إعداد الأستاذ: مصطفى نجو من المغرب
مقدمة:
بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم. والصلاة والسلام على سيدنا محمد المؤيد بالمعجزات الباهرات والمنصور بالآيات الظاهرات، الذي مدحه رب العزة وأثنى عليه في محكم تنزيله بقوله:”وإنك لعلى خلق عظيم ” وعلى آله وصحبه الطاهرين الهداة ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . فقد كان الدين وما يزال من أهم الروابط التي تجمع بين الناس، بل كان دائما من الوسائل التي يستعملها دعاة السياسة في تكوين دولتهم واستمالة العقول. وهكذا حاولت الدول على مر العصور استغلال كل علم يتصل بالثقافة الدينية فشجعت إلى جانب علم الحديث وأصوله والقراءات وتعددها والعبادات وتطبيقها، التصوف والمدائح النبوية. ولم يختص ذلك بعصر دون آخر، ولا دولة من غير أخرى. مما أعطى لأرباب صناعة الشعر فرصة لقدح زناد فكرهم وإنعاش أخيلتهم. فخلفوا لنا تراثا أدبيا إسلاميا غرا تناولوا من خلاله موضوعات مختلفة. وسأحاول في هذه الدراسة – إن شاء الله تعالى – تناول جانب من هذه الموضوعات أخص بالذكر ” نظرية الحقيقة المحمدية في بعض الدراسات الصوفية” علة أن هذا الموضوع الشائك لا تكفيه مقالة بل دراسات و أطروحات ولكن سنحاول بإذن من الله أن نتلمس و لو جانب من هذه الدراسات متناولين الموضوع في النقط التالية:
أولا: تعريف الحقيقة و الحقيقة المحمدية
ثانيا: الحقيقة المحمدية في التراث الصوفي
تعريف الحقيقة
جاء في لسان العرب مادة حقق بلغ حقيقة الأمر أي يقين شأنه وفي الحديث: لا يبلغ المؤمن حقيقة الإيمان حتى لا يعيب مسلما بعيب هو فيه، يعني خالص الإيمان و محضه وكنهه. وحقيقة الرجل ما يلزمه حفظه ومنعه ويحق عليه الدفاع عنه من أهل بيته، والعرب تقول فلان يسوق الوسيقة وينسل الوديقة ويحمي الحقيقة… والحقيقة ما يحقق عليه أن يحميه وجمعه الحقائق. والحقيقة في اللغة: ما أقر في الاستعمال على أصل وضعه والمجاز ما كان بصدد لك وإنما يقع المجاز ويعدل إليه عن الحقيقة لمعان ثلاث وهي الإسماع والتوكيد والتشبيه فإن عدم هذه الأوصاف كانت الحقيقة البتة.
وقيل الحقيقة الراية، قال عامر بن الطفيل :
أنا الفارس الحامي حقيقة جعفر
قيل الحقيقة الحرمة، والحقيقة الفناء وحق الشيء يحق بالكسر حقا أوجب. وأحققت الشيء أوجبته . وتحقق عنها الخبر أي صح وحققت موله وطنه تحقيقا أي صدق… والحق صدق الحديث . والحق : اليقين بعد الشك.[1]
فعندما نقول : حقيقة الشيء فإننا نقصد لبه وجوهره وماهيته. والإنسان مند خلق وهو يبحث عن الحقيقة ومندفع لطلبها والبحث عنها. ولهذا فإننا نجد الطفل الصغير أشد ما يكون تساؤلا. وفي ذلك طلب للحقيقة وكلما زاد العمر بالإنسان إلا واشتد طلبه للبحث عنها. وإلا فماذا كان الرسول الأعظم صلوات ربي عليه يطلب في غار حراء سوى حقيقة الخالق وحقيقة الدين والعبادة حين كان قومه يعبدون الأصنام؟
وماذا ينشد القاضي في المحكمة غيرها؟
أليست هي التي يتطلع الطالب إليها في دراسته وماذا تنشد الصحافة ووسائل الإعلام غير الحقيقة؟… فالكل يهرول وراء طلبها.
وقد تناول المتصوفة مصطلح الحقيقة وعرفوها بتعريفاتهم الخاصة. فكما أن لغتهم وفلسفتهم في الحياة تختلف عن عامة الناس فإن تناولهم للحقيقة يختلف عما هو معروف. فابن عربي يربطها بفلسفة وحدة الوجود- فهي كما تقول سعاد الحكيم:” إنها واقع الوجود الذي يراه شيخنا الأكبر في وحدته، والوصول إلى الحقيقة هو الشهود لتلك الوحدة الوجودية. إذن الحقيقة هي الوصول إلى وحدة الوجود “. (2) وفي ذلك يقول ابن عربي” إن الحقيقة هي ما هو عليه الوجود- بما فيه من الخلاف والتماثل والتقابل…”(3) .
فالحقيقة عند ابن عربي لها علاقة بوحدة الوجود. و لا غرو في ذلك فإذا كان يرى الوجود كله حق فلا بد أن تكون الحقيقة تعني الوصول إلى هذه الوحدة وكل ما في ” الوجود كله حقيقة”.(4)
تعريف الحقيقة المحمدية
لقد بنى المتصوفة فلسفتهم الروحانية على نظريات تبدو للعيان أكثر ما تكون غرابة. فلاقوا بذلك مواجهة وصدودا من طرف الفقهاء ومن ذلك نظريتهم في الحقيقة المحمدية التي يعني بها المتصوفة حقيقة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ورؤيتهم في خلقه. ولم يكن ذلك إلا من انصرافهم من الحب الإلهي إلى الحب النبوي. حيث انتقل في القرن الثالث الهجري المتصوفة من فلسفتهم وطريقتهم إلى الحب النبوي محافظين بطبيعته على الحب الإلهي. فكيف كانت نظرتهم إلى النبي الهاشمي عليه أفضل صلوات ربي وسلامه وعلى آله وصحبه أجمعين؟.
فقد تناول أصحاب المعاجم الحقيقة المحمدية كما فهموها من المتصوفة فهذه سعاد الحكيم صاحبة المعجم الصوفي تقول: ” الحقيقة المحمدية هي أكمل مجلى خلقي ظهر فيه الحق بل هي الإنسان الكامل بأخص معانيه، وإن كان كل موجود هو مجلى خاصا لاسم إلهي فإن محمدا صلى الله عليه وسلم قد انفرد بأنه مجلى للاسم الجامع وهو الاسم الأعظم ولذلك كانت له مرتبة الجمعية المطلقة”.(5)
وظاهر من صاحبة التعريف أنها متأثرة بابن عربي لأنها ربطت بين الحقيقة المحمدية والإنسان الكامل المنفرد بالاسم الأعظم، ولكنها لم تتطرق إلى الحقيقة المحمدية من حيت كونه نورا أزليا وخلقا قبل آدم عليه السلام. وأنه إنسان ختم به الله الرسالة. وهو نفس ما نجده عن محمد غازي عرابي الذي يقول إن الحقيقة المحمدية هي: ” ما استودعه الإنسان من لطيفة زائدة على الروح الحيواني. وهي نور سار في الذات تعرفها السبل وتعلمها ما لم تكن تعلم. والحقيقة المحمدية ضامة لجميع الذوات، هادية بأمر الله، لا تحدث أمرا إلا بإذنه وهي قديمة قدم الخالق دون إيجاد إذ هي الوجه المتعين للنور الأول “.(6)
فهذا التعريف يكتنفه نوع من الغموض رغم أنه تحدث عن قدم الحقيقة المحمدية قدم الخالق، فإنه لم يوضح الفرق بين محمد النبي ومحمد النور الأزلي كما هو الحال عند المتصوفة وهذا هو الذي ما قام به محمد العدلوني إذ قال في تعريفها:” مصطلح الحقيقة المحمدية يقوم على اعتقاد مفاده أن النبي محمدا صلى الله عليه وسلم ليس بشرا بل هو نور أزلي تجلى في آدم واستمر في سائر الأنبياء حتى تحقق بصورة النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو أول خلق لله والذي أمر ملائكته بالسجود له”.(7)
ويعتبر هذا التعريف أدق التعاريف وأوضحها كما أراده المتصوفة إذ تحدث عن حقيقتي النبي محمد : النور الأزلي و النبي الإنسان.
وقد تناولت الدراسات الحديثة هدا المصطلح فلا نكاد نجد دراسة في التصوف إلا وتحدثت عن نظرية الحقيقة المحمدية فبات الدارسون يعرفونها كل حسب فهمه لها لكن القاسم المشترك لهذه التعاريف أنها تجعل للنبي صلى الله عليه وسلم حقيقتين. فهدا وفيق سلطين يقول بأن الحقيقة المحمدية تقوم على:” الاعتقاد بأن النبي محمدا هو في حقيقته ليس بشرا، وإنما هو نور أزلي أبدي في ظهر آدم وصار ينتقل في الأنبياء من بعده حتى ظهر بصورة النبي محمد”(8).
ويرى الدكتور عبد الله بنصر العلوي أن الحقيقة المحمدية أساس الوجود يقول: ” وبذلك تكون الحقيقة المحمدية تجليا للذات الإلهية ويكون نورها أول الأنوار، فالحقيقة المحمدية أساس الوجود لولاها ما وسعت رحمته وجوه كل شيء،و لما فتق الغيب حتى ينطق العالم بلا إله إلا الله و لما أشرق نور العقل و لما نبتت أرض بور”.[9] و يبدو أن هذا التعريف يجعل النبي أصل كل شيء وأصل الموجودات لا فقط نورا أزليا ظهر مع خلق آدم أو قبله ولنوره سجدت الملائكة لما تشعشع في جبين آدم وإنما تجاوز ذلك ليقول بأن محمد صلى الله عليه وسلم أصل الكون.
وفي تناوله للحقيقة المحمدية يقول عاطف جودة نصر:” الحقيقة المحمدية عند الصوفية أول مخلوق لأن حقيقته كانت موجودة في الهباء وهو أول الخلق فلما تجلى الله بنوره إلى ذلك الهباء والعالم كله فيه بالقوة قبل منه كل شيء على حسب قربه من النور ولم يكن أحد أقرب إليه من حقيقته صلى الله عليه وسلم فكان مبدأ ظهور العالم وأول موجود ” ويضيف:” ومعنى ذلك أن الوجود الخارجي للنبوة وهو الوجود الفعلي الواقعي في العالم، مجرد مظهر لصورة هذا الوجود في العالم الإلهي القديم “(10).
ويمكن أن نجمع هذه التعاريف التي تدور في فلكين اثنين في نقطتين اثنتين وهما:
1- النبي محمد نور أزلي قديم وجد قبل الأكوان وقبل آدم عليه السلام ومن هذا النور انبثق الأنبياء.
2- كائن حي محدث وجد في زمان ومكان محددين.
وفي هذه النظرية تلتقي الشيعة بالصوفية حيث يعتبر أهل الشيعة أن محمدا صلى الله عليه وسلم نوراني. بل إن بعضهم أضاف فاطمة وعليا والحسن والحسين في قوله:” إن الله لما خلق آدم وسواه وعلمه أسماء كل شيء وعرضهم على الملائكة جعل محمد وعليا وفاطمة والحسن والحسين أشباحا خمسة في ظهور آدم. وكانت أنوارهم تضيء في الآفاق من السماوات الحجب الجنان والكرسي والعرش فأمروا مع الملائكة بالسجود تعظيما له لأنه قد فضله بأن جعله وعاء لتلك الأشباح التي قد عم أنوارها الآفاق فسجدوا إلا إبليس”(11).
ويعتقد الشيعة أن هذا الجوهر انتقل من محمد إلى علي كرم الله وجهه ثم إلى كل إمام من بعده.(12) وفي المقابل يعتقد المتصوفة أن هذا النور ينتقل إلى الأولياء فيسقطون صفاتهم ليستبدلوها بالصفات المحمدية ولذلك يتحقق لهم الكمال.
أما عن أول من قال بالحقيقة المحمدية فتذهب أغلب الدراسات إلى أن الحلاج هو أول من وضع أسسها، فالدكتور عبد الله بنصر يقول :” وقد أشار الحلاج إلى أن لمحمد حقيقتين” (13) وهو نفس ما ذهب إليه عبد الكريم قاسم سعيد الذي يرى بدوره أنه:” كان للحسين بن منصور الحلاج أكبر الأثر في وضع أساس هده النظرية ” (14). وهذا آخر يقول: ” يبدو أن نظرية الحقيقة المحمدية قد بدأت مند أن جهر الحلاج بأفكاره الصوفية الفلسفية…”(15).
في حين يرى الأستاذ وفيق سليطين أن أول من قال بالحقيقة المحمدية هو سهل التستري:” الذي وضع أول تصور متكامل لتقدم خلق نور محمد في الفكر الصوفي”(16) وإنما الحلاج-في نظرة- تلميذ التستري من أرسى دعائمها بل كان له الأثر في تحديث هذا التصور.
وسواء كان هذا أو ذاك فإن نظرية الحقيقة المحمدية قديمة قدم التصوف نفسه وتناولها أوائل المتصوفة و متأخروهم وعبروا عنها في كتاباتهم وأدبياتهم ولم يقصروا جهدا في ذلك بل كانت من بين الأسس التي انبنت عليها نظرياتهم الفلسفية. ولهذا فقد تغنوا بها في أشعارهم وذكروها في مناجاتهم وحببوها في تصلياتهم.
ثانيا: الحقيقة المحمدية في التراث الصوفي
سبقت الإشارة إلى أن نظرية الحقيقة المحمدية قد ابتدعت في القرن الثالث الهجري. وذلك، لما قلناه انطلاقا، من انتقال المتصوفة من الحب الإلهي الذي كان مع رابعة العدوية إلى الحب المحمدي. وحجة المتصوفة في هذه النظرية بعض الأحاديث النبوية استدلت بها معظم الدراسات التي تناولت وتحدثت عن الحقيقة المحمدية ومن بين هده الأحاديث ما روي عليه السلام قوله:” أول ما خلق الله نوري” وقوله” كنت نبيا وآدم بين الماء والطين” وغيرها من الأحاديث بنى عليها المتصوفة نظريتهم هذه.
والمهم أن الحلاج من الأوائل الذين قالوا بهذه النظرية كما سبقت الإشارة إلى ذلك فقد جعل للنبي محمد صلى الله عليه وسلم حقيقتين ” إحداهما قديمة وهي النور الأزلي الذي منه استمدت الأكوان كل علم وعرفان والأخرى حادثة وهي الرسالة المحمدية التي وجدت في زمان ومكان معين”.(17) وقد تحدث الحلاج عن هاتين الحقيقتين في كتابه الطواسين ومما قاله فيها:” أنوار النبوة من نوره برزت وأنوارهم من نوره ظهرت وليس في الأنوار نور أنور وأظهر وأقدم في القدم سوى نور صاحب الكرم.
همته سبقت الهمم ووجوده سبق العدم واسمه سبق القلم. لأنه كان قبل الأمم والشيم…هو سيد أهل البرية الذي اسمه أحمد ونعته أوحد وأمره أوكد وذاته أجود وصفاته أمجد وهمته أفرد..” (18) بعد هدا ينتقل لذكر صفاته ومعجزاته صلى الله عليه وسلم وبذلك يتحدث عن النبي الكائن الإنسان قائلا: ” بإرشاده أبصرت العيون و به عرفت السرائر والضمائر والحق أنطقه والدليل أصدقه … هو الذي أرسل إلى الأنام…”(19).
و واضح من النص الذي أوردناه أن النظرية الحلاجية تنادي بأن لرسول الله صلى الله عليه وسلم صورتين مختلفتين صورته نورا قديما كان قبل أن تكون الأكوان ومنه يستمد كل علم وعرفان ومصدر الخلق والموجودات ومن نورة ظهرت أنوار النبوات لتكون الصورة كاملة في سيدنا محمد خاتم الأنبياء وأول خلق الله أجمعين حتى إن لولاه ما طلعت شمس ولا قمر ولا نجوم ولا أنهار ولا عرف العبد ولا المولى… ثم صورته الثانية كائنا محدثا تعين وجوده في زمان ومكان محددين.
ولا شك كما يقول الدكتور محمد جلال شرف:” أن هذه النظرية إنما تؤدي إلى نظرية هامة تنادى بوحدة الأديان “(20) فالحلاج ينظر إلى أن “الأديان جميعها وجهات نظر إلى حقيقة واحدة”.(21) وبذلك الشعائر التي يقوم بها الناس إنما هي وسائط للوصول إلى الحقيقة الإلهية. فكما يقول أحد المتصوفة إن” الخلاف بين الأنبياء لم يكن إلا في المظهر الخارجي، أما في الحقيقة فإنه رسول واحد بعث إلى العالمين في أزمنة مختلفة وفي مظاهر جسمانية متباينة كي يعلن للناس إرادة الله وينبئهم بمشيئته”.(22) وبذلك تتضح نظرية الحقيقة المحمدية وعلاقتها بوحدة الأديان فمحمد هو النبي الذي يأتي في كل زمان منذ آدم عليه السلام بصورة مختلفة ولذلك فهو يأتي بنفس الرسالة.
وقد استمر الحديث عند المتصوفة في الحقيقة المحمدية في أدبياتهم وفلسفاتهم لكن حضورها لم يحض بكبير الاهتمام حتى أواخر القرن السادس الهجري حين بزغ نجم الشيخ محيي الدين بن عربي الحاتمي(23) الذي بلغ بالتصوف شأنه فكان ” أهم من قال بفكرة- الحقيقة المحمدية وجعل منها نظرية صوفية فلسفية في الوجود”(24) بل جعله بعض الدارسين أول من قال بهده النظرية (25) وهذا الحكم يدل على أن ابن عربي قد بلغ بنظرية الحقيقة المحمدية الذروة كما بلغه بالتصوف حتى لا يكاد يذكر التصوف إلا وذكر معه ابن عربي.
فهذه الفكرة من الأفكار المهمة التي يتصدى لها ابن عربي في ثنايا كتبه ورسائله وأشعاره. فهو يرى “أن الأنبياء ما منهم من أحد إلا يأخذ من مشكاة خاتم النبين.فهو يصرح بقدم النور المحمدي وهو المادة الأولية التي انطلق منها الأنبياء ومن تم الأولياء بعد ذلك بل إن الملائكة لم تسجد لآدم إلا بعد ما شعشعت أنوار الشموس المحمدية في أفق جبين آدم عليه السلام”(26).
وابن عربي إنما يفرق بين الكينونة المادية والكينونة الروحية لمحمد صلى الله عليه وسلم. فيعتبره في الكينونة المادية اسما لآدم عليه السلام بينما في الكينونة الروحية فهو النور الأزلي الذي بزغ منه آدم ورشف منه جميع الأنبياء. وبذلك تكون الكينونة الروحية قديمة والكينونة المادية محدثة. وقد أشار في أشعاره إلى هاتين الكينونتين ومن ذلك قوله: (من الكامل)
ورث النبي الهاشـمي محـمدا
عم المقامات الجسام عروجه
وبذلك أضحى في القـيامة سيدا
صلى عليه الله من رحمـوته
ومن أجله الروح المطهر أسجدا
لأبيه آدم والحــقائق نـوم
عن قولنا وعن اشتقاق قد هدى
فجوامع الكلم التي أسـماؤها
في آدم هي للمقرب أحمـدا(27)
فابن عربي في هذه الأبيات يشير إلى الكينونة المادية ويبدو ذلك في قوله: ” لأبيه آدم والحقائق نوم” فمحمد صلى الله عليه وسلم ابن آدم عليه السلام كباقي البشر.أما الكينونة الروحية فتظهر في كلامه”من أجله الروح المطهر أسجدا” إذ إن سجود الملائكة كما يقول وكما سبقت الإشارة إلى ذلك إنما لما تشعشع نور محمد في جبين آدم عليه السلام.
وكأني بابن عربي في هذا الكلام يجعل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم كدائرة نقطة بدايتها هي نفسها نقطة النهاية. فبه بدأ الله النبوة مع آدم-الكينونة الروحية- و به ختم الرسالات السماوية- الكينونة المادية- وهذا مدار الحقيقة المحمدية. ولهذا أشار بقوله ” فإن الأمر الإلهي دوري ولهذا لا يتناهى أمر الله في الأشياء”(28).
و يعترف ابن عربي تصريحا أن محمد صلى الله عليه وسلم إنما تطور من كينونته الروحية إلى الكينونة المادية بقوله: (طويل)
فنلت كمالاتي وتمت فضيلتي
وكل كمال في العوالم حزتـه
فكنت إذا ختما لكل نبـــوة(29)
وعموما يمكن إجمال نظرية الحقيقة المحمدية عند ابن عربي في ثلاث نقط أساسية:
1- أنه مبدأ الخلق وأصل الكون.
2- أنه الصورة الكاملة للإنسان الكامل
3- أنه المشكاة التي استقى منها جميع الأنبياء رسالاتهم ثم الأولياء من بعدهم.
فعن مبدأ الخلق وأصل الموجودات نجد قوله: ” بدء الخلق الهباء وأول موجود فيه الحقيقة المحمدية ولا أين يحصرها لعدم التحيز ومم وجد؟ من الحقيقة المعلومة التي لا تتصف بالوجود ولا بالعدم. وفيم وجد في الهباء… ولم وجد؟ لإظهار الحقائق الإلهية ” ويضيف:”… ثم إن سبحانه تجلى بنوره إلى ذلك الهباء… والعالم كله فيه بالقوة والصلاحية فقبل منه تعالى كل شيء في ذلك الهباء، على حسب قوة استعداده… فلم يكن أقرب إليه قبولا في ذلك الهباء إلا حقيقة محمد صلى الله عليه وسلم المسماة بالعقل مكان سيد العام بأسره وأول ظاهر في الوجود فكان وجوده من ذلك النور الإلهي ومن الهباء ومن الحقيقة الكلية، وفي الهباء وجد عينه وعين العالم من تجليه…”(30). يظهر من النص أن الله سبحانه وتعالى خلق النور المحمدي قبل كل شيء وخلق منه كل شيء فهو أول مرحلة من مراحل التنزيل الإلهي في صور الوجود فهو أول موجود في الكون ومن تجليه ظهر العالم ولذلك أشار العدلوني بقوله في معرض حديثه عن وظائف الحقيقة المحمدية: “أنها مبدأ خلق العالم، إذ هي النور الذي خلقه الله قبل كل شيء وخلق منه كل شيء”(31). فهو الذي تخيره الله من قبل آدم كما في قوله:
فلازلت منحدرا ترتقي[32].
أما فيما يتعلق بكونه الصورة الكاملة للإنسان الكامل الذي يجمع حقائق الوجود ولهذا يعتبر ابن عربي الحقيقة المحمدية منتهى غايات الكمال الإنساني(33) وقد عبر عن ذلك بقوله بأنه ” أكمل موجود في هذا النوع الإنساني ولهذا بدئ به الأمر وختم”(34).
ولا بد من تعريج لنتبين معنى الإنسان الكامل وعلاقته بالحقيقة المحمدية. فالإنسان الكامل هو الجامع لجميع العوالم الإلهية والكونية الجزئية والكلية وهو الواسطة بين الحق والخلق و به وبمرتبته يصل فيض الحق والمدد الذي سبب بقاء ما سوى الحق إلى العالم كله علوا و سفلا “(35). فالإنسان الكامل إذن هو الذي يربط بين العبد وربه وهو الذي يوصل رسالة الخالق إلى الخلق وقد يكون خليفة ربه في أرضه ولكنه ليس هو ” فلولا وجود هذا الإنسان لما كان لهذا العالم معنى ولما كان للخلق غاية فلما وجد هذا الكائن الكامل وجدت المعرفة بالله تعالى”(36) .
ولما كان هذا وذاك فإن هذا الإنسان لن يخرج على أن يكون كائنا طينيا لأنه سيكون صلة وصل بين الإنسان الحيوان (بقي البشر) وربه لكنه في نظر ابن عربي ومن معه أعظم الخلق مكانة. ولا ينحصر هذا الإنسان في الأنبياء باعتبارهم الواسطة بين العباد وخالقهم ولكنه” شمل بها الأولياء من المتصوفة فكان أن عد نفسه منهم”(37). وخاصة الأمة المحمدية التي خصها الله تعالى بذلك دون الأمم.
وبما أن محمد هو نبي هذه الأمة وأعلى الأنبياء منزلة فان الله سبحانه وتعالى قد خصه بالكمال” وظهر هذا الكمال في محمد صلى الله عليه وسلم”(38). وقد نظم ذلك شعرا فنجد له قوله:
فكنت إذا ختما لكل نبوة[39]
وهو خليفة الله في الأرض كما يظهر في قوله: (طويل)
حسود وقد دارت بتمكين مكنتي
وأودعت الأسماء عندي وحق لي
بأن تسمى عند ذا بالخلــيفة (40)
أما فيما يخص النقطة الثالثة فهي أصل الحقيقة المحمدية وهي التي تحدث عنها الحلاج من قبل وعنها يقول ابن عربي :” فكل نبي من لدن آدم إلى آخر نبي ما منهم أحد يأخذ إلا من مشكاة خاتم النبيئين وإن تأخر وجود طينته فإنه بحقيقته موجود وهو قوله صلى الله عليه وسلم” كنت نبيا وآدم بين الماء والطين” وغيره من الأنبياء ما كان نبيا إلا حين بعث”(41).
وهذا يرتبط بأزلية النور المحمدي وبأنه مبدأ الخلق مما سيؤدي بطبيعة الحال إلى وحدة الأديان كما هو الحال عند الحلاج. وعن ذلك يقول ابن عربي وهو يتحدث عن قدم النور المحمدي وعن أخد الأنبياء من مشكاته وما لذلك، من علاقة بوحدة الأديان: ” فمن زمن آدم عليه السلام إلى زمان بعث محمد صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة ملكه وتقدمه في الآخرة على جميع الرسل وسيادته فمنصوص على ذلك في الصحيح عنه. فروحانيته صلى الله عليه وسلم موجودة وروحانية كل نبي ورسول، فكان الإمداد يأتي إليهم من تلك الروح الظاهرة بما يظهرون به من الشرائع والعلوم في زمان وجودهم رسلا…”(42).
و لنختم حديثنا عن نظرية الحقيقة المحمدية عند ابن عربي بهذه الأبيات التي يتحدث فيها سيادة النبي محمد على باقي الأنبياء و عن أقدمية و جوده قائلا:
و آدم بين الماء والطين واقــف
فذاك الرسول الأبطحي محمـد
له في العلا مجد تليد طــارف
أتى بزمان السعد في أخر المدى
وكانت له في كل عصر مواقـف
أتى لانكسار الدهر يجبر صدعه
فأثنت عليه ألسن و عـــوارف
و إذا رام أمرا لا يكون خلافـه
وليس لذاك الأمر في الكون صارف[43]
ونحن نتحدث عن الحقيقة المحمدية عند كبار المتصوفة نسوق الحديث بعد ابن عربي إلى معاصره رائد الحب الإلهي الشاعر المتصوف عمر بن الفارض لنتبين كيف تناول هذه النظرية. ولا بد من نظرة موجزة عن المديح النبوي عند هذا الشاعر فهو الذي يرى أن كل مدح في هذا النبي يبقي مقصرا لأن الله سبحانه وتعالى قد أثنى عليه. أليس فيه نزل قوله ” وإنك لعلى خلق عظيم”(44). فماذا بقي للشعراء بعد هذا الثناء. يقول عمر بن الفارض: طويل.
وإن بالغ المثني عليه و أكـثرا
إذا الله أثنى بالذي هو أهلــه
عليه فما مقدار ما تمدح الورى (45)
وهكذا فإن تناوله للمديح النبوي في أشعاره قليل جدا حتى قال مصطفى حلمي” والمتأمل فيما خلف شاعرنا من الآثار الصوفية لا يكاد يقع على قصيدة بعينها يمكن أن تعد مدحا في الرسول بالمعنى الصحيح “(46). وهذا لأن شعر ابن الفارض رمزي غالبا ما يتوسل فيه بالرمز و التلميح و يبتعد عن التصريح. فلفظ الحبيب الذي يكثر من استعماله قد يعني به الحضرة الإلهية كما قد يعني به حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا ما ذكره شارح ديوانه في شرح الخمرية من أن ” الحبيب في هذه القصيدة عبارة عن حضرة الرسول عليه الصلاة والسلام”(47). وهذا الخلط وعدم الوضوح ما جعل الدارسون يحتارون في أمره ولذلك أشار مصطفى حلمي بقوله: ” لا نكاد نعثر على قصيدة برمتها يمكن أن يفهم ما ورد فيها على أن موضوعه هو هذا المدح ” (5) وكان يقصد المديح النبوي.
أما نظرية الحقيقة المحمدية فالمعروف أن ابن الفارض لم يتأثر بالمصطلحات الفلسفية الصوفية كالتي نجدها عند ابن عربي وذلك لأن هذا الأخير كان أعلم بالمذاهب الفلسفية وابن الفارض كان شاعرا يخضع ذاته لشاعريته.
ومع ذلك فقد استطاع ابن الفارض على الرغم من كون الشعر مجالا ضيقا للعبادة أن يقدم لنا نظرية الحقيقة المحمدية التي لم يذكرها صراحة بل ربطها بالقطبية التي وجدت منذ الأزل… فمادا يعني القطب عند المتصوفة؟.
يعرفه العدلوني بأنه:” رجل واحد هو موضع نظر الله تعالى من العالم في كل زمان، ويسمى بالغوث أيضا باعتبار التجاء الملهوف إليه وهو خلق على قلب محمد صلى الله عليه وسلم “(48) .
ويجعله مصطفي حلمي في معنيين :
أولهما: “أكمل إنسان متمكن في مقام الفردية وهو إنسان اختص بما لم يختص به غيره من الكمال في العلم والقدرة على التصرف”(49) . أما المعني الثاني فيرتبط بالقدم.إذ أن القطب لم يأخذ القطبية عن قطب سابق وبذلك يشير ضمنيا إلى الحقيقة المحمدية، يقول “…ولكنه واحد منذ القدم، لم يتقدم عليه قطب أخر، ولن يلحقه قطب أخر بهذا المعنى الذي لا يدل إلا على حقيقة واحدة وهي الحقيقة المحمدية…”(50).
وللمعنى الثاني يشير ابن الفارض بقوله: (طويل)
محيط والقطب مركز نقطة
ولا قطب قبلي عن ثلاث خلقــــته
وقطبية الأوتاد عن بدلـية (51)
هذه الأبيات يتضح أنه يتحدث عن الحقيقة المحمدية التي سماها بالقطب إذ يرى أن هذا الأخير – محمد لا قطب قبله وهو محيط الأقطاب ومركز نقطة بداية الخلق. و مركز النقطة التي انطلق منها النور النبوي ليصل إلى نفس النقطة وهي نقطة ختام الرسالة على يد نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم. فبدأ بنوره وختم باسمه وجسده ولنستمع لابن الفارض وهو يتحدث عن هذه الحقيقة متغنيا بها في تائيته المشهورة:
عنت عزيز بي حريص لرأفة
ومن عهد عهدي قبل عصر عناصري
إلى دار بعث قبل إنذار بعثة
إلي رسولا كنت مـني مرســــلا
و ذاتي بآياتي علي استدلت (52)
يؤكد في هذه الأبيات أن النبي محمد صلى عليه وسلم بعث قبل أي بعثة وهو ما يؤكد نورانيته الأزلية. وقد وصفه بما نعته رب العرش ” لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم “(53).
ويؤكد ابن الفارض قدم النور المحمدي وأن الأنبياء قد أخذوا من مشكاته قائلا:
فما ساد إلا داخل في عبـودتي
و لولاي لم يوجد وجود ولم يكن
شهود ولم تعهد عهود بذمــتي
فلا حـي إلا عن حياتي حياته
وطوع مرادي كل نفس مريـدة
و لا قائل بلفــظي مــحدث
ولا ناظر إلا بناظر مقـــلتي
ولا ناطق غـيري ولا ناظر ولا
سميع سوائي من جميع الخليقة(54)
الأنبياء آخذون من شريعته مستنيرون بنوره بل إن الوجود لولاه ما كان. فهو السابق إليه وكل الأرواح منه استمدت روحها كما يقول:
ترى حسنا في الكون من فيض طينتي (55)
ويؤكد ابن الفارض أن الأنبياء على اختلافهم إنما صدروا عن النور المحمدي واستمدوا شرائعهم من شريعته قائلا:
بدائرتي أو وارد من شريعتي (56)
وقوله :
به ملك يهدي الهدى بمشــيئتي
ولا قطر إلا حل من فيض ظاهري
به قطرة عنها السحائب سحت(57)
وإذا ما اعتبرنا أن الحبيب الذي ذكره في خمريته يقصد به الحضرة المحمدية فإننا نجد شاعرنا يتغنى فيها بالحقيقة المحمدية الأزلية فيقول:
ونور ولا حار وروح ولا جسم
فهو يشبه هذه الحقيقة بالخمرة الصافية ثم يقول في تقدم الروح المحمدي على كل الكائنات وعلى أن كل شيء عليه قائم.
قديما ولا شكل هناك ولا رسم
وقامت بها الأشياء ثم لحكـمه
بها احتجبت عن كل من له فهم
فخمر ولا كرم وآدم لـي أب
وكرم ولا خمر ولي أمــها أم
وقد وقع التفريق والكـل واحد
فأرواحنا خمر وأشباحـنا كرم
فلا قبلها قبل ولا بعــدها بعد
وقبلية الأبعاد فهي لــها ختم
وهكذا وبعد هذه الوقفة مع الحقيقة المحمدية عند هؤلاء الأعلام الثلاثة : الحلاج ابن عربي وابن الفارض نجد أن كلا منهم قد تغنى بها حسب طريقته فالحلاج يرى أن لمحمد حقيقتين نورانية أزلية وحقيقته الإنسانية أي روحانية وجدت قبل الأكوان وقبل الأنبياء ومنها استمدوا أنوارهم ونبوءاتهم ثم مادية وهي محمد الإنسان الذي وجد في زمان ومكان محددين.
وهي نفس الحقيقة التي تغنى بها ابن عربي الحاتمي إلا أنه ربطها بالإنسان الكامل وبفكرته الفلسفية ” وحدة الوجود” ولا يختلف عن الحلاج في أزلية النور المحمدي.
أما عمر بن الفارض فقد ربطها بالقطبية ولا يختلف عن سابقيه في أزلية النور المحمدي وقدم خلقه” وآدم بين الماء والطين” إلا أننا لم نجد له تصريحا بذلك.
و قد تغنى الشعراء بهذه الحقيقة متأثرين بمن سبقهم من المتصوفة كالسيد أحمد البدوي ( ت 675 هـ) الذي نقرأ له هذه الأبيات:
كنت غوثا في نطـــفة الآباء
أنا بحر بلا قرار وبـــــر
شرب العارفون من بعض مائي
سائر الأرض كلها تحت حكمي
وهي عندي كخردل في فلاء(58)
ويربطها صاحبنا بالغوث كما ربطها ابن الفارض بالقطب الذي تأثر به إبراهيم الدسوقي (ت676هـ) إذ ربطها بالقطب الذي ما قبله قطب سابق للوجود و به قامت الأنبياء:
فإن مدار الكل من حـول ذروتي
أنا شمس إشراق العقول ولم أفل
ولا غبت إلا عن قلوب عمـــية
و بي قامت الأنبياء وفي كل أمة
بمختلف الآراء والكل أمـــتي
نعم نشأتي في الحب من قبل آدم
وسري في الأكوان من قبل نشأتي
أنا كنت في العلياء مع نور أحمد
على الدرة البيضاء في خلوتي (59)
و قال مصطفى البكري الصديقي ( ت 1162هـ) من آهل دمشق , متغنيا بها:
من هو من كل الأنام أحمد
رسوله صفيه المقـــدم
لمن أراد قربه مـــقدم
بحر البحور نور كل النور
أول باد من تجلي النــور[60]
كما نجد عبد الكريم الجيلي وهو الذي استوت عنده نظرية الحقيقة المحمدية وربطها بالإنسان الكامل فهو يرى أن سيدنا محمد ” عبد الله ورسوله المعظم ونبيه المكرم وسابقه الأقدم وصراطه الأقوم مجلى مرآة الذات ومنتهى الأسماء والصفات، مهبط أنوار الجبروت ومنزل أسرار الملكوت ومجمع حقائق اللاهوت ومنبع دقائق الناسوت” (61).
كما تحدث عن هذه النظرية الشيخ أحمد علوان وتصوره لهذه النظرية يقترب من تصور الحلاج إذ يرى للنبي محمد صلى الله عليه وسلم صورتين مختلفتين ظاهرية وباطنية فهو كائن محدث من ناحية وأزلي من جهة أخرى(62).
وهكذا فإن المتصوفة تغنوا بنظرية الحقيقة المحمدية في أشعارهم وتطرقوا لها في فلسفاتهم ولم يختلفوا حول أزلية النور المحمدي الذي خلق و” آدم بين الماء والطين” في نظرهم إلا أن كل واحد من هؤلاء المتصوفة يحاول أن يربطها بنظريته وطريقته في التصوف.
خاتـمة
يبدو من تتبع شريط الحقيقة المحمدية في الدراسات الصوفية و عند المتصوفة أنفسهم أنها تأخذ تعاريف متعددة و ألوان كثيرة إلا أن القاسم المشترك بين كل هؤلاء هو اعتبار النبي محمد صلوات ربي عليه و سلامه أول مخلوق في الوجود ومنه انفلقت الأكوان و منه كذلك استقى باقي الأنبياء سر وجودهم فهو الإنسان الكامل و نور الوجود و سره.
المصادر والمراجع المعتمدة
1. ابن الفارض والحب الإلهي للدكتور محمد مصطفى حلمي الطبعة الثالثة دار المعارف
2. أبو سالم العياشي المتصوف الأديب للدكتور عبد الله بنصر العلوي منشورات وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية 1998
3. التجديد في دراسة علم التوحيد للدكتور محمد بنيعيش ط 1/2001 مطبعة الخليج العربي تطوان
4. التراث الثوري في البيت البكري جمع محمد إبراهيم محمد
5. دراسات في التصوف الإسلامي شخصيات ومذاهب للدكتور محمد جلال شرف دار النهضة العربية للطباعة والنشر بيروت ط 1984 6. الشعر الصوفي بين مفهومي الانفصال والتوحد لوفيق سلطين. مصر العربية للطباعة والنشر والتوزيع القاهرة الطبعة الأولى 1995
7. شعر عمر بن الفارض دراسة في فن الشعر الصوفي للدكتور عاطف جودة ناصر دار الأندلس للطباعة و النشر الطبعة الأولى 1986م
8. الصلة بين التصوف والتشيع للدكتور كامل مصطفى السبتي دار الأندلسي للطباعة والنشر والتوزيع
9. العلاقة بن الحقيقة المحمدية والإنسان الكامل عند الشاعر محيي الدين بن عربي – مقال للإستاد عبد المنعم عزيز النصر .مجلة دراسات مجلة 27 عدد2 سنة2000 10.العلاقة بين الحقيقة المحمدية والإنسان الكامل عند الشاعر محيي الدين ابن عربي”مقال لعبد المنعم عزيز النصر مجلة دراسات الأردنية مجلة 27 عدد2/2000
11.الفكر الصوفي في الكتاب والسنة لعبد الرحمن عبد الخالق مطبعة الفيصل.
12.قصة الحلاج و ما جرى له مع أهل بغداد تحقيق ودراسة سعيد عبد الفتاح ط 1
13. قضايا و إشكاليات التصوف عند أحمد بن علوان لعبد الكريم قاسم سعيد الطبعة الأولى مكتبة مراد صنعاء 1997م
14. قضايا وإشكاليات التصوف عند أحمد بن علوان لعبد الكريم قاسم سعيد الطبعة الأولى 1997 مكتبة مراد صنعاء
15. المجموعة النبهانية في المدائح النبوية ليوسف النبهاني دار الكتب العلمية بيروت الطبعة الأولى 1996
16.المعجم الصوفي للدكتورة سعاد الحكيم مطبعة دندرة للطباعة والنشر بيروت الطبعة الأولى 1981 17. معجم مصطلحات التصوف الفلسفي محمد العدلوني دار الثقافة الدار البيضاء الطبعة الأولى
18.النصوص في مصطلحات التصوف لمحمد غازي عرابي دار قتيبة للطباعة والنشر1985
الهوامش:
[1] لسان العرب مادة حقق
[2] – المعجم الصوفي للدكتورة سعاد الحكيم مطبعة دندرة للطباعة والنشر بيروت الطبعة الأولى 1981 ص 354)
[3] – نفسه ص 355 نقلا عن فصوص الحكم لابن عربي.
[4] – نفسه نقلا عن إنشاء الدوائر.
[5] المعجم الصوفي ص 348
[6] – النصوص في مصطلحات التصوف لمحمد غازي عرابي دار قتيبة للطباعة والنشر1985 ص 99
[7] – معجم مصطلحات التصوف الفلسفي محمد العدلوني دار الثقافة الدار البيضاء الطبعة الأولى
[8] – الشعر الصوفي بين مفهومي الانفصال والتوحد لوفيق سلطين. مصر العربية للطباعة والنشر والتوزيع القاهرة الطبعة الأولى 1995 ص 113
[9] – أبو سالم العياشي المتصوف الأديب للدكتور عبد الله بنصر العلوي منشورات وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية 1998 ص 249-250
[10] – شعر عمر بن الفارض دراسة في فن الشعر الصوفي للدكتور عاطف جودة ناصر دار الأندلس للطباعة و النشر الطبعة الأولى 1986م ص 204-205
[11] – الصلة بين التصوف والتشيع للدكتور كامل مصطفى السبتي دار الأندلسي للطباعة والنشر والتوزيع ج 1 ص 481 نقلا عن تفسير العسكري ولمزيد من الاطلاع على نظرية الحقيقة المحمدية بين الشيعة والصوفية ينظر في المرجع نفسه ص 478 و485
[12] – الشعر الصوفي بين التوحد والانفصال ص112
[13]- أبو سالم العياشي ص 247.
[14] – قضايا وإشكاليات التصوف عند أحمد بن علوان لعبد الكريم قاسم سعيد الطبعة الأولى 1997 مكتبة مراد صنعاء ص293
[15] – العلاقة بن الحقيقة المحمدية والإنسان الكامل عند الشاعر محيي الدين بن عربي – مقال للإستاد عبد المنعم عزيز النصر .مجلة دراسات مجلة 27 عدد2 سنة2000 ص 373
[16] – الشعر الصوفي بين الانفصال والتوحد ص 113-114
[17] – أبو سالم العياشي الأدب المتصوف ص 247
[18] – مقتطف من كتاب الطواسين للحلاج ملحق منشور في كتاب قصة الحلاج و ما جرى له مع أهل بغداد تحقيق ودراسة سعيد عبد الفتاح ط 1 ص بين 112-114
[19] نفسه
[20] – دراسات في التصوف الإسلامي شخصيات ومذاهب للدكتور محمد جلال شرف دار النهضة العربية للطباعة والنشر بيروت ط 1984 ص 205
[21] – نفسه ص 206
[22]- شعر عمر بن الفارض – عاطف جودة نصر ص 206
[23] – لقد أثر بالحديث عن محيي الدين بن عربي في هدا المحور وإن كان ينتهي لأهل الغرب الإسلامي ولكن نظرا لما بلغه بالحقيقة المحمدية
[24] – مصطلحات الصوفية- للعدلوني ص 86
[25]- انظر الفكر الصوفي في الكتاب والسنة لعبد الرحمن عبد الخالق ص 105 وما بعدها يرى صاحب هذا الكتاب أن ابن عربي نقل هذه النظرية من الفلسفة القديمة إلى الفكر الصوفي واستبدل العقل الفعال عند الفلاسفة بما أسماه الحقيقة المحمدية. وفي حقيقة الأمر لم يكن ابن عربي أول من قال بهذه الفكرة كما هو واضح من هذا البحث.
[26] – ” العلاقة بين الحقيقة المحمدية والإنسان الكامل عند الشاعر محيي الدين ابن عربي”مقال لعبد المنعم عزيز النصر مجلة دراسات الأردنية مجلة 27 عدد2/2000 ص 375
[27]- الأبيات مأخوذة من المقال السالف الذكر ص : 376
[28] – نفس المقال السابق ص 376 نقلا عن السفر الرابع من الفتوحات المكية
[29]- نفسه ص 377
[30] – المعجم الصوفي ص 348-349 نقلا عن الفتوحات المكية.
[31] – مصطلحات الصوفية العدلوني ص87
[32]- المجموعة النبهانية في المدائح النبوية ليوسف النبهاني دار الكتب العلمية بيروت الطبعة الأولى 1996 م ص378
[33] – المعجم الصوفي ص 348
[34] – قضايا وإشكالات التصوف عن أحمد علوان ص 293 نقلا فصوص الحكم.
[35] – مصطلحات الصوفية العدلوني ص 36
[36] – العلاقة بين الحقيقة المحمدية والإنسان الكامل ص 277
[37] – نفسه والصفحة نفسها.
[38] – نفسه ص 380 نقلا عن السفر التاسع من الفتوحات المكية
[39] – نفسه ص 377
[40] – نفسه ص 377
[41] – المعجم الصوفي 349 نقلا عن فصوص الحكم.
[42] – التجديد في دراسة علم التوحيد للدكتور محمد بنيعيش ط 1/2001 مطبعة الخليج العربي تطوان ص 127 نقلا عن الجزء 1 من الفتوحات المكية
[43] – المجموعة النبهانية ج2 ص302
[44] – القلم الآية 4
[45] – المجموعة النبهانية ج 2 ص 113
[46] – ابن الفارض والحب الإلهي للدكتور محمد مصطفى حلمي الطبعة الثالثة دار المعارف ص 177
[47] – نفسه ص 178 نقلا عن شرح ديوان ابن الفارض
[48] – مصطلحات الصوفية ص 173
[49] – ابن الفارض والحب الإلهي ص 353
[50] – نفسه
[51] – نفسه ص 354
[52] – شعر عمر بن القارض ص 206
[53] – التوبة الآية 129
[54] – شعر عمر بن الفارض 207
[55] – ابن الفارض والحب الإلهي ص 355
[56] – نفسه
[57] – نفسه ص 364
[58] – الشعر الصوفي بين التوحد والانفصال ص 115
[59] – الشعر الصوفي بين التوحد والانفصال ص 122-123
[60] – التراث الثوري في البيت البكري جمع محمد إبراهيم محمد سالم ص 31
[61] – قضايا و إشكاليات التصوف عند أحمد بن علوان لعبد الكريم قاسم سعيد الطبعة الأولى مكتبة مراد صنعاء 1997م ص 294 نقلا عن الإنسان الكامل للجيلي.
[62] – لمزيد من الاطلاع على هذه النظرية عند أحمد علوان يرجع للمرجع السابق ص ما بين 293و 297