفكرية ، فقد أَخذ ﭐلموقع طابع ﭐلشمولية ولغة ﭐلحوار ﭐلمتمدن كخطوة أساسية في هذا ﭐلعصر لردم ﭐلهوة ، وتقريب ﭐلمسافة مع ﭐلآخر .
وقد فتح ﭐلموقع أبوابه لجميع ﭐلمشاركات وإبداء ﭐلآراء وﭐلتعارف بين جميع ﭐلصوفية على ﭐختلاف طرقهم وتنوع مشاربهم ، كما فتح أبوابه لجميع ﭐلمفكّرين ﭐلإسلاميِّين ﭐلذين يهدفون إلى ﭐلارتقاء بالفكر ﭐلإسلامي إلى ﭐلمستوى ﭐلحضاري ﭐلذي ينبغي له أَن يكون فيه ، بالنشر وﭐلتعليق وتلاقح ﭐلأفكار وﭐلرُّؤى .
ومن ﭐلمؤمَّل أَن يفتح ﭐلموقع بابه أَمام ﭐللغات ﭐلرئيسة في ﭐلعالم ، وأَن يستقبل ﭐلبحوث وﭐلدراسات وﭐلمقالات ﭐلتي تعمق وتوطد ﭐلعلاقة ﭐلفكرية وﭐلثقافية وﭐلعلمية بين ﭐلمسلمين وغيرهم .
• موقع ( ﭐلطريقة ﭐلعليَّة ﭐلقادريَّة ﭐلكسنـزانيَّة ) وهو موقع متخصِّص بنهج وأُسلوب ومبادئ ﭐلطريقة ﭐلعليَّة ﭐلقادريَّة ﭐلكسنـزانيَّة ، وهو بمثابة ﭐللسان ﭐلناطق عنها للعالم ، وﭐلصورة ﭐلمعبّرة عن جوهرها ومضمونها .
• التوجيه بتأسيس (ﭐلمركز ﭐلعالميّ للتّصوّف وﭐلدِّراسات ﭐلرّوحية ) وهو مركز وجه بتأَسَّسَهُ ﭐلسيد ﭐلشيخ محمّد ﭐلكسنزان  قدس الله سره في عام ( 1415 هـ ) ﭐلموافق ( 1994 م )، ويتخصَّصُ هذا ﭐلمركز في ﭐلبحث في حالات ﭐلشّفاء ﭐلفوري ﭐلخاصة بخوارق وكرامات ﭐلطريقة ﭐلتي تُثْبِتُ وجودَ ﭐلذَّات ﭐلإلهية وﭐلمقارنة بين هذهِ ﭐلخوارق من جهةٍ وبين ﭐلظواهر ﭐلباراسايكولوجية من جهةٍ أُخرى وإثبات فشل ﭐلأخيرة أمام خوارق ﭐلطريقة ، إضافة إلى دراسات أُخرى يتم بحثها في هذا ﭐلمركز على أيدي باحثين متخصصين .

الشيخ الدكتور
شمس الدين محمد نهرو الكسنزان الحسني
ﭐلنَّجْل ﭐلأكبر لشيخ الطريقة

الهوامش :

1- قرداغ : وتعني الجبل الأسود ، وهي منطقة تقع في ضواحي مدينة السليمانية .
2- دربند بازيان : وهي منطقة جبلية ذات غابات كثيفة وتقع بين محافظة السليمانة ومحافظة كركوك .
3- معركة ميدان : نسبة الى منطقة ( ميدان ) التي تقع شمال شرق العراق قرب الحدود العراقية الايرانية .
4- للاطلاع على منافع هذا التقويم في دراسة التاريخ الإسلامي بالامكان الرجوع إلى الدراسة الخاصة بهذا الشأن .

الَّلهُمَّ صَلِّ على سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ٱلوَصــفِ وَٱلوَحْيِ وَٱلرِّسَالَةِ وَٱلحِكْمَةِ وَعَلى آلِهِ وَصَحـبِهِ وَسَلِّمْ تَسليماً