الباحث محمد غازي عرابي :
« أصل الشيء عدمه ، ووجوده وعدمه سيان ، لأن من وجد من لا شيء هو لا شيء . أما الأصل الماهي فهو قائم بالعدمية بمعنى ظهوره فيها . والماهية ضرورية لتقويم العدم ليصبح شبحاً أو صورة . ورد الصورة العيانية إلى الأصل الماهي ضروري ، كأن تقول : هذه التفاحة من شجرة تفاح ، وشجرة التفاح من بذرة تفاح ، وبذرة تفاح فيها الصفة التفاحية بالقوة . وهكذا انتهت البذرة التي في التفاحة إلى البذرة التي أنتجت التفاحة فكان المنتج نتاجاً ، فدخل الأول في الآخر ، فدار الزمان وساد العدم باعتبار عدمية الزمان . والأصل الوجودي قوامه فيه ، ظاهراً كان وباطناً لم يكن ، أو باطناً كان وظاهراً كان ، أو باطناً كان وظاهراً لم يكن . هذا باعتبار التفصيل والنظر في المقامات ، أما على الحقيقة فليس بين البذرة التي انتجت التفاحة والتفاحة التي انتجت البذرة من فارق وجودي حقيقي إلا في أعين الظواهريين الذين يبحثون عن العلل والمعلولات ويقولون : هل البيضة أنتجت الدجاجة أم الدجاجة أنتجت البيضة ؟ والرؤيا أخبرت عن الأمرين معاً . فالبذرة التي أنتجت التفاحة هي النور الفعال الذي تجلى باسمي محمد ، والتفاحة وهي النفس المنفعلة تمثلت في الفتاة نجوى التي نمت معها ، والسرير بدن ضمنا .
هذا على الحقيقة ، فالإنسان فاعل منفعل ، ناكح منكوح ، آمر مأمور ، داخل خارج ، لا هو شيء ولا هو لا شيء ، لا هو موجود ولا هو معدوم ، لا هو عين ولا هو لا عين . الإنسان ظهور فقط أصله عدم ، ومصيره عدم ، وحياته عدم ، والحي الوحيد الحقيقي هو خالق النور الفاعل الحق سبحانه . والعدم ظواهر وأشباح زمر إليهم بمن نظروا إلي من تحت قوس حجري ترابي في بناء قديم ، فاستحييت واستترت ، فما استتر على الحقيقة إلا الحق وما ظهر إلا هو فانظر واعتبر » .
_______
المصدر : ـ الباحث محمد غازي عرابي – علم الكشف – ص 126 – 127 .