لا تزال بعض الأجزاء من العالمين العربي والإسلامي تغلي كرد فعل ضد نشر رسوم مهينة بحق سيدنا محمد في الدنمارك والتي أعادت نشرها عدد من الدول الأوربية مثل فرنسا والمانيا ، ويبدو انه نتيجة للضغط الشعبي الإسلامي الذي سبق المواقف الرسمية حيث نزل الشارع منددا وطالب بالمقاطعة تحركت بعض القوى وأصدرت البيانات والاستنكارات ومن ثم عقدت المؤتمرات والندوات مطالبة بالاعتذار وعدم استباحة المقدسات الدينية تارة ومحاولة فتح قنوات للحوار مع الشعوب الغربية لتوضيح وجه نظر المسلمين حول محبتهم وتمسكهم بمقدساتهم تارة أخرى ، وما بين رافع لشعار المقاطعة الاقتصادية وبين ناظر للمسألة على انها خير للمسلمين بناءا على حادثة مماثلة وقعت فيها الإساءة إلى حضرة الرسول الأعظم حين اتهمت زوجه عائشة ، ونزل الذكر الحكيم في تبرئتها حين قال : إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ والتاريخ يعيد نفسه ، وجانب الخير هنا هو ان هذه الحركة الكبيرة التي شغلت العالم شعوبا وحكومات في محاولة للملمة المسألة وتداركها بحيث لا يمس مفهوم الحرية عند الغربيين والذي ينطلق من فصل تام بين الدين والدنيا وفي الوقت نفسه احترام مشاعر المسلمين الذين لا يستطيعون الفصل بين دينهم ودنياهم .
وقد أطلقت على صفحات الانترنت في هذه الفترة الوجيزة العديد من المواقع الرسمية وغير الرسمية وباللغات المختلفة للتعريف بحضرة الرسول الأعظم وبالرابطة القلبية بينه وبين المسلمين كما تبنت منظمات كبيرة مثل منظمة ( كير ) حملات كبرى لهذا الغرض ، وهناك الكثير من المشاريع والقوانين التي ينتظر إعلانها ليتقرر على أساسها نوع التقارب والتعارف واحترام الآخر على المستوى العالمي .
لا يستطيع احد ان ينكر ان هذه الإساءة أعطت إجابة صريحة لدعاة عولمة الدين والثقافة وان ذلك لن يكون بلا شروط ولا قيود ، وان خصوصية الحضارات لا يمكن محوها او تجاهلها ..
في خضم أمواج هذه الاساءه المعلنة والخير المرتقب ، نجد أنفسنا ملزمين بأن نطرح سؤالا يفرضه علينا واجبنا الديني وخلقنا الإسلامي وهو : الا يوجب هذا الظرف ان تتوحد جهود الصوفية – الذين اشتهروا بمحبتهم وعشقهم للحضرة المحمدية المطهرة – ليكون لهم صوت مسموع وكلمة واحدة أسوة بغيرهم من الدعاة الإسلاميين والمنظمات الأخلاقية والتنظيمات الرسمية .. الخ
نقرأ بيانا على صفحات الانترنت بعنوان ( بيان دعاة المسلمين ) جاء فيه ثمان بنود لخصت الوضع الحالي وسبل التعامل معه ، وقد وقع عليه أكثر من خمسين عالما وداعية من ذوي المناصب المرموقة في الدول العربية والإسلامية ، ونتساءل : لماذا لا يكون للصوفية رابطة او منظمة او مجمع صوفي عالمي ، يخاطب العالم ببيانات مشتركة ، ويكون له موقفه الواضح والصريح ازاء المخاطر التي تهدد العالمين الإسلامي والإنساني .
اننا إذ نطرح هذا التساؤل في هذه المرحلة الحرجة ندعو كافة شيوخ الطرق الصوفية ودعاتهم لحمل هذا الموضوع محمل الجد الذي يتناسب معه ، لسد الفراغ الذي بات واضحا للعيان قياسا لما ينبغي ان يكون عليه موقفهم ازاء هكذا حدث يمس شغاف القلوب ولب المعتقدات .