كلمة السر المحمدية وغصن الشجرة السرمدية ، علم العارفين وزين العابدين ، وقرة عين المحبين .
اسمـه
علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب كرم الله وجهه.
لقبه
زين العابدين – لفرط عبادته .
علي الاصغر – تمييزاً عن أخيه علي الاكبر الذي استشهد في كربلاء .
ذو الخيرتين – فخيرته من العرب قريش ومن العجم فارس .
السجاد – لكثرة سجوده .
وذو الثفنات – لما كان في وجهه من أثر السجود .
كنيته
أبو الحسين – أبو محمد – أبو عبدالله .
ولادته
ولد عليه السلام في الكوفة سنة 38 هجرية .
أولاده
محمد الباقر – عبد الله الباهر – وهما من السيدة فاطمة بنت الحسن بن علي كرم الله وجهه . وزيد والحسن والحسين الأصغر وعبد الرحمن وسليمان . ومن بناته ، خديجة وفاطمة وعلية وأم كلثوم .
امـه
سلافة بنت يزدجر آخر ملوك الفرس ولقبها ( شهرناه ) وقد وقعت مع اختيين لها ضمن سبايا الفرس .
طريقته
الطريقة العلية أخذها من والده الحسين عليه السلام .
معاصريه
الشيخ الحسن البصري قدس الله سره ، وسالم بن عبدالله بن عمر ، والقاسم بن محمد بن ابي بكرالصديق والزهري والشعبي وابن سيرين .
مسكنه
المدينة المنورة .
حياته الروحية وتصوفه
لقد كان سليل بيت النبوة الإمام زين العابدين عليه السلام علم للعارفين ومناراً يهتدي به كل من قُدّرِ له ان يشم رائحة الحقيقة ومثالاً كاملاً يعلمنا مايجب ان يكون بين العبد وربه فقد كان مثال الخاشع المتبتل لربه والمحب الهائم به وكانت تأخذه عن نفسه جذبات يغيب فيها عن حسه وعن الدنيا كلها كما كان الحبيب المصطفى ﷺ يقول : ( لي مع الله ساعة لا يسعني فيها نبي مرسل ولا ملك مقرب ) أنه شوق النور إلى أصله وحنين الجزء إلى كله يفيض الحبيب إلى محبوبه ما شاء من العلوم والأسرار .
وقال في ذلك :-
ولأستحل رجال دينون دمــي
ومن حالاته الروحية الخاصة هذه ، أخترنا الشواهد التالية :-
– كان إذا توضأ أصفر وجهه ، فيقول له أهله ماهذا الذي يعتادك في الوضوء ؟
فيقول : أتدرون بين يدي من أقوم ؟ .
– وقرب إليه طهره مرة في وقت ورده فوضع يده في الاِناء ليتوضأ ثم رفع رأسه فنظر إلى السماء والقمر والكواكب فجعل يتفكر في خلقها حتى أصبح وأذن المؤذن ويده في الاناء ولم يشعر ؟ .
– وكان إذا قام في صلاته غشى لونه لون آخر … وكان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة ؟ .
– وقع حريق في بيته وهو ساجد، فجعلوا يقولون : يا ابن رسول الله النار يا ابن رسول الله النار، فما رفع رأسه حتى طفئت فما شعر بها.
ومن ناحية ثانية فقد كان لحياة الإمام الروحية جانب آخر من الحالات الخاصة وقد تجسدت من خلال علاقته مع أهله ومريديه وأصحابه بل وحتى مع حساده ومخالفيه وانها لتعكس بحق لكل ذي لب مدى صفاء مرآة هذا الإمام العظيم ومدى نقاء سريرته وطهارة نفسه المستفادة من نور جده الاعظم ﷺ .
لقد كان حضرة الإمام عليه السلام ملاذاً للفقراء والمحتاجين ، مراعياً لهم ومتسامحاً معهم ، نذكر من ذلك الشواهد التالية :-
– كان لا يأكل مع أمه في صفحة واحدة .
فيقول : أخشى ان تسبق يدي إلى ما سبقت عينها إليه ؟ .
– وكان يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل فيتصدق به .
ويقول : أن صدقة السر تطفىء غضب الربعز وجل … وكان إذا ناول الصدقة للسائل ، قبَّلَهُ ثم ناوله ؟.
وكان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين معاشهم ، فلما مات فقدوا ما كانوا يؤتون به في الليل ؟.
– تكلم فيه رجل وأفترى عليه .
فقال عليه السلام له : اِن كُنتُ كما قُلتَ فأستغفر الله واِن لم أكن كما قلت فالله يغفر لك ، فقبل رأسه .
وقال : جُعلت فداك ، لست كما قلت . فأغفر لي .
قال عليه السلام : غفر الله لك .
فقال الرجل : الله يعلم حيث يجعل رسالته ؟ .
– حج هشام بن عبد الملك قبل ان يلي الخلافة فأجتهد أن يستلم الحجر فلم يتمكن من ذلك لأزدحام الناس فلما جاء علي بن الحسين عليه السلام فوقف له الناس وتنحوا حتى أستلم الحجر .
فقال الناس لهشام : من هذا ؟
فقال وهو مغتاظاً : لا أعرفه . فتصدى له الفرزدق .
وقال :-
هذا الذي تعرف البطحاء وطأـته
وليس قولك من هذا ؟ بضائـره
إمامته لأهل الطريقة
لقد كان الإمام زين العابدين عليه السلام هو إمام الكل في الحقيقة ، والمربي الكامل لأهل الطريقة ، والوارث الروحي الذي ورث أباه السبط الشهيد وجده الإمام علي كرم الله وجهه في العلم والزهد والعبادة ، في الطريقة والحقيقة ومن خلال هذه الصفوة من السلسلة الذهبية ، استفاضت واستسقت منها معظم الطرق الصوفية ونال من نفحاتها المباركة الكثير من أهل الذوق والعرفان وأئمة التحقيق والإيقان .
وكان له أوراد يعلمها لمريديه ويرغبهم بالاقتباس من بركة أنوارها ليستعينوا بها على السلوك لطريق الله .
كان عارفاً بخفايا النفس وعلومها ومدارجها وكيفية مجاهدتها وتزكيتها وكان يعلم مريديه واتباعه سبل الارتقاء بها إلى معارج القدس .
وكان عليه السلام يأخذ بيد مريديه ليجتاز بهم عقبات الطريق والتي اعتبر الدنيا أول هذه العقبات وكان يحذرهم منها ومن فتنتها والركون لها ويكشف لهم عن أنيابها .
كراماته وبركاته
كرامات سيدنا زين العابدين عليه السلام ومنار المتقين ، كثيرة لا تعد ولا تحصى . كيف لا وقد قال الله فيهم: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) فكان لهم من الله ، التصريف والمشيئة ، في أنفسهم وفي غيرهم ، ولكنهم أختاروا التسليم والتفويض ووكلوا أمورهم لما يختاره الحبيب لهم أقتداء بحضرة المصطفى ﷺ حين قال : (أفلا أكون عبداً شكورا) ومن الشواهد على ذلك :-
– حمله عبد الملك بن مروان مقيداً من المدينة ووكل به من يحفظه فدخل عليه الإمام الزهري لوداعه فبكى .
وقال : وددت أني مكانك .
فقال : أتظن ذلك يكربني ؟
لو شئت لما كان وانه ليذكرني عذاب الله:: ت:: ثم أخرج رجليه من القيد ويديه من الغل ورماهما ثم أعادهما .
وكان عليه السلام صاحب علم رباني وكشوفات ظاهرة للعيان منها :-
– كتب عبد الملك إلى الحجاج بن يوسف .
أما بعد : فأنظر دماء بني عبد المطلب فأجتنبها فأني رأيت آل سفيان لما ولغوا بها لم يلبثوا إلا قليلا ، وبعثه إلى الحجاج سراً.
وقال له : أكتم ذلك فكوشف به الإمام زين العابدين عليه السلام حين كتابته ، فكتب إلى عبد الملك .
أما بعد : فأنك كتبت في يوم كذا من شهر كذا إلى الحجاج سراً في حقنا بني عبد المطلب بكذا وكذا وقد شكر الله لك ذلك وبعث به مع غلامه في يومه ، فلما وقف عبد الملك عليه ، وجد تاريخه موافقاً لتاريخ كتابته للحجاج ومخرج الغلام موافقاً لخروج رسوله للحجاج ، فسر لذلك وأرسل اليه مع غلامه بوقر راحلته دراهم وكسوة وسأله الدعاء .
انتقاله
انتقل الإمام زين العابدين عليه السلام إلى دار الحق والشهود عام (94) هجرية عن عمر (58) عام ودفن بالبقيع مع عمه الحسن عليه السلام .
المصادر :
– شذرات الذهب – ج1 – ص104 – 105 .
– تهذيب الاسماء واللغات – ج1 – ص343 .
– أهل البيت – توفيق أبو علم- ص424 – 425 .
– تاريخ اليعقوبي – ج1 – ص 303 .
– أضواء تاريخية على أسرة النبي وأهل البيت – ص 114.
– أسرة النبي وأهل البيت – محمد اسماعيل – ص115 .
– وفيات الاعيان – ج2 – ص431 .
– الطبقات الكبرى – الشعراني – ج1 – ص31 .
– الكواكب الدرية – المناوي- ج1 – ص139 140 .
– أهل البيت – توفيق أبو علم – ص426 .
– الكواكب الدرية – المناوي – ج1 – ص139 – 140 .
– حلية الأولياء – الاصبهاني – ج3 – ص135 – 137 .
– جمهرة الأولياء – محمود أبو الفيض – ج2 – ص71 .
– صفة الصفوة – ابن الجوزي – ج2 – ص70 .
– مكارم الاخلاق – ص134- ص183 – 185 .