لماذا غيرتم صيغة الصلوات على رسول الله واستبدلتوها بصيغة ما تسموه بـ ( الصلوات الوصفية ) الم يعلمنا رسول الله كيف نصلي عليه ؟ هل يجوز ان نترك ما علمّنا رسول الله إلى ما نبتدع من عند أنفسنا ؟
الجواب :
أيها الأخ العزيز : إننا لم نغير الصلاة الإبراهيمية التي علمنا إياها رسول الله بل إننا أكثر الناس صلاة على رسول الله بهذه الصيغة الشريفة ولكننا نود ان نعلم جنابكم الكريم إن ورود صيغةٍ للصلوات على النبي لا يعني النهي عن غيرها ، مثال ذلك ان النبي علمنا سيد الاستغفار وهو اللهم أنت ربي لا اله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، ابوء لك بنعمتك علي وابوء بذنبي فاغفر لي فانه لا يغفر الذنوب إلا أنت (1).
فهذا لا يعني ان قولنا ( استغفر الله العظيم وأتوب إليه ) منهيٌ عنه .
ونرى ان الصحابة رضي الله عنهم قد فهموا من مثل هذه النصوص ان هذه الصيغ هي الأفضل ، ولم تكن مقيدةً إلا في مواطن التقييد كالصلاة ، اما غيرها فإنهم تصرفوا بحسب تلذذهم بالصلاة على نبينا محمد ، فقد ورد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ( إذا صليتم على رسول الله فأحسنوا الصلاة عليه فإنكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه ، قال : فقالوا له : فعلمنا ، قال : قولوا : اللهم اجعل صلاتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك إمام الخير وقائد الخير ورسول الرحمة اللهم أبعثه مقاما محمودا يغبطه به الأولون والآخرون اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد )(2).
يفهم من هذا الحديث ان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لم يذكر الصلاة الإبراهيمية وحدها بل سبقها بصيغة لم ترد عن رسول الله وانما صاغها من ذاته ، فهل ان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قد أحدث في الشرع ما ليس منه .
الواقع خلاف ذلك ، وإنما الخلل حاصل من ان عامة الناس لا يفرقون بين العبادات المقيدة والعبادات المطلقة ، ومن العبادات المطلقة : الصلاة على رسول الله ، لذلك نرى ان العلماء والصالحين من هذه الأمة قد تفننوا وأبدعوا في صيغ الصلاة على سيدنا محمد ، ومن ذلك ما ورد في كتاب الرسالة للإمام الشافعي رضي الله عنه حيث قال :(اللهم صل على سيدنا محمد كلما ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون [ وهذه صيغة لم ترد عن رسول الله) .
ونحن من جهتنا ندعوك أيها الأخ الكريم تكثر في الصلاة عن رسول الله بأي صيغة شئت فأنها أقرب القربات إلى الله تعالى بإجماع الأمة ، وإذا أردت ان تكون بمعية الله وملائكته فصل على رسول الله قال تعالى :اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (3).
——————————————————————————–
الهوامش :
[1] – صحيح البخاري – ج5 ص 2323
[2] – سنن ابن ماجه ج: 1 ص: 293 برقم 906
[3] – الأحزاب : 56 .