د.سعيد ابو الاسعاد
إن الصوفي الحقيقي يرى ربه بعين البصيرة .. يراه ربه في كل ما تقع عليه عينه أو تلمسه يده .. نعم يرى ربه ويشهد أثار قدرته فيهتف من أعماق قلبه الله .. الله .. لان القلوب المؤمنة حينما تشرق بأنوار اليقين تدرك إن وراء هذا الكون وجماله وتناسقه مبدعا قديرا وان هذا الكون وجماله وتناسقه مبدعا قديرا وان هذا العوالم الكونية لا تغفل لحظه عن تسبيح خالقها وان كل ذره في هذا الوجود الفسيح المترامي الإطراف تنطق بقدره الله ..
وان كل ذره في الكون عابده مسبحة ناطقه بوحدانية الله والصوفي حينما ينظر في أسرار الكون يلمس جوانب العظمة الالهيه وحينما يتدبر في صفحات الوجود ويتأمل حقائقه وخفاياه فيقول سبحان الله سبحان الله .. وحينما يرى البذور ينثرها الفلاح في الأرض ويسقيها بالماء فإذا هي تشق التربة وتنمو رويدا رويدا فيقول بلسان حاله ومقاله الله الله . والعارفون بالله عندما يشاهدون الإبداع الخارق والروعة البالغة التي تعجز العقول وتبهر الألباب يقولون ياربنا أنت الأول فليس قبلك شئ وأنت الباطن فليس دونك شئ ياربنا إن كل مافى الوجود دليل يدلنا عليك سبحانك سبحانك لا نحصى ثناء عليك .. وحينما ينظر أهل التحقيق إلى الرياح تقطع الاجاد والمسافات وتنهب الفضاء لاتسكن حتى تثور وهى تجرى مسخره بأمر الله فيتذكرون قوله تعالى ( وترى الجبال تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شئ انه خبير بما تفعلون ) وحينما يتأمل العارفون في مملكه الطير ويشاهدون بعيون بصائرهم الطيور المختلفة الأشكال والأحجام تنتقل من مكان إلى مكان تحلق وتغرد وتترنم بذكر الله فيقولون الله الله – ويمكنني إن أقول في صفحه ( الأذواق والمشارب ) إن كل من يتأمل في خلق الله يجد عجبا عجابا في يملك إلا إن يقول سبحان الله … قال تعالى ( أو لم يروا الطير فوقهم صافات ويقبضن مايمسكهن إلا الرحمن انه بكل شئ بصير ) فالطيور كلها تسبح لله بلغتها وبلسان حالها وتقول : ( وحدوا ربكم .. وحدوا ربكم ) وحينما ينتقل أصحاب البصائر المشرقة إلى عالم النبات ويتجولون في رحاب ساحاته ويتأملون إشكاله وألوانه ويشاهدون غرائب وعجائب كمال صنعته وهنا يتوقف القلم .. وأقول إن في عالم النبات عجائب مازل العلم الحديث قاصرا عن اكتشافها والتعرف على أسرارها ومازال عاجزا عن إدراك حقائقها وسيظل العقل البشرى ذاهلا .. حائرا .. يردد لا اله إلا أنت سبحانك أنى كنت من الظالمين .
وحينما يتأمل أصحاب القلوب المشرقة في الورود المتفتحة وينظرون إلى نضارتها وجمالها وأشكالها وروائحها الفواحة وهى تزهر مع النسيم وتتفتح في ضوء القمر وتأخذ الأرض بها زينتها فإذا هي بهجة للنفوس وقره للعيون فيرى القلب المستنير فيها عظمه القدرة الالهيه قال تعالى ( وانزل لكم من السماء ماء فانبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم إن تنبتوا شجرها أإله مع الله ) ونحن إذا عمقنا النظر في زهره واحده وفكرنا في تنسيقها وأوراقها وتداخل خطوطها وجمال ألوانها لرأيناها تنطق بقدره الله .. فيقول القلب واللسان الله . الله وهكذا إذا نظرنا في الفواكه المتنوعة وطعومها المختلفة وألوانها المتعددة وهى تنمو في بقاع متلاصقة وتروى بماء واحد ويمر عليها نسيم واحد ثم يكون بعد ذلك منها الحلو مذاقه والمالح طعمه فنتذكر قوله تبارك وتعالى ( وفى الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزروع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل ) وفى هذا الوجود العجيب أسرار تذهل العقول وعجائب تدعو للتسليم بالقدرة المطلقة لذي الجلال والإكرام وما تملك كل العقول إلا إن نقول تبارك الله أحسن الخالقين وهكذا يعيش العارفون بالله في انس دائم وهم يشاهدون عظمه الله في كل شئ ويقولون ياربنا كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك .. ياربنا علمنا بك .. وعرفنا بك … وأقمنا بشهودك حتى لانرى غيرك ولا نحب سواك .. ونسألك اللهم إن تصلى وتسلم على الحبيب المحبوب سيدنا محمد وعلى اله وصحبه صلاه وسلاما يليقان بجنابة وعظيم قدره وان تجمعنا بهما عليه وتجعل صلاتنا مقبولة لديه انك سميع قريب مجيب يا رب العالمين.
_______
المصدر : مجلة التصوف الاسلامي .
http://www.eltsawofelislamy.com/index.html