في اللغة
« بَدَل – أبدال – بدلاء [ عند الصوفية ] :
- لقب يطلق على من يُفَوَّضُ إليه أمر أتباعه .
- وليٌّ من العُبَّاد المنقطعين إلى الله تعالى »(1) .
في القرآن الكريم
وردت مادة ( ب د ل ) في القرآن الكريم (44) مرة على اختلاف مشتقاتها ، منها قوله تعالى : نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبوقينَ . عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ في ما لا تَعْلَمونَ (2) .
في الاصطلاح الصوفي
الشيخ ذو النون المصري يقول : « الأبدال : هم قوم ذكروا الله بقلوبهم تعظيماً لربهم ، لمعرفتهم بجلاله ، فهم حجج الله تعالى على خلقه ، ألبسهم النور الساطع في محبته ، ورفع لهم أعلام الهداية إلى مواصلته ، وأقامهم مقام الأبطال لإرادته ، وأفرغ عليهم الصبر عن مخالفته ، وطهّر أبدانهم بمراقبته ، وطيبهم بطيب معاملته ، وكساهم حلالاً من نسيج مودته ، ووضع على رؤوسهم تيجان مسرته ، ثم أودع القلوب في ذخائر الغيوب فهي معلقة بمواصلته »(3) .
الشيخ فزازة الشامي يقول : « الأبدال : هم من أكلهم فاقة ، ونومهم غلبة ، وكلامهم ضرورة ، وصمتهم حكمة ، وعلمهم قدرة »(4) .
الشيخ أبو طالب المكي البدل : هو الذي يبدل بمعاني صفات الربوبية صفات العبودية ، وبأخلاق الشياطين أوصاف المؤمنين ، وبطبائع البهائم أوصاف الروحانيين (5) . ويقول : « الأبدال : من الموقنين ، ليسوا واقفين مع حفظ ، إنما هم قائمون بحافظ »(6).
الإمام القشيري الأبدال : هم غياث الخلق ، بهم يقيمهم ، وبهم يصرف الــبلاء عن قريبهم وعن قاصيهم (7) .
الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني الأبدال : هم الذين فنوا عن إرادتهم وبدّلت بإرادة الله تعالى ، فيريدون بإرادة الحق أبداً إلى الوفاة (8) .
يقول : « الأبدال : هم خواص الخواص »(9) .
ويقول : « الأبدال : هم المنكسرين القلوب لأجله ، الموحدين العارفين أرباب العلوم والعقل ، السادة الأمراء الشحن ، خفراء الخلق ، خلفاء الرحمن وأخلاءه ، وأعيانه ، وأحباءه عليهم السلام »(10) .
الشيخ نجم الدين الكبرى يقول : « الأبدال : هم أوتاد الأرض وأطوادها ، فأهل الأرض بهم يرزقون وبهم يمطرون . والأبدال قوم بهم يقيم الله الأرض ، وهم سبعون : أربعون بالشام ، وثلاثون بغيرها ، لا يموت أحدهم إلا يقام مكانه آخر من سائر الناس »(11) .
الشيخ الأكبر ابن عربي يقول : « الأبدال : وهم سبعة لا يزيدون ولا ينقصون ، يحفظ الله بهم الأقاليم السبعة ، لكل بدل فيه إقليم »(12) .
الشيخ علي بن محمد الشيرازي يقول : « الأبدال و البدلاء : هم الأربعون الذين تخلقوا بأخلاق الله ، أهل الإرادة والصلابة والإحسان على المسيء عليهم ، وأهل التجريد والتفريد والتفويض والتسليم ، وهم القائمون بإصلاح الأمور وحمل أثقالهم ، المتصرفون في حقوق الخلق بما أراد الله في الخلق ، لا يريدون إلا ما أراد الله ورضي الله عنهم لأنهم رضوا عنه ، وبذلوا الوجود للموجود الحق فأكرمهم الله تعالى بالكرامات الظاهرة وأيدهم بالأوصاف الكاملة »(13) .
الشيخ أحمد بن محمد بن عباد الشاذلي يقول : « الأبدال : هم سبعة رجال ، أهل فضل وكمال ، واستقامة واعتدال ، قد تخلصوا من الوهم والخبال »(14) .
الشيخ سليمان الخلوتي يقول : « البدل عند القوم واحد الأبدال ، وهم طائفة معلومة ، أصحاب وظائف في الكون ، وأول هذه الدرجة من بدل الله سيئاته حسنات »(15) . الإمام محمد ماضي أبي العزائم يقول : « الأبدال : هم الذين بدل الله مشاهدهم المقيدة بمشاهداته المقدسة »(16) ويقول : « البدل : هو أحد إثنين ، لأنه أما أن يكون :
- خزانة علم الأحكام الشرعية ، وهو أعلم أهل عصره بأحكام الشريعة ، الذي يرجع إليه العلماء ، فيكون بدلاً من أبدال الأئمة .
- وأما أن يكون خزانة علم بالله ، وبأيام الله ، وبأمراض النفوس وتزكيتها ، وهذا يكون أعلم أهل زمانه بطريق الله ، وسير السلف الصالح ، وأحوال أهل اليقين ، ويكون مرجع السالكين ، وهذا يسمى : ( البدل الروحاني ) ، لأنه يطهر النفوس من رعوناتها »(17) .
في اصطلاح الكسنـزان
للأبدال معنان : الأول : الأبدال بالمفهوم العام هم من يستطيع أن يبدل صورته أو صفاته ، وهؤلاء كثر لا يتميزون من غيرهم من الأولياء بشيء ، فكل من يصل إلى مرتبة الفناء في الله تعالى يستطيع أن يقول للشيء كن فيكون بإذن الله تعالى ، فلا يصعب عليه تبدل صورته أو التكثر في الأماكن ، لأن الأمر مرتبط بقدرة الله تعالى ، وهو قادر على كل شيء ، فيجري لأوليائه ما يشاؤون من أمور مادية أو روحية . الثاني : الأبدال بالمفهوم الخاص ، هم رجال الغيب الذين هم خارج حيطة غوث الزمان ، وهؤلاء لا علاقة لهم بعالم الملك وإنما علاقتهم بعالم الغيب ، وكل واحد منهم بمرتبة الغوث إلا انه لا ينبغي أن يظهر ويقوم بالخلافة الروحية العظمى في عالم الملك إلا واحد ، ولهذا اختصوا بالغيب المطلق ، ولكن إذا دعاهم الغوث الحاضر استجابوا لإرادته . وأعداد هؤلاء متغيرة من زمان لآخر .
___________________
الهوامش :
[1] – المعجم العربي الأساسي – ص 138، 139 .
[2] – الواقعة : 60 – 61 .
[3] – الشيخ ابن عربي – مخطوطة رسالة القدس في مناصحة النفس – ص 2 .
[4] – الشيخ أبو طالب المكي – قوت القلوب – ج 1 ص 39 .
[5] – المصدر نفسه – ج 1 ص 86 ( بتصرف ) .
[6] – المصدر نفسه – ج 1 ص 121 .
[7] – الإمام القشيري – تفسير لطائف الإشارات – ج 5 ص 129 ( بتصرف ) .
[8] – الشيخ عبد القادر الكيلاني – فتوح الغيب ( بهامش قلائد الجواهر للتادفي ) – ص 11 ( بتصرف ) .
[9] – الشيخ عبد القادر الكيلاني – الفتح الرباني والفيض الرحماني – ص 43 .
[10] – الشيخ عبد القادر الكيلاني – فتوح الغيب ( بهامش قلائد الجواهر للتادفي ) – ص 22 .
[11] – الشيخ إسماعيل حقي البروسوي – تفسير روح البيان – ج 5 ص 473 .
[12] – الشيخ ابن عربي – الفتوحات المكية – ج2 ص 7 .
[13] – الشيخ علي بن محمد الشيرازي – مخطوطة برقم ( 4722 ) – ص 55 .
[14] – الشيخ أحمد بن محمد بن عباد – مخطوطة الموارد الجلية في أمور الشاذلية – ص 19 .
[15] – الشيخ سليمان بن يونس الخلوتي – فيض الملك الحميد وفتح القدوس المجيد – ص135.
[16] – الإمام محمد ماضي أبي العزائم – شراب الأرواح – ص 97 .
[17] – الإمام محمد ماضي أبي العزائم – مذكرة المرشدين والمسترشدين – ص 27 – 73 .
المصدر : السيد الشيخ محمد الكسنزان الحسيني – موسوعة الكسنزان فيما اصطلح عليه اهل التصوف والعرفان _ ج3 مادة ( ب د ل ) .